فيينا: رجحت استطلاعات الراي بعد انتهاء عمليات الاقتراع قي النمسا فوز زعيم الحزب المحافظ سيباستيان كورتز في الانتخابات التشريعية الاحد متقدمًا على اليمين المتطرف والاشتراكيين الديموقراطيين.

وذكر التلفزيون العام ان التوقعات تشير الى نيل حزب الشعب 30,2 في المئة من الاصوات، يليه حزب الحرية المناهض للهجرة بنسبة 26,8 في المئة، ومن ثم الاشتراكيين الديموقراطيين بـ26,3 في المئة.

يشكل التحول نحو اليمين في النمسا، البلد الغني البالغ عدد سكانه 8,75 مليون نسمة، مصدر قلق للاتحاد الاوروبي الذي يعاني من تداعيات قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد وتزايد التأييد للقوميين في المانيا والمجر وبولندا وغيرها.

فُتحت مراكز الاقتراع عند الرابعة بتوقيت غرينيتش وتُقفل عند الثالثة بعد الظهر بالتوقيت نفسه، ويتوقع ظهور النتائج الاولية بعيد الاقفال. وسيختار نحو 6,4 ملايين ناخب ممثليهم وفق نظام النسبية.

كل المؤشرات تدل على ان النمساويين ضاقوا ذرعا بتدفق طالبي اللجوء، ويريدون للمرة الاولى منذ عشر سنوات استبدال الحكومة الوسطية المكبلة بحكومة اكثر تشددا.

وترجح الاستطلاعات فوز كورتز وزير الخارجية وزعيم "حزب الشعب النمساوي" اليميني بأكثر من 30% من الأصوات، وقد تعهد التشدد في ملف المهاجرين والحد من الضرائب.

وتمت الدعوة للانتخابات المبكرة بعد ان تولى كورتز زعامة حزب الشعب في مايو وقرر الخروج من الائتلاف الحاكم الذي كان يجمعه مع الاشتراكيين الديموقراطيين.

ومن المرجح ان يشكل كورتز ائتلافا مع "حزب الحرية" اليميني القومي المشكك بالاتحاد الاوروبي الذي تأسس في خمسينات القرن المنصرم، ويتنافس مع الديمقراطيين الاشتراكيين على المركز الثاني مع نسبة 25% من اصوات الناخبين.

واوشك حزب الحرية الذي أسسه نازيون سابقون على الفوز بالرئاسة في النمسا في العام الماضي وتصدر استطلاعات الراي الى ان تمكن كورتز من استمالة اصوات لصالح "حزب الشعب" الذي شهد تعديلات في الربيع، ما دفع برئيس حزب الحرية هاينز كريستيان شتراخه الى تشبيهه بـ"المحتال".

لكن تقارير اعلامية اشارت الاحد الى ان الحزبين منخرطين في مباحثات سرية لتشكيل ائتلاف حاكم، مع تقديم حزب الشعب "عرض سخي" على الطاولة. من جهته قاد زعيم "حزب الحرية" شتراخه (48 عاما) حملة مناهضة لطالبي اللجوء متعهدا الحؤول دون ان يتحول النمساويون الى "اقلية في بلدهم"، حسبما قال الجمعة خلال حملة انتخابية.

أهم مفترق طرق
في المقابل، قد ينتقل المستشار كريستيان كيرن (51 عاما) وحزبه الاشتراكي الديموقراطي الذي حكم البلاد على مدى عشر سنوات الى صفوف المعارضة بعد حملة انتخابية شابتها اخطاء وفضائح. وبين كيرن وكورتز عداوة كبيرة تجعل من تشكيل ائتلاف حكومي بين الرجلين احتمالا غير مرجح.

ألقى كيرن بثقله في المعركة السبت محاولا اقناع الناخبين بالوقوف بوجه انعطافة البلاد نحو اليمين، قائلا إن "النمسا تقف عند مفترق طرق هو الاخطر منذ عقود". وبالنسبة الى بعض الناخبين، فأن احتمال تشكيل حكومة من اليمين المتطرف يثير قلقا ومخاوف.

وقالت تينا ايرنست لفرانس برس في مركز اقتراع الاحد "لست متأكدا من حاجتنا الى تغييرات كبيرة حقا". تابعت "يمكنني القول أننا لا نزال نعيش في جنة".

ودخل حزب الشعب وحزب الحرية في ائتلاف حكومي بين عامي 2000 و2007. الا ان عودة هذا الائتلاف اليوم قد لا يكون له الوقع عينه بعد التقدم الكبير الذي حققه القوميون في اوروبا، بحسب محللين. 

سياسة "النمسا اولا"
تمت الدعوة الى الانتخابات المبكرة بعدما تولى كورتز زعامة حزب الشعب في مايو وقرر الخروج من الائتلاف الحاكم. وعبر حركته، تعهد الزعيم الشاب باعادة "الاولوية للنمساويين" مستقطبا الى حزبه مرشحين من جيل الشباب من غير السياسيين، ورافعا شعار "النمسا اولا" مجددا.

وقال المتطوع في حملة حزب الشعب في فيينا ميكايل براندشتيتر لفرانس برس قبل بدء التصويت "اشعر بالتفاؤل". واضاف "اسلوب كورتز في التعامل مع الامور يجعله يسيطر على عقول الناس". وقال كورتز ان الفضل يعود اليه كوزير للخارجية في اغلاق ما يعرف بطريق غرب البلقان امام المهاجرين عام 2016، الامر الذي يكسبه تأييدا في البلاد.

يرفع كورتز عناوين اليمين المتطرف مع عزمه على وقف التقديمات للاجانب واقفال دور الحضانة الاسلامية. يتفق كورتز وشتراخه في مواضيع تخفيض الضرائب والبيروقراطية الشديدة في البلاد وابقاء الاتحاد الاوروبي بعيدا عن الشؤون الداخلية للنمسا.

ويقول محللون ان تشكيل حكومة يمينية متطرفة من شأنه ان يجعل من النمسا معضلة للاتحاد الاوروبي. وستتولى النمسا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في النصف الثاني من 2018، بالتزامن مع المهلة المحددة لانجاز مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد.

يعتقد شتراخه ان "بريطانيا ستكون افضل حالا بعد بريكست" ويدعو الى تعزيز العلاقات مع دول اوروبا الشرقية والوسطى.واعتبرت صحيفة "دير شتاندارد" (المعيار) السبت ان "وجود حزب الحرية كشريك في الحكومة لن يعطي انطباعا جيدا في اوروبا وكورتز يدرك ذلك. لكن السؤال المطروح هو هل سيكون هنالك التفاف حول شتراخه بعد هذه الانتخابات".