إيلاف من بغداد: اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية اليوم قوات حكومة اقليم كردستان العراق بإعتقال رجال وصبية فرّوا من القتال في الموصل حتى بعد اجتيازهم الفحوص الأمنية، فيما اكد ذووهم أن سلطات بغداد واربيل لم تطلعهم على أماكن وجود أقاربهم المحتجزين، ولم تُسهّل أي اتصال مع المعتقلين.

وقالت المنظمة في تقرير الاحد اطلعت على نصه "إيلاف"، إن قوات حكومة إقليم كردستان اعتقلت أكثر من 900 رجل وصبي نزحوا من 5 مخيمات ومناطق حضرية في أربيل بين عام 2014، عندما بدأ الفارون من داعش بالوصول وأواخر يناير 2017، حيث استمر اعتقالهم لمدة تصل إلى 4 أشهر دون أي اتصال مع عائلاتهم أو تقديم معلومات لها.

واوضحت المنظمة أنها قابلت أقارب 8 من هؤلاء الرجال والصبية الذين أخِذوا من أحد المخيمات للاشتباه في انتمائهم لداعش، كما قابلت أقارب نازح احتجزه مسؤولون في "جهاز الأمن الوطني" عند نقطة تفتيش فأكدوا إن حكومة إقليم كردستان والقوات العراقية لم تطلعهم على أماكن وجود أقاربهم المحتجزين، ولم تُسهّل أي اتصال مع المعتقلين.

وقالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، "أبلغتنا العائلات النازحة أنها كانت تثق بعملية الفحص الأمني وتفترض أن أحباءها سيعودون في غضون يوم أو اثنين ولكن اليوم وبعد أشهر تقول بعض تلك العائلات إنها تفضل لو بقيت في الموصل، وتعرضت لخطر الموت في غارة جوية على أن يختفي الزوج أو الابن".

شهادات عوائل المعتقلين

وفي إحدى الحالات، اعتقلت قوات حكومة إقليم كردستان في ديسمبر عام 2016 مختصًا في الطب البديل، قال لهم إنه اضطر لعلاج قوات داعش. واستجوبه ضباط "الأسايش"، قوات أمن الإقليم، في البداية ومن ثم أطلقوا سراحه في نوفمبر بعد أن قال جار الطبيب، الذي كان في نفس معسكر قوات حكومة إقليم كردستان، إنه كان بريئًا من أي تحالف مع داعش. وذهبت زوجة الطبيب إلى مكتب الأسايش في المخيم للسؤال عنه، لكنها قالت إن ضابطًا قال لها "انصرفي، وتوقفي عن السؤال عنه".

وفي حالة أخرى، أمسك الأسايش بمحمود (14 عامًا) في منتصف نوفمبر الماضي بعد امساكهم بابن عمه (22 عامًا)، الذي كان يحمل نفس اسم شخص حليف لداعش. وعندما أدركت السلطات تشابه الأسماء أطلقت سراح ابن عمه، لكنها استمرت في احتجاز محمود. وقالت إنه عندما جاء الضباط لأخذ محمود، سمعت ضابطًا يسأل البقية لماذا أخذوا طفلاً صغيرًا بهذا العمر، وأضافت وهي تبكي "منذ كنا في المخيم، كل مرة كان يذهب فيها إلى الحمّام، كان يطلب مني الذهاب معه. كان طفلاً صغيرًا خائفًا، وأنا كنت قلقة جدًا عليه".&

منع العائلات من السؤال عن ابنائها

واوضحت هيومن رايتس ووتش أن هذه كانت واحدة فقط من 3 مرات اعتقل ضباط الأسايش ابن العم في المخيم بسبب اسمه.

وفي حالة ثالثة، اعتقلت السلطات الكردية شابًا كان ذاهبًا إلى سوق المخيم في نوفمبر لشراء هاتف خليوي. عندما حاول والده معرفة ما حدث له، قيل له "لا تسأل، إذا لم يفعل أي شيء خطأ، سيكون على ما يرام. إذا فعل شيئًا فتوقف عن السؤال عنه".

