كشفت "أوراق بنما" لائحة طويلة من أسماء الرؤساء والحكام والشركات من كل أنحاء العالم متورطة في غسيل أموال بطرائق مختلفة، والافادة من الملاذات الضريبية للتهرب من الضرائب.
&
لندن: ورد اسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في فضيحة «أوراق بنما» التي نشرها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، والتي تكشف تورطه من خلال والده الراحل ايان كاميرون الذي توفي عام 2010. وبحسب الاتحاد فإن كاميرون استعان بخدمات شركة "موساك فونسيكا" للمحاماة لحماية الصندوق الاستثماري الذي يملكه، بليرمور هولدنغز انك. وجاء في وثائق الصندوق انه يجب أن يدار ويمارس نشاطه بحيث لا يصبح مقيمًا في بريطانيا لأغراض تتعلق بالضرائب البريطانية. وامتنع ديفيد كاميرون عن الرد على طلب صحيفة "غارديان" التعليق على ورود اسم والده وصندوقه الاستثماري في أوراق بنما.

كما نشر الاتحاد اسماء ثلاثة من كبار السياسيين البريطانيين في حزب المحافظين، وردت في «أوراق بنما» المسربة. أدناه ما قاله الاتحاد عن كل منهم وردهم على ورود اسمائهم.

مايكل مايتس

سياسي محافظ عمل في البرلمان من 1974 إلى 2010، حين قرر عدم الترشيح ثانية. عمل ماتيس وزير دولة في وزارة شؤون ايرلندا الشمالية عامي 1992 و1993 لكنه استقال بعد أن تضررت سمعته بسبب وقوفه إلى جانب رجل الأعمال المفلس اسيل نادر الذي اتهم بارتكاب مخالفات مالية، وأُدين في صيف 2012 بسرقة نحو 46 مليون دولار. خلال التحقيق، ارسل مايتس ساعة إلى نادر نُقشت عليها عبارة "لا تدع الأوغاد ينالون منك".

قال مايتس إن الشركة ذات العلاقة بالقضية أُنشئت لبناء مجمع ترفيهي في جزيرة انتيغوا وباربودا الكاريبيبة. وإن صديقه طلب منه أن يصبح رئيس ادارة الشركة، وكانت استشارته تُطلب في شأن قضايا عدة، بينها كيفية التعامل مع حكومة انتيغوا التي تملك ارض المشروع.

قال انه رفض أن يتقاضى مكافآت إلى أن يُنجز المشروع، مؤكدًا أن أسهم الشركة لم تكن ذات قيمة.

&

مايكل آشكروفت

يعتبر مايكل آشكروفت من أغنياء بريطانيا أسس شركة أي دي تي الأمنية، ثم باعها مقابل مليارات الدولارات، ومستثمرًا استطاع أن يحول شركة تنظيف فاشلة إلى شركة مربحة، ومؤلف العديد من الكتب بينها كتاب مثير عن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وخبير استطلاعات أحدث ثورة في استطلاعات الرأي في بريطانيا.

لكن آشكروفت فجر قنبلة في عام 2012 عندما كشف أنه يتمتع بحماية من ضرائب الدخل البريطانية لأنه مقيم دائم في دولة بليز. وفي عام 2015 برز بوصفه مالك نسبة من الأسهم تضمن سيطرته على مصرفين يعملان في الخارج مع اميركيين يُشتبه بأنهما متهربان من الضرائب.

ورد الن كيلكني المتحدث باسم آشكروفت قائلاً إن الاشارة إلى تعامل لورد آشكروفت مع شركة موساك فونسيكا "كذب"، وإن "هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة والأحداث المذكورة لم تقع. والملفات التي تدعون انكم تستندون اليها في هذه الادعاءات لا وجود لها أو انها مزورة".

باميلا شاربلز

مُنحت البارونة باميلا شاربلز عضوية مجلس اللوردات مدى الحياة بعد اغتيال زوجها السير ريتشارد شاربلز حاكم جزيرة برمودا، وهي عضو في حزب المحافظين. في عام 2014، قالت لصحيفة ديلي ميل إنها أُجبرت على بيع منزل العائلة لتسديد رسوم الوفاة حين صدر قرار بأن زوجها لم يُقتل اثناء تأدية الواجب.

