إيلاف من نيويورك: لا يتوانى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب عن الرد على كل منتقديه سواء أكانوا صحافيين أم سياسيين اميركيين أو دوليين، ولا يترك خصومه ينعمون بفرصة ازعاجه دون تلقيهم ردودا قاسية في معظم الأحيان.

هكذا بنى ترمب شخصيته السياسية، لا يترك شيئًا يمر مرور الكرام، يشن الهجوم تلو الهجوم ونادرا ما تجده في موقع الدفاع، وكأنه يطبق احد تكتيكات كرة القدم التي تقول إن افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم.

صامت حيال تحقيق مولر

ولكن الرجل الذي تدوى صدى تغريداته في العالم أجمع، يعتصم بالصمت إزاء التحقيقات التي يجريها المحقق الخاص روبرت مولر وفريقه، وبالكاد يمكن العثور على تعليق له في هذا الملف بإستثناء التأكيدات التي خرج بها بعد توجيه اتهامات الى بول ماناورت ومايكل فلين، بأن لا وجود للتواطؤ بين روسيا وحملته خلال الانتخابات.

تكتيك ترمب في مواجهة مولر نابع من النصائح التي تلقها من فريقه القانوني بعدم مهاجمته وانتظار النتائج، وبلا ادنى شك فإن الرئيس يراقب مبتسمًا الأخطاء التي ارتكبها فريق المحقق الخاص، ويعكف على تجميع الأدلة الحاسمة للهفوات التي وقع بها رجال مولر تمهيدا ربما لإتخاذ الاجراء المناسب الذي يريحه من كابوس التحقيق، او انتظار خطوات السياسيين الجمهوريين في الكونغرس الذين تحركوا في الأيام الماضية بعد التسريبات التي تناولت فريق التحقيق.

من الموقع القوي الى الموقف الصعب

المحقق الخاص وحتى الأسبوع الماضي كان في موقع قوي، يطلب فريق ترمب الحالي والسابق (ابان الحملة) للاستماع الى اقوالهم والمعلومات التي يمتلكونها او التي وقعت تحت أيديهم خلال الانتخابات، سعيًا للحصول على دليل يثبت التواطؤ بين الحملة والروسي، لكن الفضائح التي خرجت الى العلن دفعة واحدة جعلت مولر في موقف صعب.

وبعد الاخبار التي تناولت العضو البارز في فريق التحقيق، بيتر سترزوك ورسائله المناهضة لسياسات ترمب، أتى الدور على المحامي اندرو فايسمان العامل في مكتب التحقيقات الفدرالي على خط التحقيق مع حملة ترمب.

محقق بارز محسوب على هيلاري

وبحسب الاعلام، فإن فايسمان شارك في حفلات انتخابية للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2017، مما يطرح مجددًا تساؤلات كبيرة عن مدى عدم تحيز فريق التحقيق الخاص بإعتبار ان اثنين من ابرز العاملين فيه يعارضان الرئيس الأميركي.

نشاط فايسمان لا يتوقف عند المشاركة في احتفالات انتخابية لكلينتون، فالوثائق أظهرت انه سبق له وقدم تبرعات مالية بالآلاف الدولارات لباراك أوباما عام 2008، وكذلك للحزب الديمقراطي عام 2006.

اسم فايسمان كان قدر ورد أيضًا في وقت سابق، بعد الكشف عن رسائل بريدية بعث بها الى سالي يتس وزيرة العدل السابقة بالوكالة، وتضمنت اشادة بموقفها الرافض لقرار ترمب التنفيذي بمنع عدد من مواطني دول إسلامية بدخول الولايات المتحدة الأميركية.

دوافع سياسية تحرك التحقيق

البيت الأبيض لم يعلق بعد على فضائح فريق التحقيق، ويبدو ان ترمب عهد الى المقربين منه من خارج الإدارة بالهجوم على مولر وضرب مصداقية التحقيقات التي اجراها. وبالتزامن، كشف استطلاع للرأي أجرته سي بي اس أن 48% من الاميركين يعتقدون ان تحقيق مولر تحركه دوافع سياسية.

النائب الجمهوري بيتر كينغ الذي اكد في وقت سابق انه سيقوم مع زملائه بمراجعة الرسائل النصية والبريدية الخاصة ببيتر سترزوك، حذر اليوم ترمب من طرد مولر، حيث قال،" أسوأ شيء قد يقوم به ترمب هو طرد مولر، ليس بسبب العمل العظيم الذي يقوم به، بل لأن محامي الرئيس يعتقدون أن الامور ذاهبة بالاتجاه الصحيح، وكذلك لا ينبغي إعطاء فرصة للديمقراطيين والاعلام باختلاق قصص مزيفة".