بغداد: دافع رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري عن وثيقة الشرف. وقال إنه يؤمن بها، كما أيّد فكرة تشكيل مشروع تكتل عابر للطائفية، طرحه رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم، وأكد أنه يحقق فكرة الموالاة وعدم الموالاة.

وأكد أن الأطراف السياسية ذهبت بعيدًا عن أساس المشكلة، وبدأت بالحديث عن مواطن نفوذ، وأن هذه الأزمة دفعت البعض إلى حديث عن استحقاقات وأمور وجدت مصلحة أن تفرضها الآن.

وأدناه نص الحوار:&

• هناك من يقول إنكم بتقديم استقالتكم يمكن أن تسهموا في التئام البرلمان، هل يمكن أن تختم فترة رئاستك بخدمة يذكرك فيها العراقيون، وأن تسهم في إنهاء حالة الانسداد السياسي؟&
في الوقت الذي جرت فيه الأزمة كانت الاستقالة في جيبي، وكنت مستعدًا لتقديمها، وأبلغت كتلتي النيابية بذلك، وكما أبلغت بعض السيدات والسادة من قوى أخرى في المجلس، الدور النيابي ليست شرطًا ممارسته من على منصة الرئاسة، بل من أي مكان، وعليه فإن ما أسند إليّ من مهمة حاولت قدر الإمكان تأديتها في ظل الظرف الصعب الذي نمر به، وهو أمر فيه من التوازنات ما تحتاج أن تمضي العجلة إلى الإمام من دون مشاكل، وعندما جاءت مبادرة رئيس الجمهورية قلت ليصوّت المجلس، أليست هذه هي الحالة الديمقراطية أن يصوّت المجلس بالقبول والرصاص أو عدم الرضا بالاستئناف أو عدم الاستئناف، وأن رأي المجموع هو ما يمكن أن نركن إليه ونقبل به.

لم تُقدم إليّ أي حتى اللحظة رؤية لما بعد ذلك، وحتى أستطيع أن أقتنع أن فكرة إبدال الرئاسة هي النقطة الأساسية في اصلاح ما يمكن التسويق إليه انه ثمة مشاكل موجودة، ومع ذلك كل الذين التقيت بهم، كنت اتحدث معهم انه لا خطوط حمراء امام أي حل يمكن ان الجأ اليه، ولكن وفقًا للمنطق القانون والدستور وحتى هذه اللحظة الحوارات قائمة.

الجبوري: اقتحام «الخضراء» عقّد المشهد

• عملتم على معالجة هذا الوضع.. هل كانت هناك أطراف قاطعتموها في الحوار للخروج من هذه الأزمة؟
ما كان من امري إلا ان اسلك كل السبل التي نعالج بها الوضع، ولم استثنِ من ذلك أحدًا لا باللقاءات ولا بالاتصالات، زرت نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون و اياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية و عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي و رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وكثيراً من القوى السياسية، في بغداد وحتى في أربيل. وما كان يحملنا هو البحث عن حلول لهذه الازمة الى ان تمخض مقترح رئيس الجمهورية بعقد جلسة برئاسة شخصية يتم اختيارها، وفعلاً تم اختيار سعدون الدليمي لرئاسة الجلسة، وجئت على هذا الأساس، وكما تعرفون أن تجري الجلسة بأن يتحدث النواب بما لديهم، وان اجيب انا، ويجري التصويت على ان أبقى أو لا أبقى، وكنت أتمنى أن يجري السيناريو على هذا الأساس، لكنّ هناك نوعًا من المغالبة، وبالطريقة التي ولدت انطباعًا بأن الامر ليس بالشكل الذي اتفقنا عليه.

• هناك من يرى أن هذه اللحظة اوصدت الأبواب على منافذ الحل؟
نعم البعض يعتقد ذلك، ولكن انا كنت اتواصل حتى مع الاخوة النواب المعتصمين، والذين باتوا لاحقًا يعرفون بجبهة الإصلاح، وكثير من شخصيات انا على تواصل معهم، وبعض الاخوة منهم غيورون وناضجون، ونبحث معاً عن حل لمصلحة مجلس النواب، طوال فترة 10 أيام كانت عمر تلك الازمة آنذاك، لم ادعُ انا الى عقد جلسة، ولا الاخوة معي في رئاسة المجلس، لأننا كنا نؤمن بأهمية ان لا نشق صف المجلس، وانه من الأهمية بمكان عقد جلسة شاملة، ولا يزال هذا منهجي، وهذا ما اكدت عليه في لقاءاتنا الأخيرة، سواء في بغداد أو في السليمانية هو ان ننهي هذا الخلاف وان نعقد جلسة شاملة.

