وجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هيئة النزاهة باتخاذ الاجراءات القانونية والملاحقة الفورية بخصوص المعلومات التي عن تورط مسؤولين عراقيين كبار بصفقات فساد تتعلق بعقود نفطية خلال فترة الحكومات السابقة، فيما نأى وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني بنفسه عن تلك الفضيحة ونفى معرفته بالاسماء التي وردت في التقرير.

بغداد: أعلنت هيئة النزاهة، اليوم السبت، البدء بالتحقيق بشأن ما ورد في التقرير الذي أجراه موقع (فيرفاكس ميديا) الاسترالي وصحيفة (هافنغتون بوست) الاميركية بعنوان: "هكذا اشترى الغرب العراق"، وهو ما أطلق عليه أكبر فضيحة رشوة في العالم، ومتورط بها وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني ووزير النفط السابق كريم لعيبي ومسؤولين عراقيين اخرين، وانه اتهم أسماء بارزة فى الدولة بتسهيل بيع حصص من النفط لدول غربية عن طريق شركة "Unaoil" أو "أونا أويل"، المملوكة لرجل أعمال إيراني يدعى عطا إحساني بمقرها في إمارة موناكو.

وقالت الهيئة في بيان مقتضب تلقت "إيلاف" نسخة منه انها شرعت بـ"التحقيق بصدد ما ورد في تقرير وكالة فيرفاكس ميديا وهافنغتون بوست المتعلق بالعقود النفطية".

تحقيق شفاف

"إيلاف" حاولت التقصي بشان الإجراءات التي ستتخذها هيئة النزاهة بشان هذا الملف واتصلت برئيسها الدكتور حسن الياسري الذي قال: "نحن سنحقق بهذا الملف حتما وبدأنا اتصالاتنا وسنتخذ كل الإجراءات القانونية، وستسمعون بنتائج التحقيق وسيكون شفافاً".

وأضاف: "حتى لا يساء الفهم أود ان أوضح للجميع اني لست جزءا من "مستقلون" ولا اي حزب ولا أي كتلة سياسية، ربما الكفاءات تدخل الانتخابات في يوم ما مع تحالفات سياسية، لكني الان مستقل بقراراتي ولم ولن اسمح لاي تأثير يحصل على عمل هيئة النزاهة واجراءاتها القانونية تتم بشكل متجرد وان هذه القضية خطيرة وسنعمل على إنجازها بحيادية".

وذكّر الياسري بان واحدة من اهم ما حققته هيئة النزاهة هو "متابعة أموال المسؤولين وحساباتهم ، وفتح ملف الكسب غير المشروع وتضخم الأموال لأول مرة في تاريخ العراق، إضافة الى قرارات منع السفر بحق مسؤولين كبار في المسؤولية وإحالة مسؤولين كبار الى القضاء بينهم نواب وزراء".

إجراءات فورية 

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي وجه، اليوم السبت، هيئة النزاهة باتخاذ الاجراءات القانونية بشأن هذا الملف، فيما طالب القضاء بالقيام بالملاحقات القضائية الفورية.

وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء اطلعت عليه "إيلاف" ان رئيس الوزراء "وجه هيئة النزاهة باتخاذ الاجراءات القانونية ويدعو القضاء الى القيام بالملاحقات القضائية الفورية بخصوص التحقيقات الصحفية الخطيرة من قبل (فيرفاكس ميديا) و (هوفينغتن بوست) التي كشفت عن تورط مسؤولين عراقيين كبار في الدولة في صفقات فساد ورشاوى تتعلق بعقود نفطية خلال فترة الحكومات السابقة".

الشهرستاني ينفي 

إلى ذلك، دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي حسين الشهرستاني، المتهم الأبرز في هذا الملف، رئاسة الوزراء وهيئة النزاهة ووزارة النفط والحكومة العراقية الى فتح تحقيق في هذا الملف، مطالبا في الوقت نفسه الموقعين بتزويد الحكومة بكل ما لديها من مستمسكات ووثائق وأدلة ليتسنى لها محاسبة المفسدين، فيما دعا ايضا الى مقاضاة تلك الجهات في حال ثبت عدم صحة المعلومات الواردة في التقرير الذي نشرته.

واعتبر الشهرستاني ان عقود جولات التراخيص النفطية بأنها من "أنظف العقود وأكثرها شفافية" في العالم، ودعا الى كشف كل حساباته ومعرفة أمواله.

