تحولت معركة عض الأصابع بين زعماء القوى السياسية العراقية الى كسر عظم، بعد اقالة وزير المالية هوشيار زيباري، والذي حمّل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ما يجري، وعدّه اضعافًا لحكومة حيدر العبادي، فيما اتهم رئيس البرلمان بـ"التواطئ"، وهو ما دفع المالكي للتأكيد على أنه يتقبل أي هجوم يتعرض له "حتى يحذف آخر فاسد"

إيلاف من بغداد: &قال رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إن حبل الود لم ينقطع مع الكرد وقادتهم، لكنه وفي معرض رده على اتهامات وزير المالية المقال هوشيار زيباري اعلن تقبله أي هجوم "حتى يحذف آخر فاسد"، فيما رد رئيس البرلمان سليم الجبوري متعهدًا بأن البرلمان ماضٍ بإستجواب المسؤولين، وفيما تواترت انباء عن عزمٍ لاستجواب وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، فإن نائب رئيس البرلمان آرام شيخ محمد يدعو العبادي الى الإسراع بعرض قائمة المرشحين للوزارات الشاغرة .

حبل الود&

مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، اكد أن الاخير يكن الاحترام والود للكرد وقادته، وذلك في رد على وزير المالية المقال هوشيار زيباري،&وذكر المكتب في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه انه "لا بد من التوضيح أن السيد المالكي قالها مرارًا انه يكن كل الود والاحترام لاخواننا الكرد، وليس له عداء شخصي مع القيادة الكردية".

واضاف: "هذا لا يمنع من أن يشير الى أي قرار أو موقف يرى فيه مخالفة دستورية في الاقليم، وأن الخلاف حول القضايا السياسية والادارية بين الحكومة الاتحادية والاقليم، لا يعد عدوانية ولا كرهًا، وما كان الاختلاف بشأنه في الحكومة السابقة، ما زال قائمًا الى اليوم بين مد وجزر".

هدم المعبد&

وزير المالية العراقي المقال هوشيار زيباري كان قد اكد أن قرار البرلمان سحب الثقة منه جاء نتيجة استهداف سياسي مباشر من كتلة ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي.

ولفت زيباري الى أن "المالكي يعمل على إسقاط حكومة رئيس الوزراء حير العبادي ويسعى لتعكير الوضع بين بغداد وكردستان العراق"، واعتبر أن المالكي "حاقد ولديه مصلحة في هدم المعبد على من فيه"، ولكن المؤسف هو "تواطؤ رئيس البرلمان سليم الجبوري معه، بينما يفترض فيه أن يكون مستقلاً ونزيهًا".

وذكر المكتب الاعلامي لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في بيانه أن "وزير المالية المقال هوشيار زيباري، حاول أن يدافع عن موقفه امام الصحافيين فيما كان الاولى به ان يدافع عن موقفه امام مجلس النواب، وقد استغربنا من حديثه المتأزم، وكيله الشتائم، ومهاجمته اكبر كتلة برلمانية قام احد اعضائها باستجوابه بكل مهنية وقانونية واحترام، متهمًا الكتل الاخرى بأنها وعدته بدعم موقفه، ثم تخلت عنه واصفًا اياها بنكث الوعود والنفاق".

حذف آخر فاسد&

واضاف المالكي "اذا كان أي وزير أو مسؤول يقيله مجلس النواب لثبوت فساده، يعقد مؤتمرًا صحفيًا، ثم يكيل الاتهامات والافتراءات لرئيس اكبر كتلة برلمانية استجوبه احد أعضائها، فإن المالكي يتقبل تلك الشتائم بصبر ورحابة صدر، حتى يحذف آخر فاسد من العملية السياسية، وقد صرح السيد المالكي مرات عديدة بأنه& ليس لديه أي طموح أو غرض شخصي او حزبي ضد أي أحد".

وتابع أن "الاتهام الذي وجهه زيباري للسيد المالكي بقوله: إن المالكي يقف خلف اقالتي، يبعث على الحيرة، فكيف يكون سببًا في اقالته والكتلة الدعوية التي يرأسها لا تزيد على 50 نائبًا في اعلى درجات الحضور، فيما كان عدد النواب الذين صوتوا على اقالته 158 نائبًا، وهنا يتبين بوضوح أن 108 نواب هم من الكتل البرلمانية الأخرى".

