قال البابا تواضروس الثاني، بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر، إن قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس، الذي أقره مجلس النواب مؤخرًا، جاء ليصحح خطأ دام أكثر من 160 عامًا.

إيلاف من القاهرة: في أول رد فعل له على إقرار مجلس النواب المصري قانون بناء الكنائس، قال البابا تواضروس الثاني، بطريرك الأقباط الأرثوذكس، إن "قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس، جاء ليصحح خطأ دام أكثر من 160 عاماً، ويفتح صفحة جديدة منذ أيام قانون الخط الهمايوني في الدولة العثمانية". 

وأضاف البابا خلال عظته الإسبوعية مساء أمس الأربعاء، أن القانون "جاء ليضمد جراحات استمرت طويلًا من أجل الاستقرار والمواطنة، ولقد كان هناك إجماع في مجلس النواب على إقرار القانون فيما عدا أفراد قليلين، وقد علت الهتافات "يحيا الهلال مع الصليب"، على حد قوله.

وقال أيضًا: "كانت الكنائس على أرض مصر منذ القرون اﻷولى فكانت المنارات، ودخل الإسلام وتجاورت المآذن مع المنارات امتدادًا للمسلات في العصر الفرعوني". وتابع: "مصر هي معلمة فن اﻷعمدة غير المعروف في العالم كله. فكانت المسلة في العصر الفرعوني ثم المنارة في العصر القبطي والمآذن في العصر الإسلامي".

وقدم البابا تواضروس الشكر للمسؤولين على صدور القانون، وخصّ بالشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس النواب وأعضاءه، وشريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والمستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب. وأعرب عن آماله في أن "يخرج القانون بشكل عملي لتصحيح المسار".

شهادة للعالم 

وأقر مجلس النواب المصري بصورة نهائية، يوم الثلاثاء الماضي، 30 أغسطس الماضي، قانون بناء وترميم الكنائس الذي يضم عشر مواد، وهو مشروع القانون الأول في مصر منذ مئات السنين.

واعترض نواب حزب النور السلفي على إقرار القانون، الذي وافق عليه البرلمان بأغلبية النواب، وقال رئيس البرلمان، علي عبد العال، عقب التصويت نهائيًا على القانون: "أسفر أخذ الرأي على مشروع القانون عن موافقة أغلبية الثلثين المطلوبة للموافقة على هذا المشروع؛ لذا أعلن موافقة المجلس عليه"، مضيفًا أن "هذه شهادة للعالم كله أن الشعب المصري شعب واحد".

وطلب عبد العال من أعضاء مجلس النواب الوقوف تحية للمسيحيين، وقال: "لا أريد أخذ التصويت بصورة عادية، بل أريد من الأعضاء جميعًا الوقوف ليس لتحقيق أغلبية الثلثين فقط، ولكن تحية لإخواننا الأقباط". وردد النواب "نعم" بصوت مرتفع، بالإضافة إلى هتافات "تحيا مصر"، و"يحيا الهلال مع الصليب"، والأخير هتاف شهير في التاريخ المصري، يشير إلى الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.

وجاء صدور القانون لينهي أزمة مزمنة للأقباط في موضوع بناء وترميم الكنائس، وهو الأمر الذي كان يخضع في السابق لتقديرات الأجهزة الأمنية، وغالبًا ما كانت ترفض طلبات إقامة أو ترميم الكنائس.

ويمنح القانون المحافظين سلطة منح ترخيص بناء وترميم الكنائس، وجاء فيه: "يتقدم الممثل القانوني للطائفة المسيحية التي ترغب في بناء كنيسة أو إجراء تعديلات على تصميمها أو ترميمات لها بطلب إلى المحافظ المختص، على أن يلتزم المحافظ بالبت في الطلب وإصدار الموافقة والتراخيص المطلوبة في مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاريخ تقديمه، وإخطار مقدم الطلب بكتاب مسجل موصى عليه بعلم الوصول بنتيجة فحص طلبه، وفي حالة رفض الطلب يجب أن يكون قرار الرفض مسببًا".

طعن

وتنص المادة الثانية من القانون على أنه "يراعى أن تكون مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها وملحق الكنيسة على نحو يتناسب مع عدد وحاجة مواطني الطائفة المسيحية في المنطقة التي تقام بها، مع مراعاة معدلات النمو السكاني".

ورغم الترحيب الرسمي والشعبي بإصدار القانون، إلا أن بعض الأقباط يرفضونه، ويعتبرونه قانونًا طائفيًا، وأعلن المحامي القبطي نجيب جبرائيل اعتزامه الطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية، وقال لـ"إيلاف" أنه سيطعن على المادة الثانية بقانون بناء وترميم الكنائس بعدم الدستورية، واصفًا إياه بأنه "قانون تمييزي".

وأضاف أن القانون يتناقض مع نصوص المادتين 53 و 64 من الدستور المصري، اللتين تكفلان المساواة بين جميع المواطنين. ولفت إلى أن القانون يميّز بين أبناء الوطن الواحد في دور العبادة، ويميّز بين بناء المساجد والكنائس.

كما انتقد منح رئيس الوزراء سلطة تشكيل لجنة لحصر وتوفيق أوضاع الكنائس القائمة حاليًا، وقال إن منح رئيس الحكومة هذه السلطة "احتكار مطاطي، يمكنه أن يقلص عدد الكنائس غير المرخصة"، معتبرًا أن هذه المادة أيضًا "غير دستورية".