نصر المجالي: جاء اجتماع اللجنة العليا الإماراتية ـ القطرية في الدوحة إيذاناً بمرحلة جديدة من العلاقات التي ظلت متوترة لتسع سنوات بين البلدين الخليجيين الجارين، مما أوقف اجتماعات اللجنة طوال تلك الفترة.&

ومهدت زيارة وزير الخارجية القطري&محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لأبوظبي يوم الأربعاء الماضي حيث التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لفتح الطريق أمام استئناف مهمة اللجنة العليا المشتركة.&

كما كان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زار أبوظبي في آذار (مارس) الماضي، حيث أكدت محادثاته مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على التعاون مع الأشقاء في دول المجلس لدعم جهود العمل الخليجي المشترك بما يحقق الخير والتقدم والازدهار لشعوبها جميعاً، والتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة، انطلاقاً من إيمانها بوحدة التاريخ والهدف والمصير المشترك.

كما جرى خلال اللقاء تناول مجمل الأحداث والتطورات على الساحة العربية والإقليمية والدولية، واستعراض وجهات النظر والتشاور حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

عوامل التوتر

وكان التوتر هو السمة الغالبة على علاقات الإمارات مع دولة قطر على خلفية تناقض المواقف حول ملفات قضايا إقليمية كثيرة، وبلغ التوتر ذروته في شهر آذار (مارس) العام 2014، حين سحبت الإمارات سفيرها من الدوحة تزامناً مع سحب سفراء السعودية والبحرين.&

وبعد كل هذه السنوات من الفرقة بين الإمارات وقطر، وكانت قناة (الجزيرة) وجماعة (الإخوان المسلمين) عاملين أساسيين فيها، فضلا عن اتهامات بين العاصمتين بتدخلات في الشؤون الداخلية وما تبعه من اعتقالات لمواطنين للدولتين عند الآخرى، إضافة إلى تعارض مواقف أبوظبي والدوحة في ملفات تتعلق بدول الربيع العربي ومنها مصر وتونس وليبيا. فإن التصريحات التي صدرت عن وزيري الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عادت للحديث عن العلاقات التاريخية المتجذرة بين البلدين.

يذكر أن التوقيع على اتفاقية إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين الامارات وقطر تم في الدوحة في كانون الأول (ديسمبر) العام 1998، بهدف تنمية العلاقات وتطوير التعاون بين البلدين، ونظرا لتصاعد التوتر والشقاق في العلاقات توقفت اجتماعات اللجنة العليا عند الدورة الخامسة للجنة في أبوظبي في تموز (يوليو) العام 2007.&

لقاء الأمير&

وعلى هامش استئناف اجتماعات اللجنة العليا، استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم الاثنين وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والوفد المرافق له.
ونقل الشيخ عبدالله تحيات رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.&

ومن جهته، أعرب أمير قطر عن تمنياته لاجتماعات اللجنة الإماراتية القطرية المشتركة بالتوفيق والنجاح والخروج بنتائج تعزز التعاون وترسخ الروابط الوثيقة التي تجمع البلدين في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.&

وتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها إضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وإلى ذلك، أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي في&دولة الإمارات العربية المتحدة، أن اجتماعات اللجنة العليا القطرية الإماراتية المشتركة في دورتها السادسة جاءت مثمرة وناجحة وتم التأكيد خلالها على حرص البلدين على تعزيز علاقاتهما المشتركة واستمرار التنسيق بينهما في كافة القضايا الدولية محل الاهتمام المشترك.

اتفاقيات&

ومن جانبه، قال وزير الخارجية القطري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في ختام العليا المشتركة في دورتها السادسة إن الاجتماعات كانت مثمرة على مدى يومي انعقادها وتمخض عنها عدد من اتفاقيات التعاون التي تعزز ما يربط بين البلدين الشقيقين من علاقات.

وأشار إلى أن الجانبين وقعا خلال اجتماعات هذه الدورة على اتفاقيات في مجالات الثقافة وتنظيم المعارض والسياحة والشباب وفي مجال تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، معربا عن تطلعه لرؤية نتائج أعمال هذه الدورة على أرض الواقع وأن ترتقي لمستوى تطلعات الشعبين الشقيقين لتقوية هذه الأواصر وتعميقها.