واضاف بيان مكتب المالكي، "من العجب أن يتحدث وهو وزير المالية عن تهريب مليارات من الدولارات، في الوقت الذي يتحمل هو مسؤولية الوزارة لاكثر من سنتين، دون أن يطلع مجلس الوزراء، أو هيئة النزاهة أو لجنة مكافحة غسيل الاموال أو أي جهة رقابية أخرى على هذا الامر، ولم يفصح عنه الا بعد سحب الثقة عنه".

وقال إن "هذا الاعتراف يحمله مسؤولية قانونية وقضائية، الامر الذي يعكس بوضوح ارتباك الوزير في محاولة لسحب الاضواء عن موقفه& امام العراقيين، وهو مطالب اليوم من قبل الشعب بكشف الوثائق وايضاح طبيعة الجهات التي هربت الاموال الى خارج العراق".

الجبوري يرد&

بدوره، رفض رئيس البرلمان سليم الجبوري، اتهامات وزير المالية المقال هوشيار زيباري بخصوص جلسات سحب الثقة عنه النيابية، مؤكداً بان استجواب المسؤولين التنفيذيين وسحب الثقة عنهم حق دستوري.

وقال الجبوري في بيان حصلت "إيلاف" على نسخة منه، إن "عملية استجواب المسؤولين التنفيذيين من قبل مجلس النواب هو حق دستوري وفق المادة 61، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان يحجب هذا الحق أو يغيب".

واشار الى أن "استجواب السيد وزير المالية استكمل كافة شروطه الشكلية والقانونية وان النواب صوتوا وفق قناعاتهم الحرة بسحب الثقة عنه باعتبارهم ممثلين عن الشعب وبإمكان السيد الوزير اللجوء الى المحكمة الاتحادية لتقديم طعونه التي يراها وفق السياقات المتبعة بهذا الخصوص، ولا يحق له توجيه اتهاماته الى السلطة التشريعية ورئاستها دون سند قانوني".

وختم أن "مجلس النواب ماضٍ في أداء مهامه الرقابية المكلف بها من قبل الشعب وحق النواب باستجواب المسؤولين حق مكتسب لا يمكن لأي جهة أن تسلبهم اياه".

الحقائب الشاغرة&

ودعا نائب رئيس البرلمان العراقي آرام شيخ محمد رئيس الوزراء د.حيدر العبادي الى حسم ملف الكابينة الحكومية وعرض قائمة المرشحين البدلاء للوزارات الشاغرة والوزراء الذين تم سحب الثقة عنهم، وتقديم الأسماء الى البرلمان بأسرع وقت ممكن لغرض التصويت عليهم.

شيخ محمد شدد على "ضرورة استكمال ملف البدلاء للوزراء من (الدفاع والمالية ووزارة الداخلية والتجارة والصناعة) لأنها وزارات مهمة وعدم ترك تلك الوزارات شاغرة بدون وزير" مبينًا أن "قضية إدارة الوزارات بالوكالة غير مجدية ولاتخدم المصلحة العامة وله تأثير مباشر على تقديم الخدمات وبالأخص الوزارات الأمنية التي تتطلب إدارة فاعلة معنوية وقيادة مباشرة من شخص الوزير".

واشار أيضا الى "أهمية اختيار الوزراء البدلاء الذين يتمتعون بالخبرة العملية الكافية ولديهم المقبولية والسمعة الطيبة في الوسط السياسي".

ومضى الى القول إن "مجلس النواب على استعداد تام للتصويت على المرشحين في حال تم تقديمهم من قبل رئيس الوزراء وفق الشروط القانونية والمعايير المهنية في مجال الاختصاص والخبرة".

ويعتزم البرلمان لاستجواب عدد من الوزراء ورؤساء الهيئات وهو ما ذهب اليه النائب عن دولة القانون زينب عارف البصري، والتي اشارت الى انه "تم تحديد السادس من الشهر المقبل موعدًا لاستجواب وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، فيما سيكون موعد استجواب وزير الزراعة فلاح حسن زيدان في الـ16 من الشهر ذاته"، لافتة الى "جمع تواقيع لاستجواب وزير التربية محمد اقبال لكنه لم يتم تحديد موعد لاستجوابه حتى الان".

