إيلاف من القاهرة: مازالت ردود الفعل الغاضبة تجاه الأعمال الإرهابية، التي استهدفت المدينة المنورة، ووقع أحدها بالقرب من المسجد النبوي في وقت الإفطار في شهر رمضان المعظم.&

وطالب عدد من علماء الأزهر الشريف بضرورة مراجعة،&أحمد الطيب شيخ الأزهر، لموقفه السابق برفض تكفير تنظيم "داعش" الإرهابي الذي أعلن مسؤوليته عن العملية، ليعلن مجددًا في فتوى رسمية تقول إن تلك الأعمال الإرهابية توجب خروج جميع أعضاء التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش" من ملة الإسلام وأصبحوا من الكفرة الفجرة.

رفض الأزهر تكفير داعش

منذ أن ظهر تنظيم "داعش" للعلن في العراق تزامناً مع الثورة في المحافظات السنية ضد حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ورغم ارتكاب التنظيم عمليات قتل وذبح وحرق بشعة للناس من مختلف الملل والجنسيات، يرفض الأزهر "تكفير" المنتسبين إليه، ويصفهم بـ"الخوارج" و"المفسدين في الأرض".

في 11 من ديسمبر 2014، أصدر الأزهر بيانًا رفض فيه تكفير تنظيم داعش، وأوضح أن "أفعال هؤلاء ليست أفعال أهل الإسلام، بل هي أفعال لا تصدر من مسلمين".

وفي 31 من ديسمبر 2014، خلال لقائه برؤساء تحرير صحف مصريّة، أكّد شيخ الأزهر أنه من الممكن قطع أيدي عناصر "داعش" وأرجلهم أو صلبهم "وهذه حدود الله في الخوارج"، ولكن لا يجوز تكفيرهم. وأثار هذا الموقف ضجّة كبيرة عندما تكرّر الأمر نفسه في بيان للأزهر، صدر بعد إعدام الطيّار الأردني معاذ الكساسبة بالحرق، ووصف فيه عناصر "داعش" بأنهم "بغاة، ومفسدون في الأرض، ويحاربون الله ورسوله".

وفي 3 من ديسمبر 2015، أصدر الأزهر بيانًا تعقيبًا على حديث الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر من عدم استطاعته تكفير داعش، جاء فيه أن "الإمام الأكبر أكد مرارًا أن "داعش" بغاةٌ مُحارِبون لله ورسوله ومفسدون في الأرض، ويجب على ولاة الأمور قتالهم ودحرهم وتخليص العالم من شرورهم، وحكم الشرع فيهم محددٌ في القرآن الكريم".

وأضاف أن "شيخ الأزهر كشف عن أن هؤلاء يزعمون ويدّعون زورًا وبهتانًا أنهم يحكمون بما أنزل الله ويكفِّرون الحكام والشعوب ويسعون في الأرض فسادًا، وهؤلاء حكمهم الشرعيّ حدّده الله في قوله تعالى: "إنما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا"، ولذلك فجزاؤهم حدّده القرآن بالقتل في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة".

علماء الأزهر يخالفون شيخها

بينما يرى علماء من الأزهر، أن أفعال داعش والمنتسبين إليه تستوجب الخروج من ملة الإسلام وتكفيرهم. وجدد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، موقفه المعلن من قبل بـ"تكفير" داعش. وقال لـ"إيلاف" إن "التنظيم ومن يتبعه خارجون عن الملة، مشيرًا إلى &أن "هناك دلائل من القرآن والسنة المحمدية، تؤكد كفر تلك الجماعة الإرهابية".

وتابع: رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال أيضاً في حقهم "سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرأون القرآن، لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة".

وأضاف: وذكر الله تعالى في سورة النحل: "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم".

ولفت إلى أن عناصر "داعش" استحلوا الدماء والأعراض واسترقوا الأحرار ونهبوا الأموال، منوهاً بأن كل ذلك يؤكد أنها جماعة مرتدة وخارجة عن صحيح الإسلام"، مطالبًا الأزهر الشريف بمراجعة نفسه مرة أخرى وتكفير هذا التنظيم، خاصة وبعد وصول فجرهم للمقدسات الإسلامية في السعودية.

توحيد المواقف&

ودشن أزهريون وصوفيون حملة لإخراج داعش وأمثاله من ملة الإسلام، وأطلق ائتلاف أئمة الأوقاف، حملة شعبية ودينية، وقال الشيخ محمود شعلان، عضو الإئتلاف، إنه يجب على جميع المسلمين في بقاع الأرض إعلان الجهاد ضد داعش، مشيراً إلى أنه لا يمكن السكوت عما تفعله تلك الجماعات بعدما وصل فجرهم إلى قتل المصلين بالمسجد النبوي الشريف.

وطالب جميع رؤساء وملوك الدول العربية والإسلامية التوحد ضد الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي ؛ لكونه خطرًا كبيرًا على وسطية الدين الإسلامي الذي كرس السلام والمحبة والمواطنة بين الناس.

وقال عبد الغني سعد، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن تنظيم داعش خالف ثوابت الإسلام.&

وأضاف لـ"إيلاف" أن هذا التنظيم استحل ارتكاب الحرام الذي نهى عنه الإسلام، وبالتالي فإن الحكم الشرعي تجاه أعضاء تلك الجماعة هو خروجهم من ملة الإسلام، بسبب إصرارهم على مواصلة نشر تشددهم الهادم.

ودعا سعد الأزهر الشريف إلى ضرورة مراجعة فتواه السابقة، خاصة وأن الاعتداء على المسجد النبوي يعتبر تغييرًا جوهريًا يترتب عليه صدور فتوى بتكفير "داعش"، حتى لا يستمر في الإساءة للإسلام أكثر من هذا.

تفجير الحرم النبوي.. صعّد المواقف ضد داعش&

وأعلنت مشايخ الطرق الصوفية في مصر، تنظيم حملة لمطالبة الأزهر بتكفير "داعش" عقب التفجيرات الأخيرة بالقرب من المسجد النبوي. وتساءل الشيخ علاء أبو العزائم، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية وشيخ الطريقة العزمية : "هل يصح أن نقول عن داعش أنهم مسلمون، بعد تورطهم في التفجيرات بجوار الحرم النبوي؟

وأضاف أن شيخ الأزهر من واقع مسؤوليته ووضعه في العالم الإسلامي مطالب بأن يصدر بيانًا يوضح فيه هوية هؤلاء الدواعش، وأنهم ليسوا بمسلمين حتى لا يغرر بهم أحد من المسلمين ويدخل في ظلمات أفكارهم الخبيثة الهدامة.

وأوضح لـ"إيلاف" أن &قول "لا إله إلا الله" تعصم قائلها وتحرم دمه وماله وعرضه، مضيفاً أن الله تعالى أمر أن نقاتل من بغى من المؤمنين فقد قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ).

ولفت إلى أن الإمام علي رضي الله عنه، قاتل الخوارج، مشيراً إلى أن كما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حقهم: "ليست صلاتكم إلى صلاتهم بشيء". وتابع: فما بالنا بهذا التنظيم الداعشي، وقد كشفت الأحداث والحقائق بأنهم مرتزقة وخونة لا دين لهم ولا وطن لهم &فكيف نقول عنهم انهم مسلمون؟