إيلاف من نيويورك: هزيمة تاريخية مُني بها الجمهوريون في معقلهم بولاية الاباما، ورغم محاولات الرئيس الأميركي التقليل من وقعها والتملص من تحمل مسؤوليتها، إلًا ان تداعياتها ستصيب الانتخابات النصفية القادمة.

قبل الثاني عشر من ديسمبر، كان الجمهوريون يمتلكون 52 عضوًا في مجلس الشيوخ مقابل 48 يتوزعون بين الديمقراطيين وحلفائهم المستقلين، خسارة القاضي روي مور جعلت الحزب الجمهوري وترمب في موقف صعب في مجلس الشيوخ بظل وجود معارضة داخلية شرسة ابطالها، جون ماكين وجيف فلايك وبوب كوركر وآخرين، مما يضع مهمة تمرير أجندة الرئيس التشريعية في مهب الريح.

مرشحون لائقون

ورغم ان الاباما التي تعوّد الجمهوريون فيها على تحقيق انتصارات كاسحة على نظرائهم الديمقراطيين، لن تغير جلدها من الأحمر الى الأزرق مرة واحدة، غير ان وصول مرشح كدوغ جونز يمتلك وجهة نظر تتعارض مع توجهات أغلبية الناخبين، أمر جدير بالتوقف عنده، فالنتائج التي افرزتها الانتخابات في الاباما لا يمكن وضعها في خانة التنافس الحزبي الشرس، بل رسالة تؤكد ضرورة اختيار مرشحين لائقين لخوض الانتخابات وتمثيل الناخبين.

الخطأ القاتل

ترمب لم يخسر يوم الثلاثاء فقط، فقبل 12 ديسمبر سقط الرئيس ايضًا في السادس والعشرين من سبتمبر الماضي عندما انهزم مرشحه لوثر سترينج امام روي مور، ولكن الخطأ القاتل الذي ارتكبه ترمب وادى إلى الخسارتين الكبيرتين حصل في شهر أغسطس الماضي.

السادس عشر من أغسطس 2017، الجمهوريون استنفروا في الاباما للتصويت في الانتخابات التمهيدية لاختيار ممثل الحزب لمواجهة الديمقراطي دوغ جونز في الثاني عشر من ديسمبر، ثلاثة مرشحين ينتمون الى الحزب الجمهوري تنافسوا على المقعد، السناتور المعين خلفا لجيف سيشنز، لوثر سترينج، النائب موريس بروكس، والقاضي المحافظ روي مور.

الرئيس لم يختار مرشحه

رجال ترمب انقسموا بين المرشحين، بانون الذي كان لا يزال في البيت الأبيض في تلك الفترة اندفع ورجاله لتأييد مور، بينما عمل جاريد كوشنر وميتش ماكونيل على اقناع الرئيس بدعم لوثر سترينج، ولم ينبرِ أحد للفت نظر الرئيس الى وجود مرشح ثالث يدعى موريس بروكس يعد من أشد مؤيدي سياسات ترمب المتعلقة بالهجرة والجرائم والضرائب وغيرها.

بروكس سقط في الجولة الأولى بعدما حل في المركز الثالث خلف روي مور الذي جاء أولا، ولوثر سترينج الذي جاء ثانيا، فخرج بخفي حنين علمًا بأنه حصد دعم رموز في التيار المحافظ كالاعلامي شون هانيتي وان كولتر، غير ان الانقسام الحاد بين سترينج ومور اضعف آماله.

بعد اعلان نتيجة انتخابات الاباما ليل الثلاثاء، غرًد ترمب مهنئًا دوغ جونز على انتصاره، ولكنه اردف قائلا،" تأييدي للوثر سترينج في الانتخابات التمهيدية كان بسبب معرفتي بأن روي مور لن يتمكن من الفوز في الانتخابات العامة".

تساؤلات خطيرة

تبرير ترمب ومحاولته التملص من تحمل مسؤولية الهزيمة طرحا تساؤلات كبيرة أخطر على الرئيس من كارثة مور، فإذا كانت بصيرة ترمب دفعته لتأييد سترينج منذ البداية على حساب مور، لأن الأخير سيسقط بالانتخابات العامة، وعلمًا بأن ترمب اخذ موقفه هذا قبل انكشاف فضائح القاضي الجنسية، فلماذا لم يستغل الرئيس فرصة ادعاءات الفتيات ضد القاضي المحافظ والطلب منه الانسحاب ثم الدفع ببروكس لمنازلة المرشح الديمقراطي، او الاستعانة مجددا بسترينج.

من المسؤول؟

نكسة الجمهوريين في الاباما يتحمل مسؤوليتها بصورة رئيسية ترمب أولا، ثم صهره جاريد كوشنر بالتكافل والتضامن مع زعيم الأكثرية ميتش ماكونيل، وكبير مساعدي ترمب سابقا، ستيفن بانون الداعم الأكبر لمور، وبلا ادنى شك فإن الصراع المحموم بين القطبين (ماكونيل وبانون) سيعود بنتائج كارثية على الجمهوريين في انتخابات 2018 سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب.