فيما تبحث الرئاسات العراقية الثلاث الأزمة السياسية اليوم في الوقت نفسه الذي يتوجّه فيه ممثلون عن النواب المعتصمين إلى النجف للقاء المرجعيات الشيعية، فإن إقالة رئاسة البرلمان تواجه السقوط، مع تمسك معظم الكتل بالمحاصصة السياسية والطائفية في توزيع المناصب، ورفض واشنطن وطهران الإقالة واعتبارها إجراءً غير شرعي.

بغداد: ستجتمع الرئاسات العراقية الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة الاحد في منزل الرئيس فؤاد معصوم لبحث آليات الاصلاح السياسي والحكومي، اضافة الى التشكيلة الحكومية المنتظر، وتحديد موعد لعرضها على مجلس النواب للتصويت، والمتوقع غدًا الاثنين.

من جهتهم، يتوجه وفد يمثل النواب المعتصمين اليوم ايضًا الى النجف، للبحث مع المرجعيات الشيعية تحركهم الهادف الى انهاء المحاصصة، كما يقولون. يذكر أن النواب المعتصمين صوّتوا على اقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري الخميس الماضي احتجاجًا على تأخير جلسة التصويت على التشكيلة الوزارية، التي قدمها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، داعين الى الخروج من المحاصصة الطائفية والسياسية. 

واشنطن وطهران ضد إقالة رئاسة البرلمان
وقد اتفقت مواقف واشنطن وطهران على رفض اقالة رئاسة البرلمان، وخاصة رئيسه سليم الجبوري، حيث اعتبرتا الاجراء غير شرعي، وأنه زاد الوضع السياسي تعقيدًا.

فخلال اجتماع عقده رئيس ائتلاف "متحدون" للاصلاح اسامة النجيفي مع برت ماكغورك الموفد الرئاسي للتحالف الدولي وستيوارت جونز السفير الأميركي في العراق، فقد وصف المسؤولان الاميركيان ما حدث في مجلس النواب بأنها عملية غير شرعية، وهي ضد الدستور والأنظمة، وأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يرفضان أي تغيير يتجاوز الأساليب الديمقراطية والدستور. 

وأشارا إلى أن أي تغيير يتم عبر تجاوز هذه المعايير يوفر لداعش مساحة يتنفس من خلالها، كما يضعف الجهود المبذولة للقضاء عليه، كما نقل عنهما بيان صحافي لمكتب النجيفي إطلعت "إيلاف" على نصه. 

كما نقل مكتب النجيفي عن السفير الايراني في بغداد حسن دانائي فر، بعد اجتماعه مع المسؤول العراقي، إشارته الى أن ما حصل في مجلس النواب عقد المشهد، ولم يراعِ الوضع الدستوري.

والليلة الماضية، قال رئيس البرلمان سليم الجبوري في كلمة له، "رأيت ان اؤجّل جلسات المجلس بشكل رسمي، وادعو كل الكتل السياسية والحكماء الحريصين على مستقبل العملية السياسية، الذي هو مستقبل العراق، الى ادامة الحوار خلال الايام المقبلة، والتوصل الى حلول تخرج البلاد من هذا الاختناق."

معارضة تغيير معصوم ومناصب الاكراد.. والسنة يؤكدون أن رئاسة البرلمان حصتهم
وفي وقت، اكد رئيس كتلة تحالف القوى العراقية النيابية احمد المساري، أن منصب رئيس مجلس النواب هو استحقاق المكون السني، مشددًا على التمسك بهذا المنصب، فإن الاكراد رفضوا أي تغيير في مناصب المسؤولين الاكراد.

وقال المساري، في حديث متلفز الليلة الماضية، "اننا متمسكون بمنصب رئيس البرلمان، وأية عملية تغيير يجب أن تحصل بتغيير قانوني".. مشيرًا الى وجود طلبات من النواب بتغيير الرئاسات الثلاث"، وموقفنا واضح، وندعو الى حضور جلسة موحدة، وأن يكون هناك تصويت على عملية التغيير، والعملية يجب ان تكون وفق الاطر الدستورية".

