الرباط: فاز سبعة مغاربة بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة، في دورتها المزدوجة 13 و14 لسنتي 2017 و2018، التي أعلن مشروع "ارتياد الافاق" عن نتائجها، والتي يمنحها "المركز العربي للأدب الجغرافي" سنوياً، ويرعاها الشاعر محمد أحمد السويدي، إلى جانب عدد من المشروعات التنويرية الورقية والالكترونية، تحت مظلة "دارة السويدي الثقافية"، ويشرف عليها مدير عام المركز الشاعر نوري الجراح.

وضمت لائحة الفائزين، بالجائزة التي تألفت لجنة تحكيمها من خلدون الشمعة وعبد الرحمن بسيسو ومفيد نجم ووليد علاء الدين والطائع الحداوي فيما نسق عملها مدير عام الجائزة الشاعر نوري الجراح ، ورشــاالخطيب (الأردن) ، وأمير العمري (مصر) وكمال الرياحي (تونس) وتيسير خلف (سوريا) ومريم حيدري (إيران) وعبد الرحيم حزل، والمهدي الغالي ،وأحمد بوغلا ،وعز المغرب معنينو ،ورشيد اركيلة ،وسليمان القرشي ،وعبد النبي ذاكر (المغرب).

الأعمال الفائزة

فاز بالجائزة عن فرع (النصوص الرحلية المحققة) المهدي الغالي (المغرب) عن "الرحلة الناصرية الكبرى 1782" لمحمد بن عبد السلام الناصري التمكروتي، وعز المغرب معنينو (المغرب) عن "رحلة حاج مغربي في زمن الحماية" لادريس بن محمد بن إدريس الجعيدي السلوي 1930، وسليمان القرشي (المغرب) عن "من المغرب إلى الحجاز عبر أوروبا 1857" لمحمد الغيغائي العمري الوريكي، وتيسير خلف (سوريا) عن "من دمشق إلى شيكاغو- رحلة أبو خليل القباني إلى أميركا 1893".

وفاز بالجائزة عن فرع (الرحلة المعاصرة-سندباد الجديد) أمير العمري (مصر) عن "العالم في حقيبة سفر".

ارتياد الآفاق .. جسر بين المشرق والمغرب وبين العرب والعالم

وتبنت الجائزة طبع مخطوطي طارق ابراهيم حسان (مصر): "سيرة مسافر -رحلة إلى شرق السعودية"، وعبد الله صديق (المغرب): "طَبَقُ الغُمُوضِ الجَمِيلِ-أيام في لبنان"، وهو كتاب رعت الجائزة رحلة مؤلفه إلى بيروت في إطار مشروع (رواد الآفاق) المخصص لرعاية رحلات المؤلفين الرحالة.

وفاز بجائزة فرع (اليوميات) كمال الرياحي (تونس): "واحد صفر للقتيل-يوميّات جزائرية". وتبنت الجائزة طبع كتاب سوزان الفرا (فلسطين): "بيت النقب".

وفاز بالجائزة عن فرع (الدراسات) أحمد بوغلا (المغرب) عن "الرحلة الأندلسية"، وعبد النبي ذاكر (المغرب) عن "المغرب والغرب - نظرات متقاطعة"، ورشــا الخطيب (الأردن) عن "في ســيـرة أحمد بن قاسم الحجري (أفوقاي) الأندلسـي/المترجم والرحالة والسفير".

وفاز بالجائزة عن فرع (الترجمة) عبد الرحيم حزل (المغرب) عن "النجمة والصليب والهلال -رحلة إلى الأراضي المقدسة" لريجيس دوبريه، ومريم حيدري (إيران) عن "يومياتي- ذكريات تاج السلطنة- ابنة ناصر الدين شاه القاجاري 1914-1016"، ورشيد اركيلة (المغرب) عن "رحلة ناصر الدين شاه إلى أوروبا 1873".

وتبنت الجائزة طبع كتاب بو شعيب الساوري (المغرب): "اثنتا عشرة سنة من الاستعباد- رحلة مِحَن أسِيرة هُولَندية في بِلاد المغرب (1731-1743) لماريا تير ميتلن، وكتاب محمد ناجي بن عمر (المغرب): "رائحة البارود (في طريق احتلال الجنوب المغربي مع طابور مانجان 1912-1913)" لتشارلز جوزف الكساندر كورنيه.