قالت شركة المحاماة التي تمثل شاربلز إنها اصبحت مديرة شركة نانزويل في عام 2000 وإن الشركة سُجلت في بريطانيا في ذلك العام وهي تدفع ضرائبها للحكومة البريطانية. وأُبلغ مجلس اللوردات أن شاربلز فاتها أن تذكر عملها مديرة لشركة نانزويل. هي لا تتقاضى مكافأة أو أي دخل أو رأس مال من الشركة. وابنها مدير ومالك أسهم في الشركة باسم صندوق وليس "على اساس شخصي".

صرح وزير الخارجية فيليب هاموند لبي بي سي قائلًا: "من المثير أن تُسرَّب معلومات كهذه لأنها تذكّر الناس بمن يضمرون شرًا وحجم الهشاشة والخطر الذي يعرضون أنفسهم له بالانخراط في نشاط كهذا".

أضاف أن قمة لمكافحة الارهاب ستُعقد في أيار (مايو) المقبل في لندن، وهي من المواد الأساس على جدول عمل كاميرون، وأن بريطانيا تعمل مع بلدان عديدة منها بنما، وانه عقد اجتماعًا مع نائب الرئيس البنمي قبل اسابيع قليلة على تسريب أوراق بنما.

الخوف الدائم

قال رئيس قسم مكافحة الاحتيال والتحقيقات في شركة ايرشيدس البريطانية الدولية للمحاماة نيل بلانديل لصحيفة ديلي تلغراف: "إن هذا مثال آخر على شخص يكشف استخدام ملاذات ضريبية أجنبية مثل بنما لارتكاب جريمة مثل التهرب من الضرائب أو غسيل الأموال".

أضاف أن اجهزة إنفاذ القانون الدولية يهمها أن تعرف إذا كانت هذه الاتهامات مسنودة بأدلة، وفي هذه الحالة من الأفراد والشركات الذين كانوا يلجأون إلى بنما لإخفاء أموالهم وتبييضها وتفادي القوانين التي تعاقبهم. وأكد بلانديل أن هذه اتهامات خطيرة، "واتخيل أن كثيرين سيخافون من طرق اجهزة إنفاذ القانون الدولية ابوابهم في الأشهر المقبلة".

تراكم المشكلات

ازدادت مشكلات الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما تفاقمًا بورود صفقة نفطية قيمتها ملايين الدولارات عُقدت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بمشاركة ابن اخيه المثير للجدل خولوبوسي زوما في اوراق بنما، كما افادت ديلي تلغراف في تقرير من مراسلها في افريقيا.

قالت الصحيفة إن زوما المعروف بحبه للسيارات السريعة والحياة الباذخة كان يمثل شركة كابريكات لمتد، إحدى شركتين مسجلتين في الخارج، تردد انها امتلكت حقولًا نفطية في جمهورية الكونغو الديمقراطية بأساليب مشبوهة.

وذكرت صحيفة ساوث أفريكا صندي أن زوما ضالع في صفقة ابن اخيه لتملك الحقول النفطية عام 2010. وتكشف اوراق بنما أن سلطات جزر فيرجن البريطانية أمرت شركة موساك فونسيكا للمحاماة أن تقدم معلومات عن زوما. وفي العام نفسه، قررت الشركة إنهاء علاقتها بزوما وشركة كابريكات. ونفى زوما والشركة الاتهامات بارتكاب مخالفات قانونية في هذه الصفقات النفطية.

وكان زوما ايضًا أحد المدراء المتهمين باختلاس المليارات من شركة تعدين امتلكوها متسببين في انهيارها وتسريح آلاف العمال.

رفع حصانة

قالت منظمة الشفافية الدولية في بريطانيا إن قمة ديفيد كاميرون المقبلة لمكافحة الفساد يجب أن تبدأ برفع الحصانة التي يتمتع بها أفراد ضالعون في قضايا فساد كبرى. قال مدير المنظمة التنفيذي في بريطانيا روبرت بارنغتون إن أوراق بنما تؤكد الأدلة المتوفرة من مصادر أخرى على أن نخبة العالم الفاسدة تستغل النظام المالي الدولي لتبييض ثرواتها المسروقة وحمايتها.

أضاف: "الحل الوحيد لوقف هذا الفساد الكبير هو تكاتف الحكومات والشركات وغيرها من الجهات ورفض المال القذر، وآن الأوان للكف عن غض الطرف عن صفقات شراء عقارات وبضائع فاخرة تعقد باسماء مجهولة، ورفض اصدار التأشيرات الاستثمارية من دون تدقيق، وإيجاد إطار قانوني مناسب لكشف تدفقات الأموال القذرة".

