اسطنبول: وافقت محكمة في اسطنبول مساء الاربعاء على منح إطلاق سراح مشروط لثمانية ناشطين حقوقيين يحاكمون بتهم ارهابية، بينهم مديرة فرع منظمة العفو الدولية (امنستي) في تركيا أديل ايزر ومواطن الماني وآخر سويدي.

في المقابل أمرت المحكمة بالإبقاء على رئيس فرع أمنستي في تركيا تانر كيليش قيد التوقيف. ويحاكم كيليش بتهمة "الانتماء الى تنظيم ارهابي مسلح"، في حين يحاكم الثمانية الباقون بتهمة "دعم منظمة إرهابية مسلحة"، في قضية تثير قلق المجتمع الدولي.

ومن المفترض تنفيذ قرار المحكمة واطلاق سراح الموقوفين الثمانية ليل الاربعاء. وقال الامين العام لأمنستي سليل شيتي في بيان تعليقا على القرار "اليوم، أخيرا، نحتفل بان اصدقاءنا وزملاءنا سيتمكنون من العودة الى اقاربهم والنوم في أسرّتهم"، مشددا على ان هذه الفرحة "ينغّصها بقاء (كيليش) قيد التوقيف".

ويمثل كيليش امام المحكمة عبر الفيديو من سجنه في ازمير. اما المتهمان الاجنبيان اللذان يحاكمان في هذه القضية وهما الالماني بيتر شتودنتر والسويدي علي غروي فيمكنهما مغادرة تركيا لأن قرار اطلاق سراحهما لم يقيّد بشرط المنع من السفر، بحسب وكلاء الدفاع عنهما.

وخلال جلسة الاربعاء نفى المتهمون الواحد تلو الآخر الاتهامات الموجهة اليهم. وقالت ايزير خلال المحاكمة "ارفض كل هذه الاتهامات (...) الدفاع عن حقوق الانسان ليس جرما". واكد السويدي الموقوف علي غروي انه "بريء من كل هذه الاتهامات"، لافتا الى ان القرار الاتهامي كان "مليئًا باسماء منظمات (...) لا يعرفها".

ورفضت منظمة العفو هذه الاتهامات التي "لا أساس لها" ونددت بمحاكمة تهدف الى ترهيب الناشطين الحقوقيين في تركيا وذلك وسط تراجع الحريات في البلاد منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2015.

اطلقت السلطات التركية بعد الانقلاب الفاشل عملية تطهير مكثفة ضد آلاف الاشخاص الذين اعتبرتهم السلطات مؤيدين للداعية فتح الله غولن، وضد معارضين وأشخاص ينتقدون الرئيس رجب طيب اردوغان. وتتهم أنقرة غولن بأنه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب. وينفي غولن المقيم في الولايات المتحدة اي صلة له بالانقلاب الفاشل.

ادعاءات مبالغ بها 
وأوقف معظم المتهمين الذين يحاكمون الاربعاء في يوليو خلال مشاركتهم في ورشة تدريب في جزيرة بويوكادا قبالة سواحل اسطنبول. وكان كيليش أوقف للاشتباه بتورطه في محاولة الانقلاب. وقد تم دمج ملف قضيته مع ملفات عشرة متهمين آخرين في قضية واحدة.

جاء في القرار الاتهامي ان الناشطين حاولوا إشاعة "الفوضى" في المجتمع لدعم التظاهرات المعادية للحكومة ودعموا ما لا يقل عن ثلاث "منظمات ارهابية"، هي حركة الداعية غولن وحزب العمال الكردستاني ومجموعة صغيرة من اليسار المتطرف يطلق عليها اسم "دي اتش كي بي -سي".

وقال المتهم الالماني بيتر شتويدنر "بعض المنظمات الارهابية التي من المفترض ان اكون منتميا اليها لا اعرفها الا بالاسم"، مشددا على انه "غير مذنب". وأعربت منظمة العفو في بيان عن الاسف "لادعاءات مبالغ بها توازي بين نشاطات تقليدية للدفاع عن حقوق الانسان وبين تقديم الدعم لمنظمات ارهابية".

وزاد توقيف الناشطين وإحالتهم امام القضاء من المخاوف المرتبطة بالتعديات على الحريات منذ الانقلاب الفاشل الذي تلته حملات تطهير تم خلالها توقيف اكثر من 50 الف شخص من بينهم صحافيين وافراد من المجتمع المدني ينتقدون النظام. وأوقف في الاسبوع الماضي رجل الاعمال عثمان كفالا الذي ينشط في المجتمع المدني في اسطنبول.

لندن وباريس "قلقتان"
واتُهم كيليش خصوصا باستخدام تطبيق "بايلوك" للرسائل النصية الذي تعتبره السلطات أداة تواصل بين مدبري الانقلاب، لكن منظمة العفو تؤكد ان عمليتي تفتيش مستقلتين لهاتف كيليش بطلب منها، لم تكشفا اي تحميل للتطبيق. وكان شتويدنر وغرافي يتوليان تدريبا خلال ورشة عمل في بويوكادا.

أدى توقيف شتويدنر الى توتر شديد في العلاقات بين أنقرة وبرلين التي أعلنت بعدها إعادة تحديد توجهاتها، ولا سيما سياساتها الاقتصادية حيال تركيا. كما استدعت السويد السفير التركي في ستوكهولم في شان غرافي، معربة عن "القلق" ازاء الاتهامات الموجهة اليه.

واعربت فرنسا التي حضر قنصلها العام في اسطنبول المحاكمة عن "قلقها البالغ"، كما اعلن وزير الخارجية الفرنسي ان بلاده "(تطالب) بالافراج سريعا عن الناشطين الذين لا يزالون قيد التوقيف".

من جهته اشار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في تغريدة على تويتر الى انه اعرب لنظيره التركي مولود تشاوش اوغلو خلال محادثة هاتفية عن "قلق كبير" لبلاده حيال هذه المحاكمة.