برازيليا:&لن يكون امام ميشال تامر إذا اصبح رئيسًا فعليًا للبرازيل الاسبوع المقبل، بعد عزل ديلما روسيف المحتمل في مجلس الشيوخ، سوى القليل من الوقت ليتمتع بفوزه في بلد غارق بأزمة تاريخية.

وسيتعين عليه في الواقع اعادة اطلاق عجلة الاقتصاد، الذي يعاني من الانكماش، وفي الوقت نفسه مراعاة القاعدة المتنافرة للاحزاب التي ساهمت في صعوده. لكن في الكواليس، فإن فضيحة الفساد المدوية لمجموعة بتروبراس النفطية ما زالت تتفاعل.

احزاب مشرذمة


يعد ميشال تامر الرجل القوي في حزب الحركة الديمقراطية (وسط اليمين)، الحزب الرئيسي في البرازيل، لكن شعبيته في ادنى مستوياتها (14%) وسيصل الى الحكم في ظرف عرضي دون شرعية صناديق الاقتراع.

اصبح تامر رئيسًا بالوكالة في 12 مايو، بعد تعليق مهام الرئيسة روسيف، ويريد أن يحكم حتى الانتخابات الرئاسية اواخر 2018. لذلك يستعين بفريق اقتصادي مرموق، ويستند الى "الوسط" الذي يشكل الغالبية في البرلمان. فهو مجموعة من التيار المحافظ على الصعيد السياسي لكنها ليبرالية على الصعيد الاقتصادي.

وأوضح روبرتو ريكياو السناتور عن حزب الحركة الديمقراطية والمعارض لعزل روسيف لوكالة فرانس برس، أنه "تم اختيار تامر من قطاعات محافظة، لكنه توفيقي لم يدافع مطلقًا عن خصخصة بتروبراس او بيع اراضٍ، كل هذه الافكار التي تظهر الان”.&

وتابع "ان لم يتبنَّ هذا البرنامج الراديكالي، فإنه لن يصمد امام مطالب هذه المجموعات المحافظة، واذا تبناه فإن ازمة أخرى ستندلع”، وتشرذم الاحزاب اضعف فعلاً روسيف التي كان عليها اقناع 14 حزبًا بتأييد مشروع ما بغالبية بسيطة في البرلمان. بينما كان الرئيس الاسبق فرناندو هنريكي كاردوسو (1995-2002) يقول انه كان يحتاج فقط لثلاثة احزاب.

اقتصاد مترنح

واكبر تحدٍّ يجب مواجهته هو الانتقال من اقتصاد يرتكز على تدخل كبير من الدولة الى نموذج اكثر ليبرالية، فاجمالي الناتج الداخلي انخفض بنسبة 3,8% في العام 2015 ويتوقع ان يسجل تراجعًا بنسبة 3,1% العام 2016. وهذان العامان من التراجع غير مسبوقين منذ ثلاثينيات القرن الماضي، في ظل ارتفاع معدل البطالة (11,3% في يونيو) والتضخم (8,74% بالوتيرة السنوية)، لذا، يريد وزير المالية هنريكي ميريلس تقليص الانفاق والمرونة في سوق العمل وخفض تكلفة التقاعد.

واعتبر كارلوس كاوال، كبير خبراء الاقتصاد في بنك صفرا، ووزير الخزانة السابق، "سيكون تحديًا من الناحية السياسية، لكنني اعتقد ان الاجماع الذي تشكل لخلق حركة سياسية مؤيدة لآلية العزل يجب الان أن يثبت فعاليته"، ورأى انه امام "مستوى انفاق عام لا يحتمل"، فإن "المفتاح اليوم هو القيام بتصحيحات هيكلية. وان لم يتمكن من القيام بذلك، فإننا سندخل في ازمة اكثر عمقًا".

يقظة اجتماعية&

بعد اعتباره لفترة طويلة بمثابة حركة تغيير، فقد حزب العمال الذي تنتمي اليه روسيف صورته عندما طالته فضائح الفساد، وامام ميشال تامر الذي يمثل النظام القائم، بات حزب العمال يراهن الان على تجديد للحركات الاجتماعية التي استفادت كثيرًا من منافع الحزب خلال اكثر من عقد، ورأى لويس البرتو دي سوزا عالم الاجتماع في جامعة كانديدو منديس في ريو دي جانيرو أن "خطة التقشف ستؤدي الى خسارة الحركات الاجتماعية اموالاً بعد ان كانت اثناء الحكومات العمالية مرتبطة بالحكم، وبامكانها اليوم ان تعيد تنظيم ذاتها”، لكن كوال قال إن "النقابات ستتحرك مع الاصلاحات".

فساد مزمن&

لم تبقَ الحكومة الموقتة في منأى من فضيحة الفساد الهائلة حول مجموعة بتروبراس النفطية التابعة للدولة، فمنذ الشهر الاول خسرت ثلاثة وزراء تلطخوا بالقضية، حتى ان اسم ميشال تامر ورد على لسان متهمين عدة ادلوا بشهاداتهم مقابل خفض عقوبتهم، لكن المعني ينفي جملة وتفصيلا ولم يتعرض لأي تحقيق. الا أن شبكة الفساد التي اختلست مليارات الدولارات من الشركة العامة كانت الهدف الرئيسي للمتظاهرين المؤيدين لآلية العزل، والذين لم يخفوا امتعاضهم من السياسة التقليدية خصوصًا تلك التي ينتهجها حزب الحركة الديمقراطية، الى ذلك يواجه ميشال تامر تحقيقًا تجريه المحكمة الانتخابية العليا حول احتمال تمويل غير مشروع لحملته المشتركة مع ديلما روسيف للانتخابات الرئاسية التي جرت العام 2014.