وقال الشهرستاني في مؤتمر صحافي عقده في مبنى الوزارة، إن "عقود جولات التراخيص النفطية من أنظف العقود وأكثرها شفافية في العالم"، موضحا أنه "لم يكن فيها حالات فساد ولم يدعيّ احد بها"، واضاف "أنا شديد بوزاراتي ولا اسمح بأي حالات فساد".

الشهرستاني اكد أن الحكومة العراقية ليس لديها أي عقد مع شركة "اونا اويل" كونها ثانوية وليست عالمية.

ونفى معرفته بالأسماء التي ذكرها تقرير الصحيفة الأجنبية وقال "ليس لدي أي صلة مباشرة أو غير مباشرة مع باسل الجراح واحمد الجبوري"، موضحا أن "حساباتي مفتوحة ومكشوفة وأقدمها سنويا لهيئة النزاهة".

وأضاف الشهرستاني، أن "شركة اون اويل ثانوية وليس لدينا أي عقد معها ونتعاقد مع شركات عالمية وهي تأتي بالشركات الثانوية لتوفير أمور أخرى".

وقال: "لا اعرف أي موظف من الأسماء التي ذكرت بالتقرير، والصحيفة مطلعة على رسائل الكترونية بين باسل الجراح واحمد الجبوري وأنا لست مطلعا حتى لو كانت الشركة دافعة رشوة لغيري".

وطالب وزير النفط الأسبق، الصحيفة بـ"تزويد الحكومة العراقية بالمعلومات، كما طالب الحكومة بفتح تحقيق بهذه القضية وإعادة المال العام للشعب"، ماضيا الى القول "أقدم على رفع دعوى على الصحيفة وما يهمني أكثر من سمعتي إذا كانت أموال مدفوعة الى موظف يجب ان يجرى تحقيق بهذا الأمر وكشفها للشعب العراقي".

إعادة كشف 

لجنة النفط والطاقة البرلمانية طالبت رئيس المجلس الاعلى لمكافحة الفساد رئيس الوزراء حيدر العبادي بوجوب عرض نتائج التحقيق أمام الرأي العام.

واكد عضو لجنة النفط والطاقة النائب عبد الحسين الموسوي في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب بحضور عدد من اعضاء اللجنة على "ضرورة كشف الالية التي كان يتم من خلالها بيع عقود ومناقصات النفط الى شركات الكبرى من خلال الوسطاء فضلا عن كشف شبكة التواصل الواسعة والمعقدة التي تنسحب داخل وزارة النفط"، مشيرا الى أنه "من المهم معرفة مصير الملايين من الدولارات التي صرفت كرشاوى للمسؤولين العراقيين خلال الفترة الممتدة مابين عام 2003 حتى عام 2014 وإمكانية وضع اليد عليها واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة".

وعرض التحقيق الصحفي الحصري لـ"فير فاكس" - أسماء المتورطين بفضيحة الفساد، وعلى رأسهم وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، وعدي القرشي أحد المسؤولين الكبار في شركة نفط الجنوب، وباسل الجراح الذي يعتبر حلقة الوصل بين المسؤولين العراقيين وشركة "unaoil" النفطية.

ومن الأسماء البارزة أيضا التى وردت بالتحقيق، اسم كل من: عبد الكريم لعيبي، وزير النفط العراقي في الحكومة السابقة، وضياء جعفر الموسوي، مدير شركة نفط الجنوب، وكفاح نعمان الذي تولى منصب مدير نفط الجنوب إبان حقبة وزير النفط ثامر الغضبان.

وفيما وصف التقرير الجراح بانه الوسيط فانه نعت الشهرستاني بالمعلم وقال ان كفاح نعمان مسؤول يساوي ذهب وذا قيمة عالية، اما ضياء الموسوي فقد لقب في المراسلات باسم المنارة، رغم ان التقرير قال سساخرا انه مسؤول لم يوف نصيبه من الرشى.

كما كشف عشرات الآلاف من الرسائل السرية بين الجراح وشركة "أونا أويل" تكشف الرشاوى التى دفعتها لمسؤولين كبار بالدولة العراقية للحصول على عقود نفط تقدر بمليارات الدولارات، لصالح شركات مالتي ناشيونال بأمريكا وبريطانيا وأنحاء من أوروبا وأستراليا.