• ما الجدوى من دعوة اللجان الى الانعقاد والبرلمان يعاني من حالة شلل، بل وانقسام الى حد ما؟
دعوتنا الى عقد اللجان للاجتماع، والعمل امر مهم، من شأنه ان يكسر حاجزًا نفسياً موجوداً، ومن ثم نهيّئ مستلزمات بناء المجلس وترميم الاضرار.

• ما هي كلفة الاضرار التي لحقت بالمجلس بعد اقتحامه من قبل المتظاهرين؟
كلفة الاضرار بعد دخول المتظاهرين التي هي بحاجة الى تصليح بالمجلس، وبحسب الوثائق، هو اكثر من ملياري دينار عراقي، كلفة تصليح منظومة الصوت والدائرة الالكترونية التي تم اتلافها، تبلغ وحدها ملياراً و800 مليون، وهذا وفقًا لتقديرات آراء المدراء العامين في مجلس النواب.

• ما حكاية صورة وقوفكم امام الاريكة البيضاء؟
ما حصل هناك من عَمِد الى تحريف الموضوع عن اصله واساسه وانتقل الى جزئية وتصويرها بأنها هي الكل، كما حرف دلالة الصورة ورمزيتها، انا توقفت امام الدم على (القنفة) الاريكة، وكان دماً غزيرًا، وليست قطرات، وهي إشكالية اكبر، وكنت أتساءل عن مصدره، وطلبنا من الأطراف الرسمية والتحقيقية لأخذ الـ(دي ان أي)، ويبدو أن التصوير الذي ظهر وعلاقة الدم بالسكين على المكتب كان فبركة وكذبًا، وما اردنا هو التأكد من مصدر هذا الدم، بالنسبة إليّ، وهذا راسخ في معتقداتي ان أرواح العراقيين ومصالحهم وحياتهم هي من تمثل الأساس بالنسبة إليّ.&

• ما هي الخطوة المقبلة بالنسبة اليكم وتحالف الكتل الكردستانية يرفض العودة الى بغداد في ظل هذه الظروف؟
ما نتمناه ان يحدد موقفه باتجاه اقرب للحضور، وكذلك الاخوة الذين لديهم اعتراض، وأعني بهم الاخوة في جبهة الإصلاح، هم شكلوا لجانًا للتفاوض، ونحن نرحب بهذا الجانب، حتى ننظر في الخطوة المقبلة التي نريد من خلالها أن يؤدي البرلمان دوره ومهمته، ونحن منفتحون لأي صيغة من صيغ الحل، التي تفضي إلى أن يؤدي البرلمان دوره التشريعي.

• هل انتم مستعدون للتفاوض مجددًا مع النواب المعتصمين في جبهة الإصلاح؟
الآن، لا نستطيع ان نسميهم معتصمين، انما هم معترضون، وهم تحدثوا عن تشكيل وفد حواري بهذا الخصوص، ونحن لا نرفض فكرة الحوار، بل نرحب بأي طريق نتلمس من خلاله حل المشكلة الموجودة في موافقته للمنطق والقانون، ونشكر كل الأطراف التي أسهمت في تقريب وجهات النظر، ولعبت دورًا إيجابياً في هذا الخصوص.

• ألا تعتقدون أن التفجيرات وانهيار الوضع الأمني تقتضي تجاوز هذه الخلافات وعودة التئام مجلس النواب بالشكل الذي يمكن من خلاله الوقوف على أسباب هذه التداعيات ومساءلة الجهات الأمنية المعنية؟

اعتقد اذا لم تكن هذه التفجيرات محفزة لنا حتى نلتئم، لا اظن أن هناك ما يستدعي بشكل أو بآخر أن نجتمع، لأن الدم العراقي هو اغلى من كل شيء بالنسبة الينا.

• هناك من يقول إن النظام السياسي الحالي سبب في الازمات القائمة.. هل لديكم نظام بديل من نظام المحاصصة القائم؟
ما تم طرحه من نظام للمحاصصة له ظروفه وملابساته، ولكن البديل الذي اتفقنا عليه هو اختيار الكفاءة وأصحاب الإمكانات والقدرة على إدارة المؤسسات وخصوصًا نحن في ظرف يستوجب منا معالجة العديد من الازمات الحالية، وبالتالي لا بد من إيجاد تلك الشخصيات، ولكن كيف يمكن أن نوازن بين ذلك وبين الشراكة التي تؤمن بها كل الكتل السياسية، وحتى تشعر بثقتها مع بعضها وقدرتها على إدارة الدولة وتحملها للمسؤولية، وهذا ما يجب بشكل واضح ان نبحث عنه، واعتقد ان الحل المثالي هو ان يتبوأ إدارة الوزارات والمؤسسات التنفيذية اشخاص اكفاء لديهم خبرة ومقدرة وشهادة تؤهلهم لأداء هذا الدور.

