تونس: أصدر القضاء التونسي، حكماً بالسجن لمدة 4 أشهر ونصف على مواطن جزائري فرنسي الجنسية و3 أشهر لصديقته التونسية وذلك بتهمة التجاهر بالفاحشة، بعد ضبطهما- بحسب الحكم- يتبادلان القبل في الطريق العام، وكذلك الاعتداء على موظف عمومي، في حادثة أثارت جدلا حول واقع الحريات العامة في البلاد.

وقالت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية إن الشاب نسيم عودي (33 سنة) "شرب وصديقته قليلا من الجعة قبل خروجهما من ملهى وتبادلا القبل داخل السيارة"، لكن "الشرطة انهالت على الشاب بالشتائم واقتادتهما إلى مخفر الشرطة".

في حين قال الناطق باسم المحكمة الابتدائية، سفيان السليطي، إن الشابين ضبطا في الطريق السياحية بمنطقة قمرت بداخل سيارة بين الأشجار المتاخمة لهذه الطريق "في حالة لا قانونية مخلة بالآداب العامة"، وفقا لوكالة الأنباء التونسية.

ونفى السليطي أن تكون القضية متعلقة بقبلة، قائلا إنه تم توجيه تهم ضد الشابين تتعلق "بالتجاهر عمدا بالفحش، وهضم جانب موظف عمومي أثناء قيامه بمهامه، والسكر الواضح، والاعتداء على الأخلاق الحميدة".

لا اثباتات

وعقب إصدار الحكم، انتقد محامي المتهمين غازي مرابط قرار النيابة العمومية بسجن موكليه، بحجة أن ملف القضية يعتبر فارغًا ولا وجود لإثباتات بالتهم المنسوبة إليهما.

وأوضح مرابط أن الشاب وصل إلى تونس يوم الجمعة الماضي وتوجه برفقة صديقته التونسية إلى أحد الفضاءات بجهة قمرت السياحية، قبل أن يغادراها في حدود الساعة الثانية فجرًا، ليتوقفا في الطريق لتبادل أطراف الحديث، قبل أن يأتي رجال الأمن للمطالبة بالوثائق الشخصية.

وأضاف في تدوينة له عبر صفحته بـ فيسبوك أن 3 من رجال الشرطة، وبعد قيامهم بالتثبت من هويتي موكليه، انهالوا عليهما بعبارات نابية، مؤكدا أن موكّله لا يفهم اللغة العربية وقد نزل من السيارة وقدّم لهم وثائقه، ثم تم اقتيادهما إلى مركز الأمن، ليمكثا هناك حوالي 20 دقيقة ثم تم إعلامهما أنه باستطاعتهما المغادرة، إلاّ أن الشاب طالب بمعرفة أسماء رجال الأمن للتقدم بقضية ضدّهم وإعلام سفارة بلاده باعتبار أنه شعر بالإهانة.

وأضاف مرابط، أن ما طالب به موكّله أثار غضب رجال الأمن الذين أجبروه على إمضاء محضر أمنيّ رغم أنه لا يفهم العربية، وذلك وسط غياب كلّي لأبسط إجراءات الإيقاف والمتمثلة بالسماح لهما بطلب محامٍ وإعلام عائلتيهما.

كما أشار إلى أن الشاب أمضى يومين في حالة إيقاف رفقة صديقته الى أن تمت إحالتهما يوم الأحد على النيابة العمومية التي وجّهت لهما تهمًا اعتبرها كيدية أهمها الاعتداء على الأخلاق الحميدة والتجاهر بالفاحشة وهضم جانب موظف عموميّ.

بين مؤيد ومعارض

يذكر أن تلك الحادثة خلقت جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رأت نهى عبدولي، أن "المجاهرة بما ينافي الأخلاق الحميدة في الطريق العام هو تعدّ على أخلاق المجتمع وضرب في هويته ونشر للفساد بين أفراده، وهذا يستحق معاقبة مرتكبه"، بينما اعتبر لطفي الجودي، أنه "إذا كانت العقوبة بسبب شتم أعوان الأمن والاعتداء عليهم، فإنهما يستحقان ذلك، أما إذا كانت بسبب قبلة بينهما فالأمر لا يستحق ذلك ويكفي إصدار تنبيه لهما حتى لا يكررا هذا الفعل مرة أخرى، خاصة أن المواطن أجنبي، وذلك من أجل أن لا يجدا نفسيهما في السجن جنبا إلى جنب مع القتلة ومدمني المخدرات"، ودعت الناشطة رجا بن سلامة إلى إطلاق حملة لتبادل القبل في الشوارع، وتفاعل معها عدد من السياسيين والنشطاء.

في المقابل، يرى نشطاء أن الحريات التي جاءت بها ثورة 2011 أسيء فهمها، وأن هذه قضايا لا تأتي في سلم أولويات المجتمع التونسي، لكن البعض الآخر يرى أن الحكم القضائي الجديد يتعارض مع مبادرة السبسي الداعية لمنح المزيد من الحقوق للمرأة التونسية.

ويحكم تونس ائتلاف حاكم يقوده بشكل رئيسي كل من حزب نداء تونس العلماني -الذي أسسه الرئيس الباجي قايد السبسي - وحركة النهضة الإسلامية، وينظر إلى تونس على أنها أكثر تقدمًا عن باقي الدول العربية في جانب التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة.

وقد أقر البرلمان مؤخرا قانونًا جديدًا لمكافحة العنف الموجه ضد المرأة ومكافحة المتحرشين. ودعا الرئيس السبسي للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة. وفي سبتمبر سمح للتونسيات المسلمات بالزواج من غير المسلمين.