أفززت التفجيرات التي ضربت مناطق في بغداد خلافات متجذرة بين القوى السياسية العراقية، والتي بدأت مجددا على اثر الانهيار الأمني بتبادل الاتهامات، فيما هاجم التيار الصدري وزير الداخلية ومنظمة بدر.

بغداد: فتحت سلسلة التفجيرات التي ضربت مناطق متفرقة من العاصمة بغداد في يوم اربعاء دام الأبواب مرة ثانية امام خلافات متجذرة بين القوى السياسية العراقية، وفيما رئيس لجنة الامن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي على وزير الداخلية ومنظمة بدر وقال انه انتفض لحماية "القنفة" وترك الفقراء ضحية للقتل والإرهاب فان الأخير رد متهم التيار الصدري بالتضليل وان الناس تعرف من يعبث بامن الناس ويثير قلقهم بشكل يومي.

وقضى الأهالي في مدينة الصدر والكاظمية وحي العدل ليلة سوداء، لم تضيؤها سوى الشموع التي امتدت في مواقع الانفجارات، وفيما تظاهر المئات منهم، هرع بعض الشباب إلى المستشفيات للتبرع بالدم.

وأوقعت التفجيرات الثلاث، 80 قتيلا و162 جريحا سقط معضمهم في التفجير الدموي الذي ضرب سوق (عريبة) في مدينة الصدر، حيث لقي 54 مدنيًا، معظمهم من النساء والأطفال، مصرعهم وأصيب 104 اخرون.

الزاملي يهاجم&

وهاجم على اثر هذه الانهيار الأمني، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس النواب حاكم الزاملي وزير الداخلية محمد الغبان واتهمه بالتسبب في التفجيرات اثر التغييرات الأمنية غير المبرة في قيادات الشرطة والامريات التي لجأ اليها الغبان مؤخرا، وقال ان المتصدين للمشهد الأمني تركوا الفقراء ضحية للقتل والإرهاب وانتفضوا ليوفروا الامن لـ"القنفة".

الزاملي قال لـ"إيلاف" ان "الغبان انتفض لدخول المتظاهرين الى منطقة المفسدين وقلب الدنيا وجيش الجيوش وأمر بإطلاق النار على المتظاهرين المسالمين وكان الاجدر به ان يحافظ على أمن الفقراء وأمن الناس لا أمن كرسيه وأمن حزبه".

وأوضح ان وزير الداخلية جاء بـ"متورطين بالدماء العراقية مثل رائد شاكر جودت وعزيز الامارة ليعينهم في بغداد"، مشيرا الى ان "المتصدين للمشهد الامني تركوا الفقراء ضحية للقتل والإرهاب".

الزاملي قال متسائلا: "هل عادت هيبة الدولة وهيبة القنفة عندما سالت هذه الدماء .. دماء الفقراء في الكاظمية ومدينة الصدر والعدل؟".

الداخلية ترد&

وسرعان ما ردت وزارة الداخلية في بيان شديد اللهجة على اتهامات رئيس لجنة الامن النيابية حاكم الزاملي واتهمته بالتضليل والتشويش. وغمزت لناحية خطوات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالقول: "القاصي والداني يعرف من يعبث بامن الناس ويثير قلقهم بشكل يومي".

وقالت الوزارة في بيان عبر عن وجهة نظر وزيرها محمد الغبان واطلعت "ايلاف " على نسخة منه ان "هناك اصواتا لا تزال تمارس التضليل وتستغل مواقعها السياسية وخاصة في مجلس النواب لتشن حملات اعلامية ضد الاجهزة الامنية والعسكرية بدعوى الرقابة التشريعية". واعتبرت ان "دوافع هذا الهجوم المتكرر هو المناكفة السياسية والرغبة في استثمار الازمة التي تعيشها البلاد".

وغمزت لناحية دعوات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للخروج بتظاهرات مستمرة وقالت "يعرف القاصي والداني ان من يعبث بامن الناس ويثير قلقهم بشكل يومي ويضطر الاجهزة الامنية الى توظيف جزء كبير من مواردها لمواجهة احتمالات التدهور الامني هو من &يصر على خرق القوانين وتجاوز النظام والتهديد المستمر بالعنف".

وأكدت ان “الحرب مع الارهاب ستظل الشغل الشاغل للدولة واجهزتها الامنية والعسكرية يعاضدها في ذلك كل غيور وحريص على امن الوطن والمواطنين” موضحة بان "هذا يستدعي ان يكون ظهر الاجهزة الامنية غير مكشوف والجبهة الداخلية رصينة ومستقرة".

وخلصت الى القول "ان بلادنا تواجه تحديا خطيرا وليس من العقلانية بشيء استهداف الاجهزة الامنية والعسكرية ومهاجمتها بناءً على احقاد وثارات يفترض بمن يتحدث باسم الشعب ان يترفع عنها".

منظمة بدر لم تكتف برد وزير الداخلية محمد الغبان وهو احد قادتها، فقد صرح القيادي فيها محمد ناجي قائلا "ليقف الزاملي عند حدوده والا سيكون لنا موقفا اخر"، مضيفا "يعرف العراقيون من يتلاعب بمصير الناس ومن يتلاعب بالارقام وبالديمقراطية .. هل هذا هو الإصلاح حين يتلاعبون بالتصويت في مجلس النواب لان وزير مرشح يريد نواب التيار الصدري مروره ولم يحصل سوى على 50 صوتا وطالبوا بوجوب ان يمر والا سيقلبون عاليها سافلها".

