لندن: اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم سلطات اقليم كردستان العراق باخفاء أكثر من 350 معتقلا قسرًا في مدينة كركوك المتنازع علهيا داعية إياها إلى العمل على كشف مصير المختفين وتحديد وضعهم ومكان احتجازهم.

وأشارت المنظمة في تقرير لها الخميس تابعته "إيلاف" إلى أنّ هؤلاء المختفين هم بالغالب من العرب السنة، الذين نزحوا إلى كركوك أو من سكان المدينة التركمان، واحتجزتهم "الأسايش"، قوات الأمن التابعة للحكومة الإقليمية، للاشتباه بانتمائهم داعش بعد سيطرة القوات الإقليمية على كركوك في يونيو 2014. 

وقال مسؤولون محليون للمنظمة إن السجناء لم يكونوا في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في كركوك وحولها عندما استعادت القوات الاتحادية العراقية سيطرتها على المنطقة في 16 أكتوبر 2017.

مخاوف على سلامة المختفين

وأشارت "لما فقيه" نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش إلى أنّ "العائلات في كركوك مستميتة لتعرف ما الذي جرى لأقاربهم المحتجزين. الاحتجاز السري، بمعزل عن العالم، يثير مخاوف خطيرة بشأن سلامتهم".

ففي 7 نوفمبر الماضي تظاهر عشرات الأشخاص في كركوك مطالبين بمعلومات عن أقاربهم الذين يزعم أن قوات الأسايش قد احتجزتهم، مما أدى إلى إصدار بيان من رئيس الوزراء حيدر العبادي للتحقيق في حالات الاختفاء. 

وفي 8 من الشهر نفسه وفي أعقاب المظاهرة التي جرت في كركوك، نفى آزاد جباري، الرئيس السابق للجنة الأمنية في مجلس محافظة كركوك، أن تكون قوات الأسايش قد أخفت أحدا، وألقى باللوم على القوات الأميركية، حيث قال إن معظم المختفين تعود ملفتاهم إلى 2003 لغاية 2011.

الأمن الكردي يسلم عددا من المعتقلين

لكن محافظ كركوك بالوكالة، راكان سعيد، ورئيس شرطة كركوك قالا لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد المظاهرات بعدة أيام، سلمت قوات الأسايش إلى القوات الاتحادية العراقية في كركوك 105 محتجزا آخرا احتجزوا أولا في كركوك ونقلوا بعد ذلك إلى مرافق في السليمانية. 

وقال سعيد إن مكتب رئيس الوزراء العراقي أرسل وفدا للتحقيق ولم تتمكن المنظمة من الوصول إلى اعضائه حول النتائج التي توصلوا إليها، ولكنها تعتقد أن عدد المحتجزين الذين أخفتهم قوات حكومة إقليم كردستان أعلى بكثير.

وفي 12 ديسمبر، قال أحد أعضاء "لجنة حقوق الإنسان العراقية" في كركوك إنه بعد استعادة القوات الاتحادية العراقية سيطرتها على كركوك، قدمت العائلات شكاوى إلى اللجنة ضد سلطات حكومة إقليم كردستان بشأن اختفاء 350 شخصا على الأقل احتجزهم الأسایش في کرکوك وحولھا.

وأضافت المنظمة انها قابلت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني و17 ديسمبر، 26 شخصا قالوا إنهم شاهدوا قوات الأسايش تلقي القبض على 27 من أقاربهم، جميعهم من العرب السنة، بين أغسطس 2015 وأكتوبر2017 في كركوك أو جنوب المدينة. واوضح الشهود إنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أقاربهم منذ اعتقالهم ولم يتلقوا أي معلومات رسمية عن وضعهم ومكان وجودهم، وأعربوا عن قلقهم إزاء مكان وجودهم لأن المسؤولين العراقيين لم يتمكنوا من العثور عليهم.

اختفاء جماعي

وقد ذهبت أم غازي إلى المحكمة في كركوك للحصول على معلومات عن مكان وجود زوجها استنادا إلى لقطات كاميرا مراقبة تبين أن الأسايش احتجزته في كركوك بينما كان يسير في الشارع مع صديق في مارس 2017. بعد إجراء البحث، قالت المحكمة إنها لم تتمكن من العثور عليه في أي مركز احتجاز في المدينة.

وفي جميع الحالات الـ 27 التي تمت مناقشتها مع هيومن رايتس ووتش، قال أقارب إنهم سألوا قوات الأسايش الكردية المحلية أو قوات الشرطة عن أقاربهم، ولكنهم لم يتلقوا اعترافا رسميا بالاحتجاز أو معلومات عن مكان احتجاز أقاربهم أو سبب ذلك. في بعض الحالات، قال أفراد العائلة إنهم استطاعوا الحصول علی معلومات من قنوات غیر رسمیة تشیر إلی أن أقاربھم کانوا محتجزین من قبل الأسایش في أجزاء أخرى من إقلیم کردستان.

