قالت منظمة اليونيسف إن هناك نحو 1200 طفل يعانون من سوء التغذية في غوطة دمشق الشرقية التي تسيطر عليها فصائل عسكرية معارضة وتحاصرها القوات الحكومية منذ نحو أربعة أعوام.

وفي حديث لبي بي سي، قالت جولييت توما مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لليونيسف إن هذا الرقم مسح أجري في إحدى عيادات الغوطة الشرقية شمل نحو 9,000 طفل - يعد "إشارة إلى أن الوضع يزداد سوءا في الغوطة الشرقية".

وكان ناشطون سوريون قد تداولوا على مواقع التواصل الاجتماعي صورة رضيعة بدت أشبه بهيكل عظمي وقالوا إن صحتها تدهورت كثيرا ما استدعى نقلها إلى العناية المشددة لكنها فارقت الحياة يوم 22 أكتوبر /تشرين الأول بسبب سوء التغذية.

وأكدت توما أن تقارير وصلتإلى المنظمة عن وفاة طفلين مؤخرا في منطقة الغوطة الشرقية، مضيفة أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من تأكيد سبب الوفاة.

وأعادت صورة الرضيعة الانتباه إلى وضع الأطفال والأمهات في تلك المنطقة المحاصرة والمحاذية للعاصمة السورية، دمشق.

"التجار لن يخسروا شيئا"

وتقدر تقارير إعلامية عدد سكان الغوطة الشرقية بقرابة 400 ألف شخص.

وفي تموز/يوليو الماضي أصبحت هذه المنطقة واحدة مما يسمى "مناطق خفض التوتر" في سوريا ضمن خطة أبرمتها روسيا وإيران - حليفتا الحكومة السورية - وتركيا.

وقال رائد الصالحاني، وهو مدير موقع صوت العاصمة المعارض والمقيم حاليا بتركيا، لبي بي سي إن السلع الغذائية كانت متوفرة على نحو يومي في الأسواق حتى تموز/يوليو الماضي؛ إذ كان يستخدم عدد من التجار معبر مخيم الوافدين لإدخال البضائع من دمشق، إلى جانب وجود عدد من الأنفاق التي كانت تربط المنطقة بالأحياء المجاورة.

وأوضح أن السبب وراء عودة أزمة الغذاء الآن هو عدم استخدام تجار الغوطة "الذين يعملون تحت حماية الفصائل" للمعبر "بعد فرض قوات النظام تكلفة أكبر على البضائع".

ويقول الصالحاني إن سكان الغوطة الشرقية عادة ما يحصلون على الطعام إما عن طريق شرائه - وذلك بالنسبة للعائلات التي لا تزال قادرة على ذلك - أو عن طريق المطابخ الخيرية، أو السلات الغذائية التي توزعها مؤسسات خيرية ومنظمات دولية.

ويضيف أن "البضاعة قلت كميتها منذ نحو 20 يوما ولا تزال المواد الأساسية موجودة لكن سعرها مرتفع جدا. كما بدأت المطابخ الخيرية بالتقنين. التجار لن يخسروا شيئا حتى في حال دفع مبالغ كبيرة لإدخال البضائع لأنهم سيحصلون ثمنها، لكن الناس هم المتأثرون".

وأضاف أن "هناك بضائع مخزنة لكن ضخها كلها في السوق سيزيد من تأزم الوضع لأنها ستستهلك فورا".

كما قال إن ما تقوم الأمم المتحدة بإدخاله من وقت لآخر يوزع لكنه لا يكفي لسد الاحتياجات أبدا.

ونشر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي قائمة قالوا إنها لأسعار المواد الغذائية الرئيسية في الغوطة المحاصرة.

"غاز البلاستيك"

وقال حسن (27 عاما)، وهو ناشط إعلامي، من مدينة دوما في الغوطة الشرقية إن راتبه الشهري مكنه من تأمين المستلزمات الأساسية للعائلة؛ فلديهم مؤونة تكفي نحو شهر واحد، في حين أن كثيرا من الناس فقدوا أعمالهم منذ زمن، وبالتالي فهم غير قادرين على شراء حتى الأساسيات.

وأوضح أن المشكلة لا تقتصر على عدم توفر الطعام، بل قال إنه يصعب أيضا الحصول على الوقود.

وعن الطرق البديلة المستخدمة للطبخ، قال حسن إن كثيرين يشترون اليوم "غازا يستخرج من البلاستيك" نظرا لأن الناس لم يعودوا قادرين على شراء أسطوانات الغاز، كما أن الناس - منذ زمن - عادوا لشراء الحطب.

وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أطلق نشطاء حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان "الأسد يحاصر الغوطة". لكن عددا من النشطاء انتقد الفصائل المسلحة المسيطرة على الغوطة والمتقاتلة، كما انتقدوا "عدم شفافية منظمات الإغاثة" العاملة في تلك المناطق.

وتقول مديرة الإعلام في اليونيسف إن المنظمة أدخلت مساعدات إنسانية للغوطة الشرقية خمس مرات هذا العام "لكن هناك حاجة لمزيد من القوافل الإنسانية لتلبية الاحتياجات".