الرباط: بعد دخوله في صمت دام لأسابيع طويلة إثر إعفائه من تشكيل الحكومة المغربية، دشن عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، اليوم الخميس، من مقبرة الشهداء عودته القوية للساحة السياسية، رافضًا الاستسلام وإنهاء مساره السياسي بعد الهزة التي تعرض لها حزبه عقب انتخابات 7 أكتوبر وما تلاها من تداعيات.

ففي كلمة ألقاها بمقبرة الشهداء أمام قبر الراحل عبد الكريم الخطيب، الذي فتح لإسلاميي "العدالة والتنمية" باب المشاركة السياسية أواخر تسعينيات القرن الماضي، قال ابن كيران إنه "من دون إرجاع الكرامة للمواطن وزوال الفساد والاستبداد أو نقصهما على الأقل، لا يمكن أن نحقق شيئاً"، وأضاف موضحاً أن ذلك يدخل في إطار "ثوابتنا المصرين عليها إصرارًا غير قابل للمساومة، وهي الإسلام والملكية والوحدة الترابية".

ابن كيران يلقي كلمته أمام قبر الراحل عبد الكريم الخطيب

وسجل ابن كيران بأن حزبه جاء من أجل "خدمة الإسلام وخدمة الملكية والوقوف في وجه العنف"، معتبراً أن هذا الدور "متجدد ولا ينتهي".

وشدد رئيس الحكومة السابق على أن موقف حزبه من الملكية استراتيجي وعقائدي، وقال "موقفنا من الملكية استراتيجي وهي أساس بناء الدولة بعد الدين، وصادر عن قناعة عقائدية وقناعة استراتيجية مبنية على عهد ثابت بيننا وبين الدكتور الخطيب ستتناقلها الأجيال، جيلاً بعد جيل".

وأضاف ابن كيران موضحًا أن وفاء حزبه للملكية "مبني على الأسس الشرعية المبنية على الولاء والمناصرة والمناصحة الثابتة والشجاعة التي لا يتطرق إليها أي شك أو توجس، وسنظل نسير في هذا الطريق".

ومضى ابن كيران في كلمته موجهًا الرسائل في كل الاتجاهات، حيث قال: "يجب أن يعرف أبناء حزب العدالة والتنمية أن الإصلاح لم يتم كله، وهو مجهود مستمر، وعليهم أن يساهموا في انتشار الأمن والاستقرار والطمأنينة وأن تصبح للمواطن كرامة"، وهو ما يمثل دعوة صريحة إلى مناضلي الحزب من أجل استعادة المبادرة ومواصلة جهود الإصلاح والدفاع عن كرامة المواطن.

وجدد ابن كيران في كلمته أمام عدد من أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، التذكير بأن هدف حزبه هو "خدمة الوطن"، وقال" ساهمنا في مسار الإصلاح بأشياء يعرفها الجميع ويعترف بها القاصي والداني والداخل والخارج، ومن أراد أن ينكرها فلينكرها فنحن لا نبالي بذلك".

وزاد رئيس الحكومة السابق قائلا في كلمة وصفت بـ"القوية"، إن البلاد في حاجة إلى البنيات التحتية من مستشفيات وطرق ومدارس، "ولكن المهم أن ترجع للمواطن كرامته ويشعر أنه مهما كان رجلاً أو امرأة، غنيًا أو فقيرًا، هو مكرم في بلده، وأن الدولة تخدمه وتتشرف بخدمته ولا تخدمه منة أو لأن له مالاً أو قريباً في السلطة"، وذلك في إشارة منه إلى عدم رضاه عن تعاطي السلطات والحكومة مع الاحتجاجات المطالبة بالكرامة والتنمية.

واسترسل ابن كيران قائلا: "المواطن يمكن أن يصبر على نقص الخدمات الأساسية، ولكنه لا يمكن أن يفرط في كرامته"، مشدداً على أن الإصلاح "مجهود مستمر ونريد أن ينتشر الاستقرار والأمن في بلادنا، وأن تصبح للمواطن كرامة".

وأشار أمين عام العدالة والتنمية أن حزبه يعمل ويحارب من أجل أن تتحسن أوضاع البلد وتتقدم إلى الأمام، مسجلاً أنه "يمكن أن تقع تراجعات، لكن إن خسرنا معركة لا يجب أن نخسر حربنا على الفساد والاستبداد"، وهو ما يعني أن ابن كيران لن يستسلم في معركته ضد الفساد والاستبداد رغم إقراره بالهزيمة في المعركة التي أطاحت به من رئاسة الحكومة للولاية الثانية على التوالي.