من جهتها، فقد أكدت الكتل الكردستانية أن أية محاولة تجري لتغيير أي موقع من دون العودة الى الكتل السياسية الممثلة للشعب الكردستاني هي نكوص عن روح الدستور والعملية السياسية وتعد أمراً مرفوضاً.

واوضحوا في بيان امس أن الشراكة الوطنية في العراق تقتضي عدم التجاوز على المناصب الدستورية والسياسية التي تعبّر عن مبادئ الشراكة والتوازن والاستحقاقات الدستورية للمكونات العراقية، وأن ذلك يعني نكوصًا عن روح الدستور والعملية السياسية والتعايش والشراكة الحقيقية، و"يعد أمراً مرفوضاً لن نسمح به، وسنقاطع أية عملية تجري بخلاف ذلك، ولن نسمح لأحد أن يضع نفسه بديلاً من كتلنا السياسية".

اضافة الى ذلك، فقد دعا زعيم ائتلاف العراقية اياد علاوي الى ابعاد رئاسة الجمهورية عن عملية التغيير، باعتبارها صمام أمان للمجتمع والحامية لدستور العراق.

ازاء هذه المواقف، فقد تساءل متابعون للازمة السياسية الحالية حول معنى الخروج من المحاصصة، التي تدعي الكتل والقوى السياسية ضرورة الخروج منها، فيما كل مكون متمسك بحصته في المناصب والمواقع الرسمية.. مشيرين الى ان هذا يؤكد تمسكها بالمحاصصة عمليا، والمناداة بالخروج منها نظريًا ربما لإرضاء المواطنين الغاضبين من ممارساتها.

الصدر يدعو إلى تقديم حكومة التكنوقراط للتصويت خلال 72 ساعة
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعا امس الرئاسات الثلاث الى عقد جلسة برلمانية وتقديم التشكيلة الوزارية المتصفة بالتكنوقراط المستقل من دون النظر الى أصوات المحاصصة المقيتة خلال مدة أقصاها 72 ساعة مع الابقاء على الاعتصام داخل البرلمان وبإسناد شعبي.

وقد استمر البرلمان العراقي منقسمًا بين اعضاء يؤيدون اقالة رئيسه السابق سليم الجبوري، وآخرين يعتبرون هذه الاقالة غير دستورية، ما يهدد بتصعيد الازمة السياسية في العراق، حيث يحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي مكافحة الفساد عبر تشكيل حكومة تكنوقراط.

وبدأت الازمة، التي دفعت بالنواب الى المطالبة باقالة الجبوري، اثر تعليق الاخير جلسة برلمانية كانت منعقدة الثلاثاء، بهدف التصويت على لائحة من 14 مرشحًا لعضوية الحكومة، قدمها العبادي، بعد التفاوض عليها مع رؤساء الكتل السياسية. ورفض عدد كبير من النواب التصويت على هذه التشكيلة، مطالبين بالعودة الى تشكيلة اولى، كان عرضها العبادي في 31 من الشهر الماضي، وتضمنت اسماء 16 مرشحًا من تكنوقراط ومستقلين فقط، لكنه اضطر الى تعديلها بضغط من الاحزاب السياسية، التي تتمسك بتقديم مرشحيها الى الحكومة.

وردًا على تعليق الجبوري للجلسة، اعتصم معارضوه في مقر مجلس النواب، وعقدوا جلسة ترأسها اكبر النواب سنًا عدنان الجنابي، واعلنوا اقالته بناء على طلب وقعه 174 نائبًا.

وقد ناشدت الأمم المتحدة الجمعة المسؤولين في العراق انهاء الازمة السياسية، التي تعوق تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط، محذرة من أن استمرار الازمة يهدد بإضعاف بغداد في حربها ضد تنظيم الدولة الاسلامية.