وأوضح الوزير آل ثاني أن الحوار السياسي في اللجنة العليا كان جزءا من أعمال اللجنة وتم فيه تبادل وجهات النظر تجاه قضايا المنطقة.. مضيفا أنه جرت أيضا مباحثات بشأن علاقات البلدين في المنظمات الدولية واستمرار تبادل التنسيق بينهما في المحافل الدولية، معتبرا ذلك مسألة روتينية وإحدى المسلمات في علاقات البلدين الشقيقين.

وقال إنه بحث كذلك وبعمق أكبر القضايا الاقليمية في اللقاءات الثنائية مع سمو وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم تبادل وجهات النظر حيالها.

ليبيا&

وبشأن التنسيق القطري الإماراتي بخصوص الوضع في ليبيا، وهو موضوع خلافي بين البلدين، قال وزير الخارجية القطري: "إن البعض قد يتحدث في ما يخص الملف الليبي بأن هناك اختلافات في تقييم المشهد الليبي، ولكن يوجد تواصل مستمر مع الاشقاء في الإمارات وتنسيق في بعض التحركات، وسواء اتفقنا أو اختلفنا، إلا أن جميعنا متفق على وحدة واستقرار ليبيا".

ولفت إلى أن هذه هي الرؤية التي جمعت دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة للعمل لدعم الاستقرار في ليبيا والدفع بالعملية السياسية للمضي بها قدما هناك.

ونوه الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى أن الثورة الليبية التي قامت في العام 2011 هي ثورة شعبية، لكن كانت لها تبعات، وقال إن ذلك أمر طبيعي في كل الثورات الشعبية، لافتا إلى الخلافات القائمة بين الليبيين أنفسهم، مضيفا القول "نحن في قطر والدول التي لها علاقات بليبيا، نسعى لاستثمار هذه العلاقات في صالح الاستقرار هناك".

أكثر رسوخا

وشدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال المؤتمر الصحافي على حرص البلدين الشقيقين على الاستمرار في العمل معا لتطوير وتنمية العلاقات التي تربط بينهما والتي وصفها بالتاريخية والأخوية. وقال في هذا السياق "نحتاج في قطر وفي دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن نعمل سويا لننقل هذه العلاقات لمستقبل أكثر رسوخا وعمقا".

الطاقة المتجددة&

وأوضح وزير الخارجية الإماراتي أن من بين القضايا التي جرى التباحث بشأنها لدى استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني له مع الوفد المرافق موضوع الطاقة المتجددة والتعاون بين البلدين في هذا الجانب الذي يحظى بدعمهما.. مشيرا إلى وجود إمكانيات كبيرة لتطوير التعاون في هذا المجال خاصة في ظل انخفاض التكلفة وبروز ابتكارات جديدة. وقال إن مثال التعاون في هذا الجانب يبين إمكانية تنويع العلاقة بين البلدين.

وتطرق وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة لمذكرات التفاهم والاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها بين البلدين، مؤكدا في هذا السياق أهمية الاستفادة من الأطر القانونية السابقة والجديدة للعمل سويا من أجل فرص ومستقبل أفضل للبلدين.

وعبر عن أمله في أن يستمر العمل سويا بين دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة لأجل علاقة أفضل، مفيدة ومتطورة بينهما على جميع المستويات.

وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مجالات التعاون العديدة بين البلدين بما في ذلك التواصل الثنائي المستمر بينهما في ما يتعلق بالقضايا الدولية وتبادل وجهات النظر في هذا الخصوص وحول تحديات المنطقة التي قال إنه "لا يمكن عزلها عن مجمل التحديات التي نواجهها".

إشكالية&

وفي إجابة على سؤال يتعلق بالأوضاع في ليبيا، قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، "إن قطر والإمارات هما من بادرا بدعم الشعب الليبي عندما واجه القذافي سواء من خلال مجلس التعاون أو الجامعة العربية، فضلا عن مطالبتهما لمجلس الأمن بحماية الشعب الليبي".

ومضى الى القول: "لكننا دخلنا في إشكالية في ليبيا عندما تخلى المجتمع الدولي عن القضية الليبية قبل أن تستقر الأوضاع، بينما دخل الإخوة الليبيون من ناحيتهم في العملية السياسية بأسرع مما يلزم قبل استقرار الأوضاع وإيجاد أنظمة كفيلة بإنجاح المسيرة السياسية".

وختم الشيخ عبدالله بن زايد قائلا: إن هناك عملا مستمرا بين دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة للتواصل مع مختلف الأطياف الليبية لإيجاد البيئة المناسبة للعمل تحت مظلة حكومة الوفاق الوطني.