هنأت الولايات المتحدة الثلاثاء مون جاي إن إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية، معربة عن الأمل في مواصلة العمل من أجل تعزيز التحالف بين الدولتين. وحقق المحامي المدافع عن حقوق الإنسان فوزًا ساحقًا بعد سجن سلفه بارك في قضايا فساد.

إيلاف - متابعة: أفاد بيان صادر من المتحدث باسم السلطة التنفيذية شون سبايسر وليس عن الرئيس: "نهنئ الرئيس المنتخب مون جاي إن، وننضم إلى الشعب الكوري الجنوبي في الاحتفال بانتقال سياسي سلمي وديموقراطي". أضاف: "نتطلع إلى العمل مع الرئيس المنتخب لتعزيز التحالف بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا وتعميق صداقتنا والشراكة بين بلدينا بشكل دائم".

وفاز مون المحامي السابق في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بعد فضيحة فساد في البلاد مثيرة للجدل. لكن وصوله إلى السلطة يمكن أن يعوق الحزم الذي يبديه الرئيس دونالد ترامب تجاه كوريا الشمالية، لأن مون يدعو إلى الحوار والمصالحة مع جارته الشيوعية لتهدئة الوضع وجلب بيونغ يانغ إلى طاولة المفاوضات. وكان أعلن في ديسمبر أنه سيتوجه في حال انتخابه إلى كوريا الشمالية قبل الولايات المتحدة، القوة التي تحمي بلاده.

فوز ساحق
وحقق المحامي المدافع عن حقوق الإنسان مون جاي-إن فوزًا ساحقًا في الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية وفق استطلاعات للرأي لدى الخروج من مكاتب الاقتراع نشرت بعد انتهاء التصويت الثلاثاء. وأفاد المسح المشترك الذي أجرته ثلاث محطات تلفزيون إن مون المنتمي إلى الحزب الديموقراطي حصل على 41.4% من الأصوات، تبعه المحافظ هونغ جون-بيو من حزب الرئيسة المقالة مع 23.3%، والوسطي آن شيول-سو مع 21.8%.

ويأمل الكوريون الجنوبيون من خلال هذه الانتخابات طيّ صفحة فضيحة الفساد المدوية التي كلفت الرئيسة السابقة بارك غوين-هي منصبها، في أجواء من التوتر مع كوريا الشمالية. وشارك الناخبون بكثافة في الاقتراع تعبيرًا عن غضبهم من الفساد وغلاء المعيشة وارتفاع معدل البطالة مع تباطؤ النمو الاقتصادي.

إرادة تغيير
وقال مون (64 عامًا) بعدما أدلى بصوته في غرب سيول: "ألمس إرادة قوية لدى الشعب لتغيير الحكم". وأغلقت مراكز الاقتراع عند الساعة 20:00 (11:00 ت غ)، وبلغت نسبة المشاركة قبل ذلك بساعة 75.1%، وهي قريبة من النسبة المسجلة قبل خمس سنوات. ويتوقع البدء بإعلان النتائج على الفور.

وقال كيم سون-تشول (59 عامًا) إنه صوّت لمصلحة مون، لأن "البلاد بحاجة إلى إعادة الديموقراطية التي قوّضها حكم بارك".

وركزت الحملة إلى حد كبير على الاقتصاد، في حين كان الملف الكوري الشمالي أقل حضورًا. ولكن فوز مون ينهي عشر سنوات من حكم المحافظين، وقد يؤدي إلى تغيير كبير في السياسة حيال بيونغ يانغ وكذلك حيال الحليف والحامي الأميركي.

يساري مؤيد للحوار
يدعو مون إلى الحوار مع كوريا الشمالية بهدف نزع فتيل التوتر ودفعها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. وهو يريد الحصول على استقلالية أكبر في العلاقات بين سيول وواشنطن، التي تنشر 28 ألفًا من جنودها في كوريا الجنوبية. وفي مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" أخيرًا، قال مون إن على سيول أن "تلعب دورًا قياديًا في القضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية".

وأجرى الشمال الذي يحلم بصنع صاروخ قادر على حمل رأس نووي وبلوغ القارة الأميركية، تجربتين نوويتين منذ بداية 2016 وعددًا من تجارب إطلاق الصواريخ البالستية. ولم تتوتر العلاقات إلى هذا الحد في شبه الجزيرة إلا في حالات نادرة، إذ قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن اللجوء إلى القوة أمر وارد، قبل أن يخفف لهجته، ويقول إنه "سيشرفه" لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون.

ووصف هونغ جون-بيو المحافظ خصمه مون بأنه "يساري موال لبيونغ يانغ". وقال شونغ تاي-وان الطبيب البالغ من العمر 72 عامًا، وصوّت في مركز في حي سيوشو الراقي في جنوب سيول: "أعطيت صوتي لهونغ لأن الأمن حيال كوريا الشمالية هو أهم شيء". لكن قضية البرنامجين النووي والبالستي لكوريا الشمالية ليست هي التي تحدد خيار الناخبين الكوريين الجنوبيين الذين ألفوا التهديدات الكورية الشمالية.

تحديات متنوعة
شغل الفساد وتباطؤ النمو والبطالة، وخصوصًا بين الشباب، الحيز الأكبر من اهتمامات الناخبين. ويفترض أن تسمح هذه الانتخابات للمجتمع الكوري الجنوبي بالانتقال إلى مرحلة جديدة بعد أشهر من الانشغال في الفضيحة، بينما تم توقيف الرئيسة السابقة بارك التي تحاكم بتهمتي الفساد واستغلال السلطة.

وساهمت هذه القضية في تعزيز الاستياء العام، بعدما كشفت العلاقات المريبة بين الطبقة السياسية وأرباب العمل لتمكن صديقة الرئيسة تشوي سون-سيل من استغلال قربها من بارك لابتزاز ملايين الدولارات من كبرى الشركات. أجبرت الفضيحة التي تورط فيها وريث سامسونغ ورئيس "لوتي"، خامس أكبر مجموعة كورية جنوبية، كل المرشحين على التعهد بإصلاحات من أجل المزيد من الشفافية.

لكن بسبب وزنها في الاقتصاد، لا يمكن المساس بهذه المجموعات الكبرى التي تسمى "شايبولز". وكانت الصين من قضايا الحملة أيضًا في إطار قضايا اقتصادية وعسكرية خصوصًا.

إذ أثار نشر الدرع الأميركية المضادة للصواريخ (ثاد) في كوريا الجنوبية لمواجهة التهديدات القادمة من الشمال غضب بكين التي اتخذت سلسلة إجراءات اعتبرتها سيول تدابير اقتصادية انتقامية. وكتبت صحيفة "جون-آنغ" عشية الاقتراع إن الرئيس المقبل للبلاد "سيكون عليه التصدي لتحديات متنوعة متوسطة وبعيدة الأمد". وقالت "إذا اتخذنا القرار الخاطئ فسيكون علينا من جديد دفع ثمنه، كما تعلمنا من خياراتنا السيئة السابقة".
&