قال مسؤولون أميركيون إن استكمال مناقشة قانون جاستا مؤجّل&إلى ما بعد العطلة الصيفية، حتى يحين موعد ملائم لتعديله، بعدما وصفوا القانون بأنه يضرّ بأميركا ومصالحها الحيوية قبل غيرها.

إيلاف من واشنطن: بعد القمة السعودية الأميركية التي وصف فيها الرئيس الأميركي دونالد ترمب زيارته الى السعودية بـ"الناجحة"، شهدت العلاقة بين الدولتين تحركًا إيجابيًّا بعد مساحات من التوتر وسجالات ساخنة خلقها قانون "جاستا" المثير للجدل، لأنه يتيح لمواطنين أميركيين مقاضاة حكومات بعض الدول بتهمة "الإرهاب"، وهو الذي قيل إنه موجّه ضد السعودية في أواخر عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بعد تسريبات عن دور أداه مواطنون سعوديون في هجمات 11 سبتمبر.

توقف الحديث عن هذا القانون بعد ذلك، ولو بصيغة موقتة، على الرغم من اكتسابه أهمية حيوية في تحديد العلاقة بين أميركا والسعودية، ما طرح تساؤلات عن مصير القانون، خصوصًا مع الرفض الواضح من السعودية وبعض دول الخليج مفاعيله، وتلقيه انتقادات شديدة من داخل أروقة الكونغرس الأميركي وجمعيات بارزة في المشهد السياسي في واشنطن، والدليل ما حدث في جلسة عقدتها جمعية المحاربين القدامى مع الكونغرس للحديث عن الآثار السلبية للقانون، ومساعي بعض أعضاء الكونغرس الأميركي إلى تقديم تعديلات تهدف إلى معالجة أوجه القصور القانوني الذي يشهده "جاستا" بصيغته الحالية.

ترقب وانتظار
يقول ديفيد وارتون، مستشار وزارة الخارجية للشؤون العامة، لـ"إيلاف"، إن مستجدات عدة طرأت على الساحة السياسية في الفترة الأخيرة أجّلت مناقشة العديد من الملفات، ربما كان بينها قانون «جاستا» الخلافي، موضحًا أن قضايا مماثلة قد ترتبط بشكل ما بعدد من التغيّرات السياسية.

قال: "يجب أيضًا مراعاة الظرف الانتخابي الذي تم تمرير القانون في ظله، مع انتهاء ولاية أوباما، ووجود مجموعة من القضايا التي قد تشهد خضوعًا لتوازنات القوى السياسية في ظل التحول المرحلي للنظام الرئاسي من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري، وحالات الانتظار والترقب التي تم فيها تأجيل النقاش حول قضايا مهمة عدة، حتى تتضح رؤية الإدارة الأميركية الجديدة، فإدارة ترمب لم تجد أمامها مساحات هادئة لصوغ رؤيتها وبحث القضايا الخلافية المعلقة في المكتب الرئاسي، أمام الحملات القوية التي تواجهها هذه الإدارة منذ اليوم الأول للرئاسة".&

شراكة وتحالف
أكد وارتون أن زيارة ترمب الأخيرة إلى السعودية لم تتطرق إلى الحديث عن قانون "جاستا"، لكنها ركزت في الأساس على مناقشة القضايا الرئيسة التي كان في مقدمها تكوين جبهة حقيقية لمواجهة الإرهاب، وضرورة صوغ أيديولوجيا لمواجهة الفكر المتطرف.&

ونفى وارتون علمه بوجود اتجاهات داخل الإدارة الأميركية قد اتخذت أي خطوات فعلية في رفض القانون أو مناقشة الدعاوى التي تطالب الرئيس الأميركي بإعادة استخدام الفيتو ضد "جاستا"، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الإدارة الأميركية تسعى إلى بناء علاقات قوية مع السعودية، لما تتمتع به من أهمية رائدة في العالم العربي والإسلامي، وهذا يعني بالضرورة تجنب الخلافات وبذل الجهود الدبلوماسية الممكنة للمحافظة على التحالف والشراكة الحقيقية بين البلدين، في مواجهة الأخطار والقضايا التي تواجه المنطقة.&
&& &
علق وارتون على رغبة الإدارة الأميركية في تحسين العلاقات الأميركية الخليجية، والأميركية السعودية بشكل أخص، قائلًا إن إدارة ترمب ترى في السعودية الحليف القوي الذي كان يشير إليه ترمب في تصريحاته السابقة حول رؤيته إلى السلام في الشرق الأوسط، خصوصًا أن الأمر لا يتوقف على مكافحة الإرهاب فحسب، بل هناك العديد من القضايا المشتركة التي يتوافق فيها الموقفان الأميركي والسعودي، إزاء ممارسات إيران التي تشكل مصدر إزعاج واضح للإدارة الأميركية، وبحث حلول للأزمة السورية، مثل خيار المناطق الآمنة، التي أعلنت الولايات المتحدة عن رغبتها في تدعيمه اعتمادًا على الأموال السعودية والخليجية، والتعويل على السعودية مستقبلًا في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأزمة السلام في الشرق الأوسط.

