إيلاف من الرباط: يبدو أن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفينة أنصار الولاية الثالثة لعبد الاله ابن كيران، على رأس حزب العدالة والتنمية المغربي، بعد أن نجح تيار ما بات يعرف إعلاميا بـ "تيار الوزراء" في قلب الطاولة وقطع الطريق أمام الولاية الثالثة لأمين عام الحزب الذي حقق انتصارات انتخابية كاسحة في عهده.

"إيلاف المغرب" كانت حاضرة في مكان انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي أنهى أشغاله الأحد بمركز مولاي رشيد ضواحي مدينة سلا المجاورة للرباط، واستقت جملة معطيات من طرف عدد من أعضاء المجلس الوطني للحزب، ذي المرجعية الإسلامية، وعادت بالتقرير التالي، الذي يحاول تقريب القارئ من الصورة التي جرى من خلالها وضع حد لوجود ابن كيران على راس الأمانة العامة للحزب.

فرغم تسليم التيار المؤيد للولاية الثالثة لابن كيران بنتيجة التصويت التي آلت لصالح " تيار الوزراء" في التصويت على المادة 16 من النظام الأساسي للحزب(126 صوتا مقابل 101، و4 أصوات ملغاة)، سجل عدد منهم في تصريحات متفرقة أن النتيجة جاءت عكس التوقعات والنقاش الذي ساد أطوار المجلس الوطني الذي كان يميل في عمومه إلى التمديد لابن كيران.

 

عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي 

 

الخوف على المصالح 

وأفاد أحد أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، فضل عدم ذكر اسمه في تصريح ل"إيلاف المغرب" بأن منطق المصالح الشخصية والمؤسساتية لعب دورا في ترجيح كفة الطرف المعارض للولاية الثالثة لابن كيران، معتبرا أن ارتباط عدد من أعضاء المجلس بالوزراء الذين أعلنوا معارضتهم لتعديل المادة 16 دفعهم للتصويت ضد المادة، مراعاة لهذا الجوانب.

وأكد المصدر ذاته أن تيار الوزراء نجح في ترهيب عدد من رؤساء المجالس البلدية والمنتخبين من أن الولاية الثالثة ستكون لها عواقب سلبية على تدبير المجالس، ملوحين بأن الأمر يمكن أن يؤدي إلى "بلوكاج" شبيه بما عاناه الحزب عقب ظهور نتائج انتخابات 7 أكتوبر الماضي.

وسجل المتحدث ذاته، أن حزب العدالة والتنمية أصبح يعيش "نوعا من التداخل بين النضال والمصالح"، مؤكدا أن الخط النضالي الذي يمثله ابن كيران "يمكن أن يربك هذه المصالح، وهناك من لا يريد أن يضحي بهذه المصالح ويرغب في أن يستمر في تحقيق المصالح والحفاظ على المؤسسات المنتخبة وسيرها على نفس الإيقاع"، لافتا إلى أن تيار الوزراء لعب هذه الورقة واستغلها بشكل جيد، في اتصالات مباشرة مع هذه الفئة من أعضاء المجلس الوطني.

وقوف الذراع الدعوية ضد التعديل

من جهة أخرى، لعبت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للحزب دورا كبيرا في إنهاء حلم الولاية الثالثة الذي راود مؤيدي ابن كيران، حيث تصدى عدد من قياداتها الحاضرين في المجلس الوطني للتعديل وهاجموا الولاية الثالثة في النقاش الذي عرفته الدورة الاستثنائية.

وقالت مصادر "إيلاف المغرب"، إن محمد الحمداوي، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، الذي انتخب برلمانيا عن دائرة العرائش في الانتخابات التشريعية الأخيرة وألحقه ابن كيران بالأمانة العامة للحزب، قدم مداخلة قوية دافع فيها فيها عن الرأي المعارض للولاية الثالثة.

وقال الحمداوي، حسب أحد أعضاء المجلس الوطني في مداخلته إن تعديل القوانين "ليس من منهجنا وأنه في حال تعديل القانون وانتخاب ابن كيران أمينا عاما سنجعله مرشدا على رأس سعد الدين العثماني"، وأردف قائلا "أنتم تعلمون أن قضية المرشد كانت في مصر، وأين وصلت النتائج".

واعتبر مؤيدو الولاية الثالثة لابن كيران أن كلام منسق مجلس الشورى لحركة التوحيد والإصلاح، كان مؤثرا في موقف عدد من أعضاء المجلس الوطني نظرا للمكانة الرمزية التي يتمتع بها الحمداوي، بصفته رئيسا سابقا للحركة التي يعد جل أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أعضاء فيها.

وانضافت مداخلة الحمداوي، إلى المعارك التي خاضها محمد الهلالي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، بالإضافة إلى أعضاء قياديين آخرين في وسائل التواصل الاجتماعي ضد فسح المجال أمام الولاية الثالثة لابن كيران، وهو ما عده البعض، موقفا موحدا لدى الحركة من الولاية الثالثة، وعملت على تصريفه من خلال أعضائها، الأمر الذي نفاه رئيسها عبد الرحيم شيخي في تصريحات إعلامية سابقة.

خطة مدروسة

وحسب المعطيات التي حصلت عليها "إيلاف المغرب" فإن "تيار الوزراء" دخل محطة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الاستثنائية، بخطة مدروسة من أجل كسب الرهان والإطاحة بالتعديلين المقترحين بخصوص المادتين 16 و37 من النظام الداخلي للحزب، وهو ما نجح فيه باقتدار.

وذهب عدد من أعضاء المجلس الوطني، إلى القول ان ترتيب المداخلات التي شهدتها ساعات النقاش الطويل حول الولاية الثالثة، عرفت تلاعبا من طرف رئيس المجلس، إذ سجل أعضاء أن ال116 مداخلة التي عرفها النقاش، عرفت تأخير مداخلات الوزراء والعناصر المعارضة للولاية الثالثة، فيما جرى تقديم المداخلات المؤيدة لتعديل المادة 16 رغم أن ترتيبها كان بعد هؤلاء المتدخلين،حسب ذات المصادر، وهو ما عدوه مؤثرا في رأي الفئة الصامتة من أعضاء المجلس الوطني التي كانت لها الكلمة في ترجيح كفة "تيار الوزراء" على مؤيدي ابن كيران.

...