«إيلاف» من بيروت: بعدما أصدرت المحكمة العسكريّة قرارًا بالإعدام في حق أحمد الأسير وحركته، بعد إدانته ومجموعة كبيرة من أنصاره بالتورّط بشكل مباشر في أحداث عبرا التي وقعت قبل أكثر من خمس سنوات، وتحديدًا في 23 يونيو 2013، وأسفرت عن سقوط 20 قتيلاً من الجيش اللبناني وعشرات الجرحى في صفوفه، يطرح السؤال حول إمكانية تنفيذ عقوبة الإعدام، مع العلم بأن هذه العقوبة لم تنفذ في لبنان منذ العام 2004، بسبب الجدل القائم حولها.

100 حكم

 تعقيبًا على الموضوع، يؤكد الخبير القانوني الدكتور إميل حاتم لـ"إيلاف"، أن "عقوبة الإعدام في القانون اللبناني صدرت عام 1943، ونفذ أول حكم إعدام عام 1947 في عهد رئيس الجمهورية اللبناني السابق بشارة الخوري، وسجل لبنان تنفيذ 51 حكم إعدام، آخرها عام 2004 في عهد رئيس الجمهورية إميل لحود بحق أحمد منصور الذي قتل ثمانية من زملائه في العمل، جمّد لبنان بعدها تنفيذ أحكام الاعدام من دون الغاء العقوبة من قانون العقوبات، على الرغم من تقديمه وعدًا أمام المجتمع الدولي بعدم تنفيذ أحكام الاعدام مجددًا، منذ ذلك الحين، صدر اكثر من 100 حكم بالإعدام، أي منها لم ينفذ، لامتناع رؤساء الجمهورية عن توقيع المراسيم، التزامًا بالتشريعات الدولية التي وقع عليها لبنان.

ويضيف حاتم :" تنص عقوبة الإعدام في قانون العقوبات اللبناني الصادر في العام 1943 على إنزال عقوبة الإعدام على بعض الجرائم الخطيرة جدًا، وفي العام 1994 صدر القانون رقم 302/1994 الذي أنزل عقوبة الإعدام في القتل العمد والدافع السياسي وبمن يقتل إنسانًا قصدًا ومنع منح فاعل الجريمة الأسباب المخففة، لكن هذا القانون ألغي بالقانون الرقم 338/2001، وأعيد العمل بالمادتين 547 و548 عقوبات، وهما تعاقبان على القتل القصدي بالأشغال الشاقة الموقتة أو المؤبدة، وليس بالإعدام، وكأصول تنفيذ حكم الإعدام نصت المادة 420 وما يليها على أنه لا ينفّذ الحكم بالإعدام إلا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وموافقة رئيس الجمهورية، وينفّذ الحكم بموجب مرسوم يحدد مكان التنفيذ ووسيلته، ويُحظر إنفاذ حكم الإعدام أيام الآحاد والجمع والأعياد الوطنية والدينية.

الطعن

وبحسب القانون اللبناني، يتابع حاتم، "إن من حق وكلاء الدفاع الطعن بالحكم، أمام محكمة التمييز العسكرية، التي ستدرس الطلبات، فإذا وجدت في الأحكام شوائب تتعارض مع مواد في قانون العقوبات، فإنها ستنقضه، وتعيد المحاكمة من جديد، لتحصل عمليات الإستجواب والمرافعة من جديد.

ولا بد أن يرتب هذا المسار القضائي، بحسب حاتم، بإجراءات من قبل محامي الدفاع عن المتهمين، أي أن محكمة التمييز العسكرية لا تنظر في الأمر تلقائيًا، وبالفعل، فقد أبدى محامو الأسير ومناصروه استعدادهم للتقدم بطلبات لتمييز الأحكام، حتى قبل صدورها.

وفي حال حدث ذلك، فإن محكمة التمييز العسكرية لا تنظر في حيثيات الحكم بحد ذاته، وإنما في احتمال وجود شوائب قانونية فيه، كأن يكون قد تضمن خطأً قانونيًا في تفسير مادة من مواد قانون العقوبات.

وفي حال لم تنقض محكمة التمييز الحكم، لعدم وجوب شوائب قانونية، عندها يكون ساريًا ونافذًا.

الجماعات السلفية

أما هل جرى توجيه ضربة قاضية للجماعات السلفيّة في لبنان بعد الحكم المتشدد على الأسير، يؤكد حاتم أنه من غير الممكن القضاء كليًا على هذه الظاهرة، بخاصة في زمننا الحالي، حيث يسهل التواصل بين الداخل والخارج، ويسهل أيضًا نشر الأفكار المتطرفة وتغذيتها عبر تجنيد الكثير من الناقمين على أوضاع إقتصادية أو سياسيّة أو دينيّة غير مناسبة. 

ويلفت حاتم إلى أن وكلاء المحكومين المدانين يتجهون إلى تمييز الحكم لكسب المزيد من الوقت، حيث أنهم يراهنون على إنتظار الفرصة المناسبة للحصول على عفو عام يطال كل الإسلاميين، أو على صفقة لإطلاق المحكومين والمسجونين في لبنان.