تحقيق سويدي

أعلنت هيئة الضرائب السويدية أنها تعتزم فتح تحقيق بشأن 400 إلى 500 مواطن سويدي وشركة سويدية وردت اسماؤهم في اوراق بنما المسربة.

لكن اندريس باك، رئيس وحدة التهرب من الضرائب في الهيئة، قال لصحيفة داغينز نهيتر السويدية إنه يشك في أن يكون العدد الحقيقي مرتفعًا إلى هذا الحد.

أضاف أن بعض المعلومات في أوراق بنما ربما تكون قديمة، ومن الجائز أن الهيئة اتخذت اجراءات ضد سويديين قبل ورود اسمائهم على القائمة، أو قدموا الكشوفات لاحقًا.

لم يفعل شيئًا

أفادت تقارير أن ستة لوردات وثلاثة نواب محافظين سابقين وعشرات من المانحين البريطانيين لتمويل الحزب هم بين السياسيين الذين اودعوا اموالهم في ملاذات ضريبية.

وطلبت السلطات الضريبية من الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين إطلاعها على نتائج تحقيقاتهم، وقالت انها ستتحرك "بسرعة" بحق من تثبت عليه مخالفات قانونية.

قال وزير المالية في حكومة الظل العمالية جون ماكدونيل إن كاميرون وعد ولم ينفذ الوعد بانهاء السرية الضريبية وملاحقة الملاذات الضريبية غير المقبولة اخلاقيًا في الخارج، والقيام بالتحرك الحقيقي المطلوب.

فشل جديد

واعلن زعيم حزب الأحرار المعارض تيم فارون أن كاميرون لم يفعل شيئًا لمكافحة الملاذات الضريبية رغم وعوده في هذا الشأن، كما لم يضمن أن تمارس المناطق الخاضعة للسيطرة البريطانية، مثل جزر كايمان والباهاماس وفيرجن، الشفافية التي يستحقها دافعو الضرائب. ونقلت ديلي تلغراف عن فارون قوله: "ان حكومة المحافظين فشلت مرة أخرى في التحرك إلى أن أجبرتها على ذلك فضيحة"، مقترحًا تشكيل لجنة مستقلة تحقق في ممارسات هذه الجزر وما تعرفه الحكومة، ولماذا لم تستخدم صلاحياتها لفرض أحكام الشفافية التي ادعت انها تدعمها في السابق بدلًا من انتظار مزيد من العناوين البارزة للفضيحة.

وقالت زعمية حزب الخضر ناتالي بينيت إن الضغط سيتزايد على كاميرون لإلغاء جميع الملاذات الضريبية البريطانية، بالارتباط بالقمة العالمية لمكافحة الارهاب التي ستعقد في لندن الشهر المقبل. واعلنت في تغريدة على تويتر: "اثرياء الـ 1 في المئة لم يلتزموا بقواعد اللعبة".

فضيحة اسكندنافية

صدرت صحيفة "اكسبريسن" النرويجية بعنوان رئيس: "مصرف نورديا في براثن فضيحة عملاقة ـ قائمة تمتد آثارها إلى بوتين"، إذ كشفت الوثائق المسربة أن مصرف نورديا الاسكندنافي من أكبر المتعاملين مع شركة موساك فونسيكا للمحاماة، حيث سجل 369 شركة واجهة لزبائنه من السويديين والدنماركيين، وورد اسم المصرف في 11 ألف وثيقة من الوثائق المسربة ليأتي بالمركز الحادي عشر على قائمة المصارف العالمية المتورطة. وترد في الوثائق اسماء 400 إلى 500 ثري سويدي أو شركات سويدية.

في ايسلندا، رئيس الوزراء سيغموندور غونلاوسن مدعو إلى الاستقالة واجراء انتخابات جديدة بعد أن وقع أكثر من 20 ألف ايسلندي على مذكرة ونُظمت تظاهرة خارج البرلمان.وكشفت أوراق بنما أن غونلاوسن كان يملك شركة ثم باعها في عام 2009 إلى زوجته مقابل دولار واحد، وكانت الشركة مسجلة في جزر فيرجن البريطانية. لكن غونلاوسن لم يكشف قط عن نشاطات الشركة، لا حين دخل البرلمان في عام 2009، ولا عندما اصبح رئيس وزراء في عام 2013.

