سمر عبد الملك من دبي: كان في حساب «بيروت إنستيتيوت» أن يعقد قمته الثانية في الرياض بين 15 و17 أكتوبر القادم، بالتعاون مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، لكن الدولة المضيفة أجّلت الموعد من دون الإعلان عن سبب موجب. تقول درغام: "من المؤسف أن القمة قد تأجلت. كنا نأمل أن تستضيف الرياض هذا الحدث الهام، الذي يجمع كبار الشخصيات وصناع القرار عربياً وعالمياً، إلى نساء ورجال الفكر من مختلف أنحاء العالم". تضيف: "القمة ستعقد بالطبع، وكلنا أمل أن تعيد الرياض تحديد موعد جديد لها قريباً". 

توكد درغام أن أسباباً منطقية لا شك قد دفعت الرياض إلى اتخاذ قرار التأجيل. ما هي هذه الأسباب؟ تجيب: "لم أبلغ بشيء حتى الساعة". تضيف: "كان من المنتظر أن تشكل القمة حدثاً فارقاً، خصوصاً أن الدعوات قد وجهت إلى أكثر من ثمانمئة شخصية عالمية لحضور هذا الحدث، وقد قبلت كل الدعوات بحماسة. كان يفترض بالإقبال على الحضور أن يكون كثيفاً».

التأجيل

تثمن درغام الدعم المعنوي والعملي الذي يقدمه الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عضو مجلس إدارة مؤسسة «بيروت انستيتيوت» والشريك في رئاسة قمة أبو ظبي، منذ نشوء المعهد، ومروراً بمسيرته عبر أبو ظبي ووصولاً إلى الرياض. تقول: «إننا فخورون جداً بهذه الشراكة». 

تقول درغام: «تحدثت مع كبار المسؤولين ولم ألمس وجود أي مشكلة لناحية عقد القمة في الرياض، ولا أتصور أن هناك أي مشكلة ما بين الدولة المضيفة وبيروت إنستيتيوت على الاطلاق". تضيف: «لم تظهر الرياض أي تردد في القبول باستضافة القمة في المراحل الأولى من التنسيق». 

لماذا إذاً أجلت القمة؟ تقول درغام: «لست في وضع يمكّنني من معرفة الدافع لعدم عقد القمة في موعدها. كل ما في وسعي أن أقوله إن الظروف كانت خارجة عن إرادتنا في بيروت انستيتيوت، ونقدر أن الدوافع التي أملت التأجيل منطقية، وكلنا أمل أن نبلغ بموعد آخر. وعسى خيراً». تضيف: «منذ بداية الإعداد للقمة لم نسمع أي اعتراض أو تشكيك، ولم نواجه بأي مشكلة قد تعوق انعقاد القمة إطلاقاً».

لم يحبط قرار التأجيل من عزيمة مؤسسة المعهد ورئيسته التنفيذية، التي تؤكد لـ «إيلاف» اعتزازها بالرياض، معتبرة أن «مجرد الترحيب بنا شهادة لنا وشهادة بنا نفتخر بها. وإذا لم تعقد القمة الثانية في الرياض واضطررنا لعقدها في عاصمة أخرى، ففي الرياض ملتقانا في القمة الثالثة أو الرابعة".

الحضور

تلفت درغام إلى أن الدعوات التي وجّهتها المؤسسة إلى ثمانمئة شخصية عالمية لحضور القمة الثانية في الرياض، وكذلك رسائل الاعتذار عن عدم عقد القمة في موعدها، حملت توقيع الأمير تركي الفيصل شخصياً، وتوقيعها بصفتها المؤسسة والرئيسة التنفيذية للمعهد، لافتة إلى أن أكثر من ١٥٠ شخصية عالمية ومؤثرة في صنع القرار الآني والمستقبلي أكدت رسمياً حضور القمة في الرياض، بينها ٢٢ شخصية من الولايات المتحدة و٨ شخصيات من روسيا. كما أكد وزراء حاليون ورؤساء حكومات سابقون عزمهم على الحضور، «وحين علموا بتأجيل الموعد، أجاب أغلبهم بالسؤال عن الموعد الجديد، ما يدل على الحماسة المنقطعة النظير للقمة كملتقى وللرياض كمضيف».

جسر تواصل

وكان المؤتمر الأول لقمة «بيروت إنستيتيوت» قد انعقد في أبو ظبي في 11 و12 أكتوبر 2015، تحت عنوان "إعادة تموضع المنطقة العربية في الرقعة العالمية بما يتعدى الاقتصاد السياسي والتهديدات". 

وترى درغام أن القمة الأولى لـ«بيروت انستيتيوت»، بدعم كبير من دولة الإمارات العربية المتحدة، حققت إنجازًا غير مسبوق، فنجحت في تسجيل نقلة نوعية في العلاقات ما بين مؤسسة فكرية، فرادتها في كونها منبثقة من المنطقة العربية وتناقش قضاياها، وبين صناع القرار في العواصم الغربية والشرقية والأوروبية. 

توصيات 

من أهم توصيات قمة أبو ظبي التي أعلنها الأمير تركي التأكيد على أن "الهيكلية الأمنية الشاملة لمنطقة الشرق الأوسط تعتبر من أفضل الطرق الواعدة لتحسين الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، وهي تتطلب تكثيف الجهود الرامية إلى حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين بناء على مبادرة السلام العربية". 

انطوت توصيات القمة على خمسة عناصر أساس لدعوة القادة الإقليميين والدوليين إلى اتخاذ مواقف حازمة، فأكدت أن إنشاء الأساس الأمني الضروري لتحقيق التقدم الشامل في المنطقة هو ضرورة مطلقة، إذ يعتبر العنف المتصاعد في سوريا واليمن وليبيا والعراق حالياً أهم مصدر للمعاناة وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وأن التراجع السريع للعنف في تلك الميادين شرط أساس لتحقيق تقدم ملموس على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المهمة في جميع أنحاء المنطقة.

تفتخر درغام بالزخم العالمي والسمعة الطيبة التي حققها «بيروت إنستيتيوت». تقول: «هذا كنز يجب ألا نفرط به، فقلما حققت مؤسسات فكرية من المنطقة العربية إنجازاً مماثلاً». تضيف: «كلي أمل، وثقة، بأن أي عاصمة عربية لن تفرط بهذا المنجز. لكل دولة مضيفة ظروفها، إن كانت آنية أو غير آنية… سوف ننتظر ونرى". تضيف: «أشكر أبو ظبي لأنها كانت الدولة المضيفة الأولى، وكرمتنا حين قدمنا نموذجاً عن نضج الفكر العربي ونموذجاً عن قدرتنا، كعرب، على أن نعقد مؤتمرات وقمماً بمستوى محترف، نحن الذين انبثقنا من هذه المنطقة العربية».