الرباط: بعد نهاية الأسبوع الماضي الحافلة بالمواقف والتصريحات السياسية التي تهم الوضع السياسي بالمغرب وتأخر تشكيل الحكومة المرتقبة بشكل خاص، والتي أدلى بها رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله ابن كيران، في لقاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، عادت عجلة مشاورات تشكيل الحكومة للدوران من جديد، بعد أسابيع من التوقف الذي خيم عليها، منذ إصدار بيان "انتهى الكلام".

ويرى مراقبون أن الموقف الحازم الذي عبر عنه ابن كيران، أمام أعضاء المجلس الوطني بخصوص رفضه مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة المزمع تشكيلها، وتأكيده أن الكلام محصور مع رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز اخنوش، وأمين عام الحركة الشعبية محند العنصر، وأنه ما زال ينتظر ردهما عليه بخصوص المشاورات، لم يترك للأطراف الأخرى هامشًا كبيرًا للمناورة.

لكنه في الآن ذاته، جدد رئيس الحكومة المكلف تعبيره على مواصلة مشاورات تشكيل الحكومة في إطار "سبق الإعلان وأن لا رغبة لحزبه في انتخابات سابقة لأوانها"، ولم يتأخر الرد، على الدعوة التي وجهها ابن كيران من أجل استئناف المشاورات، حيث استقبل قبل يومين كلاً من أخنوش والعنصر، من أجل مواصلة المشاورات والسعي إلى بلوغ حل توافقي للخروج من الأزمة التي فاقت مدتها أربعة أشهر.

&

عمر الشرقاوي - محلل سياسي&

&

وتفرض الأطراف المعنية بمفاوضات تشكيل الحكومة في الجولة الجديدة من المفاوضات، التي مل الشارع المغربي من انتظار وصولها إلى الحل المؤجل، صمتًا وتكتمًا شديدين على ما دار بين ابن كيران وحلفائه المفترضين، وذلك في محاولة لتفادي الأخطاء التي سقطوا فيها خلال الجولات السابقة، التي لم تصل إلى شيء.

وفي تعليقه على ما استجد في مسار المشاورات الشاقة، قال عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، إن الخاصية التي ميزت المشاورات طيلة الفترة الماضية هي "المفاجأة"، مسجلاً أنه "لا يمكن توقع السلوك المنتظر من الأطراف بحيث أنه كلما توقع البعض أن هناك بصيص أمل للوصول على حل، تعود حقيقة الواقع لتكذب ذلك الأمل".

وأضاف الشرقاوي، في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، أن استئناف وعودة المشاورات في حد ذاتها تبقى "مسألة إيجابية"، موضحًا أن اللقاء الذي جمع ابن كيران بكل من أخنوش والعنصر "غير كافٍ لوحده".

واعتبر الشرقاوي أن العقبات المطروحة في طريق المفاوضات "كبيرة جدًا وليست مرتبطة فقط بمشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة من عدمها"، مبرزًا أن هذه العقدة "يمكن تجاوزها لكن فيما بعد سنجد أمامنا عقدًا كبيرة جدًا تتمثل في تقسيم وهندسة الحكومة".

وذهب الشرقاوي، في قراءته لما تعرفه مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة من تململ إلى أن جوهر الخلاف بين ابن كيران وأخنوش هو توزيع الحقائب والقطاعات الوزارية الوازنة في الحكومة "أظن أن هذه النقطة هي التي تعرقل المشاورات"، لافتًا أن رئيس الحكومة المكلف ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار "يلعبان ورقة الاتحاد الاشتراكي من أجل إخفاء الموضوع الحقيقي، وهو الهندسة الحكومية المقبلة".

وشدد الشرقاوي، في التصريح ذاته، على أن "أخنوش يريد تأمين وضمان حقائب وازنة تهم القطب المالي والاقتصادي في الحكومة، فيما يرفض ابن كيران، أن يكون مجرد رئيس حكومة صوري من دون حقائب وزارية وازنة تؤثر على مسار الحكومة المقبلة"، كما توقع أن تكون "محاولة التوافق على الهندسة الحكومية بين حزب يمتلك 125 مقعدًا، ومطالب حزب لا يمتلك سوى 37 مقعدًا، ويمتلك معها بعض عناصر النفوذ السياسي والاقتصادي والمالي، صعبة".

لكن رغم هذه القراءة التي ترى أن الأمور تسير نحو مزيد من التعقيد ولا ترى أن الأطراف المعنية بالمشاورات ستتوصل إلى حل قريب ينهي الخلاف ويعجل بتشكيل الحكومة المرتقبة، عاد الشرقاوي، وأكد أن ما سماه "عنصر المفاجأة"، يظل قائمًا ويمكن أن "يدلل جميع الخلافات وينهي المشكلة في أي لحظة".

يذكر أن المغرب يعيش للمرة الاولى&في تاريخه عدم حصول توافق بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان من أجل تشكيل الحكومة، بعد مرور أزيد من أربعة أشهر على انتخابات 7 أكتوبر من العام الماضي، والتي تصدر فيها حزب العدالة والتنمية (إسلامي) النتائج بـ125 مقعدًا، كلف بعدها الملك محمد السادس، أمينه العام، عبد الإله ابن كيران، مهمة تشكيل الحكومة، وفق ما ينص عليه الدستور، لكن رئيس المكلف واجه صعوبات كبيرة في مهمته منعته من تحقيق مراده حتى الآن.

&

&

&