رحلات أخرى

إلى جانب المخطوطات الفائزة وتلك التي أوصت اللجنة بطبعها، تبنت الجائزة نشر عدد من الرحلات المعاصرة واليوميات جاءت إما بشكل منفصل عن الجائزة، أو مما اختارته لجنة التحكيم لقيمته الاستثنائية.

وكانت جائزة ابن بطوطة قد أنجزت دورتها الأولى في مطلع عام 2003، وتمنح سنوياً لأفضل الأعمال المحققة والمكتوبة في أدب الرحلة، وجاءت انسجاماً مع طموحات الدار في إحياء الاهتمام العربي بالأدب الجغرافي.

حصاد وفير

يقول القائمون على الجائزة، إن معايير اختيار الفائزين هذا العام وفي كل عام تستند أولا إلى جودة الأعمال المتسابقة وابتكاريتها، والتزامها بقواعد البحث والتحقيق المتعارف عليها، وإلى ما تضيفه الأعمال المختارة إبداعيا ومعرفيا إلى المنجز العربي في أدب الرحلة، أكانت نصاً إبداعيا أم تحقيقا ودراسة. ولا تتأثر أحكام لجنة التحكيم بأي معطى سياسي. ولا تتدخل إدارة الجائزة بقرارات لجنة التحكيم. وأبرزوا أن حصاد هذا العام كان وفيراً، من المخطوطات التي ترفد خزانة أدب الرحلة العربي بمزيد من الكتابات المهمة، والتي تركز حضورا يزداد أهمية وتألقاً لأدب الرحلة في مكتبة الأدب العربي.

مشاركات

بلغ عدد المخطوطات المشاركة 64 مخطوطاً، جاءت من 12 بلدا عربياً، توزعت على الرحلة المعاصرة، وعلى المخطوطات المحققة، والدراسات في أدب الرحلة، وأدب السيرة واليوميات، والرحلة المترجمة.

وقد نزعت أسماء المشاركين من المخطوطات قبل تسليمها لأعضاء لجنة التحكيم لدواعي السريّة وسلامة الأداء.

وجرت تصفية أولى تم بموجبها استبعاد الأعمال التي لم تستجب للشروط العلمية المنصوص عنها بالنسبة إلى التحقيق، والدراسة أو ما غاب عنه المستوى بالنسبة إلى الجائزة التي تمنحها الدارة للأعمال المعاصرة. وفي التصفية الثانية بلغ عدد المخطوطات 27 مخطوطة.

توزيع الجوائز

توزع الجوائز، حسب القائمين عليها، في احتفالين متعاقبين، يقامان في النصف الأول من العام القادم، في بلدين عربيين، هما المغرب والإمارات: أواسط الشهر الثاني في المعرض الدولي للكتاب والنشر في الدار البيضاء الذي تنظمه وزارة الثقافة والاتصال المغربية ما بين 8 و18 فبراير المقبل بالمغرب، وأوائل الشهر الرابع (الإمارات)، خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

ويرافق الاحتفالين ندوة ومعرض حول أدب الرحلة والأعمال الفائزة يشارك فيهما الفائزون وأعضاء لجنة التحكيم إلى جانب نخبة من الدارسين ويرافقهما معرض كتاب لمنشورات مشروع "ارتياد الآفاق" تحت عنوان "الرحلة العربية في ألف عام".

وتتمحور الندوة حول "الرحلة من المغرب وإليه" و"رحلات الحج المغربية والرحلة المغربية إلى المشرق" و"الرحالة الأوروبيين إلى مشرق العالم العربي ومغربه" و"الرحلة العربية إلى أوروبا: أسماء وعلامات وتجارب" و"الرحلة المعاصرة/الرحالة شاعراً وأديباً: اختلاف اللغة وتعدد الرؤى والتطلعات" و"الملامح الجديدة في أدب اليوميات في الثقافة العربية المعاصرة" و"التطور الحاصل في مناهج دراسة أدب الرحلة العربي".