المالكي يتهم&

رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي رأى ان "من ساهموا في ارباك الاوضاع السياسية يتحملون مسؤولية التفجيرات التي ضربت العاصمة بغداد". ومضى الى التأكيد إن "هذه الجريمة هي جزء من مسلسل الفتن التي يسعى الاٍرهاب الى اثارتها بين ابناء الوطن الواحد، مستغلين حالة عدم الاستقرار الذي تعاني منه البلاد بسبب المناكفات السياسية".

وفيما اعلن ادانته بشدة هذه الجريمة، فانه اكد قائلا "نحمل الذين ساهموا في ارباك الاوضاع السياسية وحاولوا الاستئثار والخروج عن السياقات الدستورية المسؤولية الكاملة"، وطالب "الجميع بترك الخلافات جانبا وإبعاد المؤسسة الأمنية عن المناكفات السياسية وتوحيد الجهود والوقوف صفا واحدا لتجاوز التحديات، وندعو الأجهزة الامنية وقوات الحشد الشعبي المقاوم إلى بذل قصارى الجهود لمنع القتلة من ارتكاب المزيد من الجرائم".

اخفاق العبادي&

إما ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي فقد حمل بشدة على رئيس الوزراء حيدر العبادي واتهمه بالاخفاق في حماية أهالي بغداد .وقالت ميسون الدملوجي المتحدثة الرسمية بأسم ائتلاف الوطنية "يدين ائتلاف الوطنية التفجيرات الارهابية التي طالت المدنيين الابرياء في مناطق مختلفة من بغداد".

وأضافت: "يحمل ائتلاف الوطنية المسؤولية بشكل كامل على القائد العام للقوات المسلحة لاخفاقه في حماية اهالي بغداد والمحافظات الكريمة الأخرى".

وكان رئيس الوزراء د.حيدر العبادي قد اجتمع بعيد الهجمات مع القادة الامنيين حول التفجيرات الارهابية في بغداد.

العبادي رأى ان سلسلة التفجيرات تلك هي محاولة من التنظيم لـ"تعويض خسائره"، وأمر السلطات بالتحقيق للكشف عن كيفية وقوع ما وصفها بـ"الخروق الأمنية." وقال: "من غير المسموح التراخي في مواجهة الإرهاب".

وأمر بـ"فتح تحقيق فوري لمعرفة الأسباب التي أدت الى حدوث هذه الخروق الأمنية والتشدد في محاسبة المقصرين،" مشددا على "تكثيف العمل الاستخباري لمنع الخلايا النائمة من التحرك داخل المدن والقيام بعمليات تفجير ضد المواطنين، إضافة الى ملاحقة الجماعات الإرهابية في أوكارها بالتضافر مع المعركة التي تخوضها القوات العراقية البطلة ضد إرهاب داعش".

المهندس يتوعد&

وتوعد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بما وصفه "رداً قاسياً" والبدء بهجمات في حزام بغداد ضد اهداف لتنظيم داعش.

وقال في بيان اطلعت عليه "إيلاف" انه "ثأرا لأرواح الشهداء في تفجيرات بغداد اليوم و التي راح ضحيتها العشرات بين شهيد و جريح تجدد قوات الحشد الشعبي عزمها القضاء على فلول داعش ودك كل وكر من الارهاب قريب من العاصمة الحبيبة بغداد".

ومضى الى التأكيد بإن "الرد سيكون قاسيا على هذه العصابات الاجرامية في جبهات القتال وبإن القضاء على (داعش) في المناطق التي تقع بالقرب من بغداد والتي ترسل السيارات المفخخة والانتحاريين من قبل ابنائكم في الحشد الشعبي بات قريبا جدا".

وخلص الى القول "نعدكم ونحن نشاهد الصور المؤلمة لاطفالنا ونسائنا وشبابنا وشيبتنا وجثامينهم الطاهرة ممزقة على الارض نعدكم لن تغفوا للحشد عين حتى تُصان كل المدن العراقية وان غدا لناظره قريب".

وادانت الولايات المتحدة الاميركية، الخميس، التفجيرات الدامية التي استهدفت امس الابرياء في عدد من مناطق بغداد، فيما اشارت الى ان تلك التفجيرات تذكير بالخطر القائم الذي يشكله "داعش" على العراقيين.

الخطر قائم&

وقالت السفارة الاميركية ببغداد، في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه: "ندين بشدة الهجمات الارهابية الوحشية التي حدثت أمس في العراق والتي أودت بحياة العشرات من الأشخاص وأصابة المئات منهم".

واضافت السفارة ان "الموجة الأخيرة من الهجمات التي نفذها داعش هي تذكير بالخطر القائم الذي يشكله هذا التنظيم على جميع العراقيين"، مشددة على ضرورة ان "يعمل القادة العراقيين من جميع الأطراف معاً لحل الخلافات بشكل سريع من اجل استمرار التقدم المحرز في هزيمة داعش".

وبعد يوم واحد من الأربعاء الدامي لقي ثلاثة من رجال الشرطة العراقية وسجينان مصرعهم وأصيب 14 اخرون بينهم مدنيون بجروح متفاوتة اثر هجوم إرهابي بالاحزامة الناسفة والأسلحة الرشاشة استهدف مركزا للشرطة في أبو غريب.