انتهى الأزهر الشريف من تطوير المناهج الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية في ما يخص العلوم الشرعية. وحصلت "إيلاف" على ملامح عملية التطوير التي قام بها أكثر من مائة خبير في تطوير المناهج، ينتمون إلى جامعة الأزهر.

إيلاف من القاهرة: تضمنت عملية التطوير تنقية المناهج من أية عبارات أو مأثورات تحضّ على ممارسة العنف، وتوضيح وشرح الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الجهاد، وتقديم تفسيرات للآيات القرآنية التي تتحدث عن الآخر، واعتماد كتب تفسير حديثة منها كتاب الإمام الراحل محمد سيد طنطاوي، "التفسير الوسيط للقرآن الكريم"، وتفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي، والإمام محمد عبد الحليم محمود.

تسخير الانترنت
كما تضمنت عملية التطوير وضع تعريفات لـ"الجهاد"، والتأكيد على أن "الجهاد له ضوابط شرعيّة واعتبارات أخلاقيّة وإنسانيّة، فلا يصحّ أن يكون القتل هدفًا للمسلم، فهداية الكفار أحبّ إلى الله من قتله، كما لا يحلّ &للمسلم قتل امرأة لا تقاتل أو طفلًا أو شيخًا، ولا الغدر أو التمثيل بالجثث بقطع الرّؤوس".

تؤكد المناهج الجديدة أن الجهاد لا يكون بالخروج على الأنظمة والحكومات، لأن تكوين جماعات وتنظيمات قتالية تعتبر فتنة وسعيا إلى الفساد في الأرض. كما تضمنت المناهج دروسًا حول كيفية التعامل مع الثورة التكنولوجية والاستفادة من شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، بما يخدم الأمة الإسلامية.

ووضع الأزهر خطة أخرى لتطوير المناهج الدراسية، ولاسيما المناهج الشرعية في كليات جامعة الأزهر، وسيتم بدء العمل فيها بعد انتهاء العامل الدراسي الحالي.

المواطنة أولًا
"إيلاف" حصلت على ملامح التطوير التي أدخلت على المناهج الدراسية في الأزهر الشريف، ومنها: منهج مادة أصول الدين، المقرر على الصف الأول الإعدادي في المعاهد الأزهرية. وورد في مقدمة الكتاب في الصفحة الثالثة تحديدًا: "الكتاب يبيّن علاقة المودة بين المسلمين وغير المسلمين، ويبيّن الحقوق والواجبات المقررة على كل منهما، إضافة إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي تظهر سماحة الإسلام، وسماحة خلق النبي عليه الصلاة والسلام، مع جانب من سيرته وتعاملاته مع غير المسلمين".

واستحدث الأزهر درسًا في الصفحة رقم 62 في الكتاب نفسه، يوضح أن الله خلق الناس سواسية، وأن المساواة في الإسلام تكون على مبدأ المواطنة.

قدم الكتاب في الصفحة رقم "65" درسًا بعنوان "آداب التحية في الإسلام"، ويشدد على أن تكون علاقة المسلم مع الناس مسلمين وغير مسلمين طيبة. كما تضمن الكتاب نفسه درسًا عن علاقة المسلمين بغير المسلمين. وأوضح الأزهر فيه تفسير قوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"، ورد فيه أن الإسلام لم يشرع للمسلم قتال غير المسلم إلا للدفاع عن النفس والعرض والمال، وأن يكون القتال من خلال الجيوش فقط، وليس من خلال مجموعات خارجة عن الحاكم.

عصاة الدين
يركز الأزهر في المناهج الجديدة على التأكيد أن المسلم يجب أن يتحلى بالتسامح مع غير المسلمين، وهو ما جاء في درس آخر بالصفحة رقم 115 من كتاب أصول الدين في المرحلة الإعدادية، وقدم الأزهر شرحًا للحديث النبوي الشريف: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم"، كما قدم شرحًا للحديث النبوي القائل:"أيما رجل أمن رجلا على دمه، ثم قتله، فأنا من القاتل بريء، وإن كان المقتول كافرًا".

وفي إشارة إلى الجماعات التي تقاتل باسم الإسلام، تحدث الأزهر في كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثاني الإعدادي، ووصفهم بأنهم من العصاة، وينطبق عليهم حد الحرابة، أي قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفون في الأرض.

وفي سياق تطوير المناهج الدينية أيضًا، تحدث الأزهر عن منح الآمان لغير المسلم، وقدم شرحًا لحديث الرسول محمد، في الصفحة رقم 125 من كتاب أصول الدين، المقرر على الصف الثالث الإعدادي، وجاء فيه: "ذهبت أم هانئ إلى رسول الله عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه، فقال: "من هذه؟". فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: مرحبًا بأم هانئ. فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثماني ركعات، ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف، قلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي أنه قاتل رجلًا قد أجرته فلان بن هبيرة، فقال رسول الله: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ. قالت أم هانئ: وذاك ضحى".

معاملة حسنة
كما أورد حديثًا آخر عن الرسول محمد، وقدم شرحًا له، وجاء فيه: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين سنة".

وتحت عنوان "مخاطبة أهل الكتاب" تحدث الأزهر عن معاملة غير المسلمين في الصفحة رقم 85 من كتاب أصول الدين، وقدم تفسيرًا لقوله تعالي: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم وقولوا أمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون".

وكان الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، قال في تصريح سابق لـ"إيلاف"، إن الأزهر الشريف انتهى تمامًا من تطوير جميع مناهج التعليم قبل الجامعي في المعاهد الأزهرية، ومناهج الثقافة الإسلامية في الإعدادية والثانوية، لافتًا إلى أن لجنة تطوير المناهج تعقد اجتماعات دورية لتلاشي أي سلبيات تظهر في المناهج مع العمل على بحث سبل عملية التطوير ما بين الحين والآخر، بحيث تحتوى المناهج على ما هو جديد وفقًا لمستجدات الحياة والعلم.

وأضاف شومان أن لجنة تطوير المناهج والتي تتكون من 100 خبير ومتخصص من جامعة الأزهر، تعمل الآن على مراجعة مناهج 80 كلية داخل جامعة الأزهر، ومن بينها الكليات الشرعية، مشيرًا إلى أن هناك دولًا عربية وإسلامية طالبت مشيخة الأزهر بمراجعة مناهجها الدينية داخل مدارسها وكلياتها، وقد بدأوا بالفعل تنفيذ ذلك داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.