دورة مزدوجة

مع هذه الدورة المزدوجة عن سنتين، رأى الشاعر محمد أحمد السويدي، راعي الجائزة، حسب ما جاء في بيان توصلت "إيلاف المغرب" بنسخة منه، أن نتائج هذا العام مميزة على غير صعيدي، إنما يمكن أن أشير إلى أننا شهدنا إقبالاً على ترجمة نصوص مختارة من رحلات ويوميات لكتاب وشخصيات شرقية وغربية ستشكل إضافة إلى مكتبة الرحلة، بما يغني ذائقة القارئ ومعارفه بنصوص تفتح آفاقا أوسع على شبكة التواصل الحضاري بين الثقافات، وتمد بالتالي جسور التفاهم، وتكسر بعضا من جبال الجليد القائمة بين الثقافة العربية وثقافات العالم. أما النصوص الرحلية العربية فتغتني هذا العام بثلاث رحلات حجازية مهداة إلى روح الشيخ زايد باني نهضة الإمارات، والشخصية التي طالما عبرت عن انفتاح العربي على جواره القريب والبعيد، وحضت على الحوار، وعلى فتح النوافذ دونما خوف وبكثير من الشغف بالاختلاف واحترام المختلف.

من ناحية ثانية، عبرت الجائزة هذا العام عن استمرارها في الكشف عن الجديد وتقديم أقلام عربية لم يسبق لها أن غامرت في كتابة أدب الرحلة، لتضيف النصوص الفائزة إلى كوكبة الرحالة المعاصرين رحالة جددا، وإلى أدباء هذا اللون الأدبي الممتع أقلاما جديدة. 

ويضيف السويدي" ما أحوجنا في هذه البرهة العصيبة التي يمر بها العالم العربي إلى ثقافة الحوار والتواصل بين ثقافتنا العربية والثقافات الأخرى، بما يدفع عن العرب تلك التهم الباطلة بالتقوقع والتي تكال لهم جزافا، فنصوص الرحلة العربية في ديار الآخر إنما تعكس حقيقة الشخصية العربية المعاصرة في تطلعها الحضاري. 

وختم السويدي بالإشارة إلى أن العام المقبل "سيشهد انفتاحاً من قبلنا على بعض بلدان آسيا، خصوصا الهند واليابان، فالهند التي ارتبطت ثقافتها بالثقافة العربية، خصصنا لها برنامجاً متكاملاً للطواف في أرجائها من خلال السير عبر عدة مسارات، على خطا شيخ الرحالة العرب ابن بطوطة، سيقوم به أدباء وباحثون عرب وهنود.من جهة أخرى، لدينا مخطط للسير على خطا الشاعر الياباني المجيد باشو في اليابان سيشارك فيه أدباء وأكاديميون عرب ويابانيون. وذلك بالكتابة والصورة عبر الوثيقة القديمة والبحث الحديث.

ورأى الشاعر نوري الجراح، المشرف على أعمال "المركز العربي للأدب الجغرافي" وندوته العلمية وجائزته السنوية، وفق ما جاء في ذات البيان، أن المؤلفات الفائزة هذا العام تؤكد تطور حضور أدب الرحلة ودراساته في الثقافة العربية، بما يكشف باستمرار عن جديد ممتع ومكتنز بالمعارف. وفي الكتب الفائزة هذا العام أعمال تحقق للمرة الأولى، ودراسات تقدم كشوفا غير مسبوقة في نصوص الرحلة، وفق مناهج حديثة ورؤى متجددة. كذلك فإن اللافت هذا العام، أكثر من أي عام مضى رسوخ قدم المغاربة في أرض الكتابة والتحقيق والبحث في أدب الرحلة، وهو أمر ينبهنا إلى أمرين أولا: دور المتعاظم للجائزة ولمشروع "ارتياد الآفاق" في حض الأدباء والدارسين العرب على تطوير البحث والكتابة في هذا المضمار، وثانيا تلك الاستجابة الاستثنائية التي عبر عنها المغرب في رفد مكتبة التحقيق والبحث في أدب الرحلة وتطوير صيغ تواصل عملية مع "مشروع ارتياد الآفاق" وجائزة ابن بطوطة.