حزب فرنسي كبير في اوراق بنما

كشف جيروم فينوغليو، مدير صحيفة لوموند الفرنسية، أن حزبًا سياسيًا فرنسيًا كبيرًا يظهر في أوراق بنما. وقالت صحيفة ديلي تلغراف إن اسم الحزب سيعلن في الساعات المقبلة.

وأكد مدير لوموند أن اسماء 1000 مواطن فرنسي ترد في أوراق بنما، بينها باتريك دراي وهو اسرائيلي ـ فرنسي يملك أغلبية أسهم شركة أس أف آر، من أكبر شركات الهاتف الخلوي في فرنسا. اضاف فينوغليو أن مصرف سوسيتيه جنرال يدير عشرات الشركات في ملاذات ضريبية.

14 ألف مصرف وشركة تعاملت مع موساك فونسيكا

تعاملت شركة موساك فونسيكا للمحاماة مع أكثر من 14 ألف مصرف وشركة محاماة ووسطاء لتأسيس شركات ومؤسسات وصناديق للزبائن في الخارج. وقالت استراليا إنها تحقق في نشاط أكثر من 800 ثري استرالي تعامل مع الشركة البنمية المثيرة للجدل بعد ورود اسمائهم في اوراق بنما. وتبين الاوراق أن موساك فونسيكا التفت على أجهزة الرقابة المالية الاسترالية، ومارست ضغطًا لمنع التوصل إلى عقد اتفاق بين الحكومة الاسترالية وجزيرة ساموا، التي تعتبر ملاذًا ضريبيًا آخر.

بوتين واصدقاؤه

كشفت أوراق بنما أن عازف التشيلو الروسي سيرغي رولدوغين كان الإسم الرئيس في امبراطورية مالية تدير مليارات الدولارات مرتبطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان رولدوغين، وهو مدير كونسرفتوار سانت بطرسبورغ ومايسترو مسرح مارينسكي، التقى بوتين في سبعينيات القرن الماضي، ويعتبر من اقرب اصدقائه.

وتشير الأوراق إلى أن رولدوغين يملك أرصدة كبيرة تُستخدم لفائدة شلة من أصدقاء بوتين. فهو يملك 12.5 في المئة من شركة فيديو انترناشونال، أكبر وكالة اعلانات روسية تزيد ايراداتها على 800 مليون جنيه استرليني سنويًا. كما يملك 3.2 في المئة من أسهم بنك روسيا.

تنفي مخالفة القانون

نفت شركة موساك فونسيكا للمحاماة بشدة مخالفة القانون، قائلة إنها التزمت دائمًا المواثيق والبروتوكولات الدولية والدقة في عملها.

واضافت موساك فونسيكا أن الشركات التي تؤسَّس في الخارج تُستخدم لجملة اغراض قانونية. وانها على امتداد 40 عامًا مارست عملها بكل نزاهة في بلدها بنما ومناطق أخرى لديها فروع فيها، وهي "لم تُتهم يومًا بالضلوع في أعمال اجرامية".

واكدت موساك فونسيكا أنها إذا اكتشفت نشاطًا مريبًا أو مخالفًا تسارع إلى إبلاغ السلطات عنه، وحين تقدم السلطات لها أدلة على حدوث مخالفات، فإنها تتعاون مع السلطات تعاونًا كاملًا.

72 رئيس دولة في الوثائق المسربة

تكشف أوراق بنما، التي حصل عليها الفريق الدولي للصحافيين الاستقصائيين من خادم شركة موساك فونسيكا للمحاماة، المختصة بتأسيس شركات في الخارج، عن ارتباط 72 رئيس دولة حالياً وسابقاً بنشاط مالي مريب، بينهم حكام دكتاتوريون متهمون بنهب شعوبهم.

كما تبين الأوراق أن حلقة من أصدقاء بوتين كانوا ينقلون ملايين الدولارات عبر شركات في الخارج.

وتبين الوثائق أن من زبائن شركة موسكاك فونسيكا 23 شخصًا فرضت عليهم عقوبات لدعمهم أنظمة قمعية في ايران وسوريا وكوريا الشمالية وزمبابوي، وكانت لديهم شركات في ملاذات ضريبية مختلفة. وتضم أوراق بنما اكثر من 11 مليون وثيقة مسربة وزعت على 107 مؤسسات إعلامية في انحاء العالم، بينها صحيفة غارديان وبي بي سي في بريطانيا ولوموند في فرنسا.
&