وجمعت هيومن رايتس ووتش إفادات عن أكثر من 900 اعتقال من مصادر مختلفة، بما فيها من الجهات القائمة على المخيم، والمجتمعات المحلية، والمقيمين في المخيم لكنها لم تتمكن من التحقق من عدد من لايزالون محتجزين لدى مسؤولي حكومة إقليم كردستان، أو إذا كان يسمح لأي منهم التواصل مع أفراد عائلاتهم، أو إذا أبلِغت العائلات بأماكن وجودهم في أي من الحالات.

كما وثّقت المنظمة 85 حالة أخرى قال فيها اقارب المتهمين بالارهاب انهم لم يعرفوا اي شيء عن مصير واماكن وجود اقاربهم المحتجزين من قبل سلطات حكومة اقليم كردستان، حيث احتُجِز المعتقلون لمدة تصل إلى 4 أشهر دون أي اتصال مع عائلاتهم أو تقديم معلومات لها.

دعوة بغداد واربيل بكشف عدد المعتقلين وابلاغ ذويهم باماكن احتجازهم

ودعت المنظمة السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان لبذل جهود لإبلاغ أفراد العائلات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الشرطة المحلية أو إدارة المخيم، حول مواقع جميع المعتقلين. وطالبتها بأن تكشف علنًا عن عدد المقاتلين والمدنيين المحتجزين، بما فيه في نقاط التفتيش ومواقع الفرز والمخيمات، خلال الصراع مع داعش، والأساس القانوني لاحتجازهم، بما فيه التهم الموجهة إليهم.&

وشددت على سلطات حكومة إقليم كردستان ضمان مراجعة قضائية مستقلة فورية للاحتجاز، والسماح للمعتقلين بالحصول على محامين والرعاية الطبية والتواصل مع عائلاتهم.

وتحدثت هيومن رايتس ووتش أواخر يناير 2017 إلى 10 أقارب وشهود عيان في مخيم الخازر، 35 كم غرب أربيل، قالوا إنهم فروا جميعًا من الموصل في نوفمبر وديسمبر 2016. وخلال رحلتهم، فُحِصوا لاحتمال انتمائهم لداعش في مواقع متعددة، بما فيها نقاط تفتيش قوات الأمن العراقية، وعند وصولهم إلى المخيم من قبل قوات الأسايش، وتمت تبرئتهم. لكنهم قالوا إنه بعد أسابيع أو أشهر أخذت قوات الأمن 6 رجال وصبيين من داخل المخيم. &

توضيحات سلطات الاقليم

وكان ديندار زيباري رئيس "اللجنة العليا للتقييم والرد على التقارير الدولية" في حكومة إقليم كردستان قدم لـ هيومن رايتس ووتش شرحًا لفحص قوات الامن وعمليات الاحتجاز للنازحين في حكومة اقليم كردستان للنازحين اواخر اكتوبر الماضي، موضحًا أن سلطات حكومة إقليم كردستان ملتزمة بإبلاغ عائلات المعتقلين بهذه العملية والأوضاع ولكن "بسبب نقص الموظفين والموارد المالية هذه المهمة قد تكون صعبة في بعض الأحيان".

ولكن لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، شددت&على انه "على السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان التأكد من أن جهودهم للحفاظ على سلامة المدنيين وحمايتهم من هجمات داعش لا تقوض حقوقهم الأساسية".

وكانت الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان بدأتا في 17 أكتوبر 2016 بدعم من تحالف دولي عمليات عسكرية لاستعادة الموصل ما تسبب في فرار أكثر من 250 ألفاً من السكان من مدنهم وقراهم. انتهى المطاف بكثير منهم في مخيمات نازحين تحت سيطرة الأسايش.
&