أقارب المختفين يتحدثون

وقال أقارب 4 من المخفيين إنه خلال الشهر الماضي، تواصل معهم معتقلين أفرج عنهم حديثا من قاعدة السلام العسكرية لحكومة إقليم كردستان العسكرية التابعة لقوات البشمركة في السليمانية، حيث تدير قوات الأسايش عددا من مرافق الاحتجاز غير الرسمية، وأخبروهم أنهم كانوا محتجزين في نفس الزنزانة مع أقاربهم.

وأشارت زوجة فيصل سلطان حامد إلى إن 4 رجال مسلحين يرتدون زي الأسايش الأسود اعتقلوا زوجها من منزلهم في كركوك منتصف الليل في 12 ديسمبر 2015. وقالت إن العائلة حاولت تحديد مكانه خلال العامين الماضيين، لكن قوات الأسايش لم تزودها بأي معلومات. في منتصف نوفمبر 2017، اتصل رجل أطلق سراحه مؤخرا من قاعدة السلام العسكرية بشقيق زوجها وقال إنه كان في زنزانة في القاعدة مع زوجها. قال إن حامد أعطاه رقم هاتف شقيقه وطلب منه أن يخبر شقيقه أنه على قيد الحياة.

اما يوسف شبير مصطفى فاوضح إنه في الساعة 3 صباح 28 مايو 2016، اقتحم 3 من ضباط الأسايش منزله واعتقلوا 2 من أبنائه البالغين وابن عمه الذي يعيش في الجوار. منذ ذلك الحين لم يتلق مصطفى أي معلومات رسمية عن وضعهم أو مكان وجودهم من الأسايش. وقال مصطفى "قال صديق صديقي مؤخرا إنه سمع أن الثلاثة كانوا محتجزين في قاعدة السلام العسكرية، لكن آخر قال إنه سمع أنهم في سجن جمجمال الفيدرالي في اقليم كردستان، بصراحة، أنا لا أعرف أين هم وأنا قلق جدا".

حكومة كردستان لاترد

وفي 18 ديسمبر، تواصلت هيومن رايتس ووتش مع الدكتور دندار زيباري، رئيس "لجنة التقييم والرد على التقارير الدولية" لحكومة إقليم كردستان، طلبت معلومات عن العدد الحالي للأشخاص الذين تحتجزهم قوات حكومة إقليم كردستان في كركوك ومكان وجودهم، لكنه لم يرد.

وتشير المنظمة إلى أنّه تحدث حالات الإخفاء القسري عندما يلقى القبض على شخص أو يحتجزه المسؤولون أو عناصرهم، وترفض السلطة الاعتراف بحرمانه من الحرية أو الكشف عن مصير الشخص أو مكان وجوده.

دعوة للكشف عن مصير المختفين

ودعت هيومن رايتس ووتش سلطات حكومة إقليم كردستان إلى العمل مع قائمة الشكاوى لدى "لجنة حقوق الإنسان" لمساعدة عائلات 350 شخصا على تحديد وضع ومكان أقاربهم. عليهم أن يخبروا فورا أسر جميع المحتجزين عن مكان احتجازهم، وعلى أي أساس. ينبغي السماح بالتواصل بين المحتجزين وأسرهم.

كما شددت المنظمة على السلطات الكردية بضرورة التحقيق في جميع الجرائم المشتبه بها، بما فيها حالات الإخفاء القسري، من قبل قوات الأسايش وقوات البيشمركة بطريقة سريعة وشفافة وفعالة، وصولا إلى أعلى مستويات المسؤولية. عندما تظهر أدلة على المسؤولية الجنائية، ينبغي أن تتبعها الملاحقات القضائية وفقا للمعايير الدولية. على أولئك الذين يقومون بهذه التحقيقات الجنائية واتخاذ القرارات بشأن الملاحقات القضائية، أن يكونوا مستقلين عن الذين يجري التحقيق معهم، خارج أي سلسلة قيادة عسكرية، ومستقلين عن التدخل السياسي في قراراتهم.

وقالت لما فقيه "عندما تعتقل القوات مئات الأشخاص دون تفسير، لا عجب أن يكون لدى عائلاتهم مخاوف جدية بشأن سلامتهم. تقع على عاتق حكومة إقليم كردستان مسؤولية تقديم معلومات فورية عن مصير أقاربهم أو أماكن وجودهم، وإنهاء ممارسة الإخفاء".

وقد ارفقت المنظمة تقريرها بقائمة تضم اسماء حوالي 30 معتقلا تمكنت من معرفة تواريخ اعتقالهم واماكن احتجازهم قامت قوات الأمن الكردية بأعتقالهم في اوقات مختلفة.