• هل تعتقد أن الحوارات الجانبية من دون وضع اجندة لنقاط الخلاف تجتمع عليها معظم الأطراف يمكن أن يحقق ذلك، وبالتالي الخروج من الازمة؟
من خلال حواراتي مع الأطراف السياسية، لا اشكك بنوايا كل الأطراف في ان تمضي العجلة الى الامام، وفعلاً أن يجري اصلاح للواقع الموجود، نعم يمكن ان تكون بعض الأطراف جعلت هذه الازمة فرصة للحديث عن استحقاقات وامور وجدت انه من المصلحة أن تفرضها الآن، ولكن أتلمس توجهات مشجعة لمعالجة المشكلة الراهنة وإيجاد استراتيجية لمعالجة المشاكل السابقة اذا ما تم طرحها بشكل واضح.

وفي لقاءاتي في كردستان مع الأحزاب الكردية الأربعة، تلمست ان لديهم مبدأ ثابتًا، وهو ان الموقف حيال القضايا في بغداد يجب ان يكون موحدًا، والبعض قال ان هناك إشكالية سياسية لا بد من معالجتها، والبعض قال انه لا بد من ضمانات امنية، وذهب البعض الاخر الى ضرورة التنسيق مع الأطراف السياسية.

• ولكن الا تعتقد أن الأطراف السياسية ذهبت بعيدًا بمصطلح الإصلاح، وصار الصراع حول المنافع والمكاسب الحزبية بعيدًا عن الإصلاحات الحقيقية؟
ما يؤسفنا ان بعض الأطراف السياسية ذهبت بعيدًا عن أساس المشكلة، وبدأت مجدداً بالحديث عن مواطن نفوذ وتمكين ومصالح تجاذبها اطراف عديدة بهذا الخصوص، ولكن في الحقيقة أن هناك فلسفتين كشفتهما هذه الازمة، الاولى قائمة على رغبة هذه الأطراف في أن يبقى لها وجود وحضور، وهذا ما اشارت اليه وثيقة الاتفاق السياسي لدى رئيس الجمهورية، وانا كنت من بين الموقعين ايمانًا بالشراكة، وهناك فلسفة أخرى تذهب الى تجاوز ما تم الاتفاق عليه، واعتقد في قناعتي أن الوقت لم يحن الان، لأن الامر بحاجة الى تهيئة.

• ما رأيكم بمضامين وثيقة الشرف.. ما لها وما عليها؟
وثيقة الاتفاق السياسي التي جرى التوقيع عليها في مكتب رئيس الجمهورية ما كانت تحمل اسم وثيقة الشرف، ولكن هكذا روّج لها، انا وقعت عليها ومؤمن بها، لانها تتضمن، فضلًا عن مبدأ شراكة الأطراف السياسية، ضرورة الإنجاز لتشريعات أساسية ومهمة ترتبط بالشارع العراقي وضرورة العمل على تنفيذ مطالب الإصلاح، ليس فقط في اطار الوزارات، بل الهيئات والوكالات، ورفض مبدأ إدارة الدولة بالوكالة بشكل واضح.

• ما موقفكم من مشروع تشكيل كتلة عابرة للطائفية، كما طرحت اطراف عدة، من بينها رئيس المجلس الإسلامي الأعلى&عمار الحكيم؟
أؤيد فكرة تشكيل المشروع العابر للطائفية الذي تم طرحه من قبل&عمار الحكيم بشكل واضح، ونؤمن به، ومن المهم جدًا خلال هذه المرحلة نمضي باتجاهه، لانه السبيل الذي يعصم ما يمر به العراق من ظروف صعبة، وبالتالي يحقق نوعًا من الوئام السياسي، ويمكن ان يحقق نوعًا من الغالبية السياسية، ويمكن أن يحقق فكرة الموالاة وعدم الموالاة، وهو يفضي الى حالة ديمقراطية يمكن أن نقبل عليها.

• هل فعلًا انكم أقمتم دعاوى قضائية ضد عدد من النواب بتهمة تخريب معدات القاعة الدستورية، وكذلك ضد عدد من المتظاهرين بتهمة اقتحام المجلس والعبث بموجوداته؟

في ما يتعلق بموضوع الدعوى، ليست هناك من دعاوى أو تحريك دعوى ضد أي من الشخصيات النيابية أو غيرها حتى هذه اللحظة، وانما اتبعت كل الإجراءات القانونية والقضائية، قام قاضي التحقيق بمهامه وتثبيت المستلزمات القانونية والقضائية من مسح البصمات وغيرها، ويبقى للمتضرر الحق في إقامة الدعوى، ونحن في المؤسسة حريصون على اتباع المسلك القانون والقضائي الذي يرد الاعتبار الى المتضرر.

• هل تكون الدعوات الى انتخابات مبكرة حلاً دستوريًا وسطيًا للازمة القائمة؟
هذا المشروع لم يكن غائبًا عن النقاشات، فكرة الانتخابات المبكرة لها مستلزماتها، لكن هناك عقبات ومشاكل تواجهنا وتقف حائلاً دون تنفيذها.