برلين: استأنفت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل السبت محادثات صعبة لتشكيل ائتلاف حكومي وتفادي دخول أكبر اقتصاد في أوروبا أتون أزمة سياسية. 

وفازت الزعيمة المخضرمة التي تحكم منذ العام 2005 في انتخابات 24 سبتمبر دون حصول تكتلها المحافظ على غالبية واضحة، تحديدا بسبب تقدم الحزب اليميني المتشدد "البديل لألمانيا" حيث بات عليها الآن إقامة تحالف غير متوقع مع "الحزب الديموقراطي الحر" الليبرالي و"حزب الخضر" اليساري الطابع. 

لكن خلافاتهم السياسية العميقة خصوصا في ما يتعلق بالهجرة والبيئة تعرقل المفاوضات الماراثونية المستمرة منذ شهر ما ادى الى بلوغ الموعد النهائي الخميس دون التوصل إلى اتفاق ما دفعهم إلى الإعلان بأنهم سيستمرون بالمحادثات حتى مساء الأحد.

واذا لم تتوصل الأحزاب الأربعة الممثلة للاتجاهات الرئيسية في الطيف السياسي، فستبقى الحكومة في متاهة فعلية فيما ستظل ميركل عبارة عن مستشارة تصريف أعمال. 

وفي حال فشلوا، فيرجح أن تجري ألمانيا انتخابات مبكرة وهو ما سيعرض ميركل إلى مزيد من الانتقادات حتى في صفوف حلفائها لان ذلك قد يعزز موقع حزب "البديل لألمانيا" المناهض للهجرة والإسلام.

وقال الكسندر دوبرندت من "الاتحاد المسيحي الاجتماعي"، وهو حزب بافاري متحالف مع ميركل، "هناك رغبة في ضمان نجاح هذه المهمة السياسية، ولكن النجاح لا يمكن أن يكون بأي ثمن". 

وأكد زعيم "الحزب الديموقراطي الحر" كريستيان ليندر "سينتهى الأمر الأحد عند الساعة 18,00 (17,00 ت غ). علينا التوصل إلى قرار في عطلة نهاية الأسبوع الحالية".

وأشارت صحيفة "سوديتش تسايتونغ" إلى أن ميركل، التي لم يعد يُنظر إليها على أنها غير قابلة للهزيمة، "تواجه حاليا أصعب مهمة خلال قيادتها حتى الآن". 

وقال خبير الشؤون السياسية البريخت فون لوكيم لمحطة "ان تي في" الإخبارية أن "الخاسر (حتى الآن) هي انغيلا ميركل" لأنها بدلا من النضال من أجل مبادئ معينة، "حاربت استراتيجيا من أجل الاحتفاظ بالسلطة". 

نقاط خلافية عدة 

وبعد ساعات من انتهاء اجتماع استمر 15 ساعة حوالي الساعة الرابعة صباحا الجمعة، قالت ميركل التي عايشت عددا لا يحصى من اجتماعات الاتحاد الأوروبي التي امتدت ساعات متأخرة من الليل أن "مهمة تشكيل حكومة لألمانيا أمر غاية في الأهمية ويستحق العناء".

من جهته، قال زعيم "الاتحاد المسيحي الاجتماعي" هورست سيهوفر "لدينا هدف الانتهاء بحلول الأحد لأن للشعب الألماني الحق في معرفة" إن كان سيتم تشكيل حكومة جديدة. 

وتخيم مسألة الهجرة الشائكة على الواقع السياسي الذي تعيشه ألمانيا، وهي قضية حساسة للغاية منذ فتحت ميركل الحدود عام 2015 أمام أكثر من مليون طالب لجوء. 

وفيما يدعو "الاتحاد المسيحي الاجتماعي" إلى تحديد عدد الوافدين مستقبلا ب 200 ألف كل عام، يصر حزب الخضر على ضرورة السماح لمزيد من اللاجئين بإحضار عائلاتهم. 

ولا تزال هناك كذلك خلافات عدة بشأن السياسة المتعلقة بالمناخ حيث يطالب الخضر بالتخلص التدريجي من الفحم الملوث والسيارات التي تعمل بمحرك الاحراق فيما يصر المحافظون والحزب الديموقراطي الحر على ضرورة حماية الصناعات والوظائف. 

ويعقد الخضر مؤتمرا لحزبهم بعد نحو أسبوع حيث سيقرر الأعضاء إما الموافقة على التنازلات التي حصل عليها قادة الحزب من الأحزاب الأخرى أو رفضها. 

نجم ميركل سيخبو

وجدد زعيم الحزب الاشتراكي-الديموقراطي (يسار وسط) مارتن شولتز، الذي سبق وتحالف مع ميركل قبل ان ينضم للمعارضة بعد الخسارة التي مني بها في الانتخابات، انتقاده المفاوضات الجارية. 

واتهم الأحزاب الأربعة بالبحث عن "أقل قاسم مشترك" في جو يسوده "الحد الأقصى من عدم الثقة المتبادلة" بقيادة ميركل التي وصفها بـ"بطلة العالم في الضبابية". 

ورأى شولتز أن تحالفا شاذا بين الأحزاب الأربعة سيقلص دور ألمانيا في الاتحاد الأوروبي ويساهم في اصابة "أوروبا بالشلل". 

من ناحيتها، كتبت صحيفة "فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ" أنه رغم العراقيل "ليس بإمكان ميركل أن تفشل لأن الحزب الاشتراكي الديموقراطي (...) لن ينقذها مجددا". 

وأوضحت أن الأحزاب الأصغر "تتحارب على حساب المستشارة، التي لن تحصل بالضرورة على الإشادة في حال نجحت المحادثات ولكنها بكل تأكيد ستواجه الملامة في حال فشلت المحاولة". 

وسيشكل اجراء انتخابات جديدة ضغطا على جميع الأحزاب، وفقا للصحيفة، ولكن تحديدا على المستشارة "لأن نجم ميركل سيخبو بشكل أسرع وربما سيختفي تماما".