في وقت يتحضر الرئيس الصيني شي جينبينغ لبدء ولاية ثانية مدتها خمسة أعوام هذا الأسبوع، فإنه يخشى ان تفسد تصرفات زعيمي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية المتهورة المناسبة عليه.

بكين: لم يترك الحزب الشيوعي الصيني الذي يشكل الاستقرار هاجسه شيئا للصدفة، حيث تم تشديد الاجراءات الأمنية في بكين قبيل افتتاح مؤتمر إعادة تعيين شي أمينا عاما الأربعاء. 

ولكن خارج حدود الصين، تتلاشى سيطرة شي حيث يصبح تحت رحمة رجلين لا يمكن التنبؤ بخطواتهما المقبلة، وهما الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون، في ما يشير إلى الخيارات المحدودة لقوة بكين الناعمة.

ويرى محللون أن كيم قد يحاول إثارة الضجة مجددا عبر اختباره صاروخا آخر أو قنبلة نووية تزامنا مع أهم حدث سياسي في الصين يجري كل خمس سنوات. 

ويرجح أن تثير أي تجربة جديدة وابلا من التغريدات يطلقها ترمب، الذي تأرجحت مواقفه بين الضغط على شي والإشادة بردوده على كوريا الشمالية. 

وتباينت دبلوماسية ترمب المتقلبة عبر "تويتر" مع أسلوب شي البارد. وقد ترك الرئيس الأميركي شي معلقا بشأن مسألة إن كان سيفرض رسوما على الصين مرتبطة بتظلمات تجارية. 

ورغم الرسائل المتفاوتة المضمون، سعى شي إلى التأكيد على صداقته مع ترمب حيث أكد دعوته الرئيس الأميركي لزيارة بكين الشهر المقبل لمناقشة التجارة وكوريا الشمالية وجها لوجه. 

وتعد علاقته بكيم معقدة كذلك حيث تدخل الزعيم الكوري الشمالي خلال قمتين دوليتين استضافهما الرئيس الصيني هذا العام، عبر قيامه باستفزازات تصدرت العناوين في وسائل الإعلام.

ففي وقت استعد شي في مايو للتحدث إلى قادة العالم الذين اجتمعوا في بكين عن مبادرته "حزام واحد طريق واحد"، وهو برنامج يتعلق بالتجارة والبنى التحتية تقوده الصين، أجرت بيونغ يانغ اختبارا ناجحا لصاروخ بالستي. 

ومن ثم في سبتمبر، أجرت الدولة المعزولة أقوى اختبار نووي في تاريخها، قبل ساعات فقط من اعتلاء شي المنصة لإلقاء خطاب عن العالم النامي خلال قمة لدول "بريكس".

واعتبر التوقيت بمثابة رسالة إلى شي ومحاولة من كيم لدفع جاره الصيني إلى إقناع ترمب بالتفاوض.

وفي هذا السياق، يرى الاستاذ المساعد في مجال العلاقات الدولية في جامعة "رينمين" في بكين شينغ شياوهي أن أي اختبار نووي جديد خلال مؤتمر الحزب "سيكون أكثر من فقدان لماء الوجه حيث سيؤذي الحزب الحاكم في الصين". 

وأضاف "سيؤذي شي جينبينغ في هذه اللحظة الحاسمة".

تجاهل شي 

وفيما سيرسخ المؤتمر مكانة شي بصفته أقوى زعيم يحكم الصين منذ عقود، إلا أنه لم يتمكن من حل أكبر أزمة دولية بالنسبة لبلاده اذ لم تلق دعواته إلى التهدئة والتفاوض آذانا صاغية لدى كل من ترمب وكيم اللذين انخرطا بدلا من ذلك في حرب كلامية مثيرة للقلق. 

ولم يلق اقتراح شي لكوريا الشمالية بتعليق اختباراتها العسكرية مقابل وقف الولايات المتحدة تدريباتها مع حلفائها في المنطقة أي تجاوب من الطرفين. 

وبعد توبيخها من ترمب لفشلها في كبح جماح كيم، طبقت الصين عقوبات أممية أقسى بحق كوريا الشمالية فيما بدأ الدفء يعود إلى علاقة شي مع سيد البيت الأبيض. 

وعلى الضفة الأخرى، لم يلتق شي قط بكيم فيما يبدو أن علاقة بكين بحليفتها السابقة بلغت أدنى مستوى. 

وبدأ الأكاديميون الصينيون علنا مناقشة مسألة خطة الطوارئ في حال اندلعت حرب عبر الحدود، وهي مسألة كان التطرق إليها في السابق يشكل خطا أحمر. 

وأشار المتخصص في السياسات النووية في مركز "كارنيغي-تسينغ هوا" في بكين خاو تونغ إلى أنه "يُرَجح أن تجري كوريا الشمالية اختبارا جديدا لصاروخ بالستي بعيد المدى" تزامنا مع المؤتمر. 

وأضاف أن التوقيت مناسب لتحل بيونغ يانغ ما تبقى من المسائل التقنية و"اختتام برنامجها النووي الاستراتيجي في أقرب وقت ممكن".

وأوضح "هناك تصور بأنه بعد مؤتمر الحزب ستكون الصين في موقف يسمح لها بالتركيز على كوريا الشمالية. من الأسلم بالنسبة لكوريا الشمالية أن (تجري الاختبار) قبل ذلك".