القدس: أثارت تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاربعاء، التي قال فيها إن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حماسة التيار اليميني في اسرائيل وحفيظة الفلسطينيين، بينما تبدو نوايا ترامب الحقيقية غير واضحة.

وسجل ترامب الأربعاء تمايزًا جديدًا في السياسة الأميركية حيال الشرق الأوسط، بعدما أكد خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لافتًا إلى أنه منفتح على خيارات بديلة إذا كانت تؤدي إلى السلام.

واعتبر وزير التعليم الاسرائيلي نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي اليميني القومي المتطرف، أن "العلم الفلسطيني نزل عن السارية"، في اشارة الى انتهاء فكرة اقامة دولة فلسطينية.

بينما اعتبر وزير العلوم اوفير اكونيس أن هذا "يمثل نهاية فكرة خطرة وخاطئة، وهي إقامة دولة ارهابية فلسطينية في قلب ارض اسرائيل".

ورأت وزيرة الثقافة ميري ريغيف أن هذه التصريحات تشكل "بداية لمرحلة دبلوماسية جديدة"، بالاضافة الى "نهاية التجميد" الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال ترامب الأربعاء: "أنظر إلى (حل) الدولتين و(حل) الدولة (...) إذا كانت إسرائيل والفلسطينيون سعداء، فسأكون سعيدًا بـ(الحل) الذي يفضلونه. الحلان مناسبان لي".

وبعد أربع وعشرين ساعة، أعلنت مندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي أن واشنطن تدعم "بكل تأكيد" حل الدولتين في النزاع بين الفلسطينيين واسرائيل، لكنها تفكر في "بدائل" لاحراز تقدم من اجل تحقيق السلام.

أما السفير الذي عيّنه ترامب في إسرائيل، المحامي اليهودي الأميركي ديفيد فريدمان المثير للجدل بسبب مواقفه المتطرفة الداعمة للاستيطان والمعادية للفلسطينيين، فاعترف أمام مجلس الشيوخ الأميركي بأنه "ليس لديه خيار أفضل" من حل الدولتين، إلا أنه أعرب عن "تشكيكه" بإمكانية حل النزاع بهذه الطريقة. &

كما أن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت اعتبر ان موقف الولايات المتحدة من النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين "ملتبس جدًا ويثير القلق".

وكان مجلس الأمن استمع في وقت سابق إلى المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، الذي أصر على أن حل الدولتين لا يزال "الطريق الوحيد" لتلبية طموحات الفلسطينيين والإسرائيليين.

وبعد لقاء ترامب - نتانياهو وتصريحاتهما للتعبير عن صداقتهما الشخصية والحلف الاسرائيلي الاميركي، اختارت الرئاسة الفلسطينية التحفظ.

واكدت الرئاسة الفلسطينية في بيان "تمسكها بخيار الدولتين"، مشيرة الى استعدادها "للتعامل بإيجابية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصناعة السلام".

واكد حسام زملط، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لوكالة فرانس برس، أن "ما نسمعه هو ان ترامب يقول إنه يريد السلام".

ولم يتحدث ترامب مباشرة مع عباس حتى الآن.&

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة الخميس، "لا توجد حتى الآن سياسة واضحة لهذه الادارة الجديدة، الاشارات الصادرة عنها ليست واضحة".

بينما اعلن مسؤول فلسطيني اشترط عدم كشف اسمه لفرانس برس، أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) الجديد مايك بومبيو التقى عباس ونظيره الفلسطيني ماجد فرج في رام الله الثلاثاء.

موقف "صعب" للفلسطينيين

واعتبرت الخارجية الفلسطينية في بيان الخميس أن "من السابق لأوانه الحديث عن تطابق مواقف إسرائيل مع واشنطن، إذ ان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا تزال في مرحلة دراسة وتقييم الجوانب المختلفة للصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، تمهيدًا لتحديد الموقف منها".

واعتبر المحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب أن وضع السلطة الفلسطينية "صعب للغاية"، مشيرًا الى ان السلطة "في وضع لا يمكنها الادلاء بتصريحات عنيفة ضد الإدارة الاميركية وسياستها، وضد حكومة الاحتلال الاسرائيلية".&

واشار حرب ايضًا الى الصعوبة التي تواجهها القيادة الفلسطينية في فتح قنوات اتصال مع ادارة ترامب، مشيرًا الى أن من البدائل المتاحة امام الفلسطينيين شن "هجوم سياسي دبلوماسي يمكن استخدامه من خلال الأمم المتحدة والمحاكم الدولية على الجرائم التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة أو تفعيل المقاومة الشعبية بشكل واسع ضد الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنين".

لقاء ودي

وكتب نتانياهو في تغريدة على تويتر: "لقاء ودي ورائع مع الرئيس ترامب. يوم ناجح لدولة اسرائيل".

وحتى ان دعوات ترامب للحد من الاستيطان لم تنجح في كبح حماسة اليمين الاسرائيلي.

ومنذ تنصيب ترامب، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لبناء اكثر من ستة آلاف وحدة استيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، قبل ان يعلق البيت الابيض على الموضوع.

ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية عن نتانياهو الذي يخضع لضغوط من ائتلافه اليميني الحاكم، قوله إنه وافق خلال لقاءاته مع ترامب على البحث عن اتفاق مع الادارة الاميركية حول البناء الاستيطاني.

وقال نتانياهو لصحافيين: "ينبغي بذل الجهود ويجب النظر في الامر".

لكنّ المحللين يفضلون التريث في الخلاصات بسبب تصريحات ترامب حول الاستيطان وعدم وضوح سياسة الادارة الاميركية حتى الآن.

ويقول الخبير في معهد سياسات الشعب اليهودي شموئيل روزنيران، إن "ادارة ترامب غير قادرة حتى الآن على تحديد سياسات واضحة، وما زال الوقت مبكرًا على التكهنات".

ويضيف: "لا اعتقد ان ما قدمه ترامب البارحة كان رؤية واقعية للسلام في الشرق الاوسط".