لكنها لفتت الى أن المواقيت تلك كانت ثابتة حتى يوم امس، مبينة أن ثمة "مماطلة في الموضوع والكتل باتت تخشى وتساوم من اجل عدم حضور وزيرها استجواباً في المجلس لأن القضية خاسرة لهم بكل الأحوال"، مستدركة أن التوقف هذا " سيكون موقتًا اذ ان جبهة الاصلاح والمجلس برمته عازم على أخذ دوره الرقابي".

خلاف&

وعلمت "إيلاف" أن خلافًا حادًا ظهر الى العيان بين جناحي اياد السامرئي وسليم الجبوري في الحزب الإسلامي، وهو ما يؤشر خلافًا داخليًا حيال قضية الاستجوابات .

وقال الحزب الإسلامي العراقي في بيان حصلت "إيلاف" على أن "الاستمرار بإقالة الوزراء واستهدافهم بهذه الصورة قد يهدد الحكومة، وربما العملية السياسية برمتها"، داعياً رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي للدفاع عن حكومته باعتبار المسؤولية التضامنية .

وأوضح الحزب أن "ما أثير على وزير المالية هوشيار زيباري خلال جلسة الاستجواب لم يؤشر الى وجود حالات فساد، وإنما شيء من التساهل المالي في ظل ظروف التقشف التي يعيشها العراق، ولم يتم التطرق إلى سوء إدارته بل لوحظ الارتياح للنجاح الذي حققه، ولو كان هناك فساد مالي لأشره ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، وكلاهما لم يفعل"، مشيراً إلى أن "البعد السياسي كان واضحاً في استهداف زيباري وحكومة أربيل لمواقفها السياسية".

وتساءل الحزب "كيف يمكن للحكومة أن تستمر وهي تفقد وزراءها واحدًا بعد الآخر، ولاسيما مع وجود قائمة وزراء آخرين مرشحين للاستجواب، ولو استمرت هذه السياسة ربما لن يبقى في الحكومة وزير واحد"، مردفاً بأن هذا المنهج الخاطئ في الاستهداف سيجعل الكتل والأحزاب غير قادرة على أي شكل من أشكال التفاهم مع بعضها .

استهداف الوزراء

كما أوضح بأن "ظاهرة استهداف الوزراء يجب أن تتوقف وأن يكون القضاء هو المسؤول عمّا يسمى ملفات الفساد ، أما مجلس النواب فيتولى المحاسبة والمراجعة على حسن الأداء"، ويبدو ان الحزب يسعى هنا لقطع الطريق على استجواب وزير التربية محمد اقبال، وهو احد قياداته.&

ودعا رئيس الوزراء ليكون "حازماً في الدفاع عن حكومته"، لأن إقالة الوزير فيه اتهام له بشكل من الأشكال، ومن الأولى أن يحاسب رئيس الوزراء وزراءه قبل أن يحاسبهم البرلمان .

وفي ما يتعلق بإقالة زيباري، قال الحزب الإسلامي إن "ما حصل يمثل سابقة لا تصب في مصلحة العلاقة بين الإقليم والمركز، ويغفل دور الحزب الديمقراطي الكردستاني وعمله لاستقرار العراق والحفاظ على وحدته" .

ونوّه إلى مكانة زيباري باعتباره قائداً سياسياً قبل أن يكون وزيراً، والقيادات السياسية في ظرف العراق يجب أن يكون لها قدر وافٍ من الاحترام والحصانة ، أما معالجة الأخطاء إن وجدت فينبغي أن تكون من خلال تصحيح المسارات لا تصفية الحسابات، والكل يعلم كم هي الملفات التي علقت ولم تفعل بسبب المكانة التي تمتع بها البعض.

وأصبح العراق من دون وزراء لثلاث حقائب سيادية، مع تصويت برلمانه الأربعاء، 21 سبتمبر، على سحب الثقة من وزير المالية هوشيار زيباري بعد استجوابه بخصوص اتهامات بالفساد، بعد تصويت مماثل&على إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي الشهر الماضي، واستقالة وزير الداخلية محمد الغبان في يوليو الماضي.