خسائر جاستا
أمّا أورين جرانت، عضو الكونغرس الأميركي عن الحزب الجمهوري، فأوضح لـ"إيلاف" أن العوائد السياسية من تنفيذ القانون ستكون في غير مصلحة الولايات المتحدة على المستوى الدبلوماسي، الذي شهد انفراجة في الفترة الماضية في ما يتعلق بالعلاقات الأميركية السعودية، مكررًا رفضه الصيغة الحالية للقانون.&

أشار جرانت إلى أن التغيّرات شديدة الأهمية داخل المشهد السياسي الأميركي كانت من بين الأسباب التي تراجع فيها الجدل بدرجة نسبية حول القانون، "وأيضًا القضايا التي طرأت داخل الساحة الأميركية من قرارات ترمب منع مواطني بعض الدول الإسلامية من دخول أميركا، وقضية الاختراق الروسي للانتخابات، وإرجاء الحديث حول القانون حتى استقرار النظام الرئاسي الجديد وبداية إعلان أطروحاته في ما يتعلق بملف العلاقات الخارجية، وتأثير قضايا خلافية مماثلة فيها، وأن الرؤى المطروحة من قبل في ظل الانتخابات الرئاسية ليست كافية للتعويل عليها كما هي العادة".

عوائق قانونية
وأوضح جرانت، الذي كان عضوًا في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، أن في قانون "جاستا" موادّ قد يتم تفسيرها على أنها تتعارض مع مواد صريحة من القانون الدولي، وليس من السهولة تحريك دعاوى قانونية قوية اعتمادًا على الصيغة الحالية للقانون وحدها، كما يتجاهل مبدأ قانونيًا واضحًا يتعلق بحق الدول في الدفاع عن أراضيها ضد أي اعتداءات خارجية، وسيعود هذا القانون بالضرر بشكل مباشر على الولايات المتحدة، إذ يفتح الباب بدوره على أنه بإمكان الأفراد من الدول المختلفة مقاضاة أميركا في العمليات التي قامت بها خارجيًا في ظل حربها على الإرهاب.

وأكد دعمه إضافة تعديل واضح لأحد مواد القانون الرئيسة، تجعل الدول التي شاركت "عن علم" في حوادث إرهابية تحت طائلة الدعاوى القانونية، بينما ترك الأمر لاختصام حكومات دول بعينها بدعمها "الإرهاب" من دون أدلة قاطعة لذلك، ربما يسبب فوضى قانونية على المستوى الدولي، إضافة إلى مخالفته مبدأ الحصانة السيادية مع الدول الحليفة للولايات المتحدة.

أوضح أن المذكرة المعروفة إعلاميًّا بمذكرة الثماني وعشرين ورقة التي طرحت من قبل، وكانت المصدر الذي تم الاعتماد عليه لتمرير القانون، غير كافية بدورها في تأكيد ذلك المبدأ، "فالمخاوف من استغلال القانون لإقامة دعاوى قضائية مستقبلًا ضد الولايات المتحدة تشكل مصدر قلق داخل الكونغرس الأميركي، حتى من بعض الموافقين على تمرير القانون، مثلما عبَّر بوب ووكر وجاري بيترز، أعضاء الكونغرس الأميركي عن تينيسي وميتشغان عن مخاوفهما تلك من قبل".&

توقيت ملائم&& &
شدد جرانت على أن مساعيه هو ونواب آخرين نحو إضافة تعديلات القانون وفق ما أوضحه ما زالت مستمرة، مؤكدًا أنه ما زال يبحث مع الجمهوريين جون ماكين وليندسي غراهام في إعادة طرح تعديلات جديدة، كالتي تقدما بها من قبل، من دون أن يوضح تلك التعديلات حتى يتم الاستقرار عليها بصيغة نهائية، فضلًا عن وجود فرصة سانحة لإعادة تقديمها إلى الكونغرس في التوقيت الملائم، خصوصًا أن القضاء الأميركي لم يحسم بعد الأمر في القضايا التي رفعتها أسر الضحايا في المحاكم الأميركية. مرجحًا أن يعود الحديث في شأن القانون إذا حدث تطور في ذلك الملف من الناحية القانونية أو تبنى ترمب الدعوة لتعديل القانون بنفسه.

ختم: "ما زالت الأجواء داخل الكونغرس في الفترة الحالية تشهد توترًا وخلافات، وأرجّح تأجيل المناقشات البرلمانية المهمة في الفترة الحالية إلى ما بعد الإجازة الصيفية السنوية".