ميسيتاس: أعلنت القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، حركة التمرد الرئيسة في كولومبيا نزع سلاحها بالكامل الثلاثاء بعد نصف قرن من النزاع مع الحكومة، في قرار تاريخي أنهى أطول نزاع في أميركا اللاتينية.

وقال قائد "فارك" رودريغو لوندونيو ولقبه "تيموتشنكو"، "وداعًا للحرب. وداعًا للسلاح، وأهلًا بالسلام"، في خطاب في مدينة ميسيتاس في وسط البلاد وموقع أحد معسكرات تسريح مسلحي الحركة. وأضاف "اليوم لا نتخلى عن كولومبيا. اليوم نتخلى عن أسلحتنا".

إلقاء السلاح هو محطة أساسية في جهود انهاء النزاع بموجب اتفاق السلام الموقع في 2016 والذي رفضه شعب كولومبيا في استفتاء ثم أعيدت صياغته وأقره البرلمان. ولكن كولومبيا لا تزال تشهد أعمال عنف مع مجموعات أخرى متمردة.

7000 قطعة سلاح
أعلنت البعثة الاممية في كولومبيا المكلفة الاشراف على نزع السلاح وتدمير الاسلحة الاثنين عن اتمام "تخزين كل الاسلحة الفردية المسجلة لحركة فارك، وعددها 7132 قطعة سلاح، باستثناء تلك التي ستستخدم، وفقا لخارطة الطريق، لضمان أمن 26 معسكرا" سيصار فيها الى تجميع حوالى سبعة آلاف عنصر من "فارك".

وتقوم الامم المتحدة في سياق منفصل باتلاف أسلحة وذخائر أخرى مخزنة في مخابئ بعيدة سلمتها لها "فارك. وتهدف العملية الاجمالية المنبثقة من اتفاق السلام الموقع في نوفمبر الماضي بين الحكومة وقوات فارك، والذي عاد على الرئيس خوان مانويل سانتوس بنوبل السلام، إلى طي صفحة النزاع الذي اسفر عن مقتل اكثر من 260 الف شخص وفقدان اكثر من 60 الفا ونزوح 7,1 ملايين.

وقال دوس سانتوس في كلمة بعد كلمة تيموتشنكو في الحفل الرسمي "السلام حقيقي ولا عودة عنه". وأضاف "اليوم هو يوم خاص لن ننساه ما حيينا، اليوم الذي تخلينا فيه عن السلاح من أجل الكلمات". وقال إن "إلقاء السلاح هو رمز للبلد الجديد الذي يمكن أن نبنيه".

مستقبل فارك
ارتدى لوندنيو قميصا عليه علم النروج في تحية الى البلد الذي لعب إلى جانب كوبا دورا ضامنا لاتفاق السلام. وبموجب اتفاق السلام، فان الاسلحة التي سلمتها فارك الى الامم المتحدة سيتم صهرها، وسيستخدم المعدن المصهور لصنع ثلاثة نصب ترمز الى انتهاء النزاع. وستوضع هذه النصب في كل من نيويورك وكوبا، مقر مفاوضات السلام، وفي كولومبيا.

ومع انتهاء عملية تسليم السلاح تبدأ فارك التي نشأت من تمرد فلاحين في 1964 ووصل عدد عناصرها في اوج حركة التمرد الى 20 الف عنصر، عملية تحولها الى حركة سياسية. ومن المقرر ان تعقد الحركة مؤتمرا في أغسطس تعلن فيه ذلك. وتضع جميع الاطراف انتخابات 2018 العامة نصب أعينها حيث قد تطرح فارك مرشحا رئاسيا.

وفي الاشهر الماضية، تجمع عناصرها في 26 منطقة من البلاد حيث يعدون لعودتهم الى الحياة المدنية. ويقول بعض منتقدي الاتفاق مثل الزعيم السياسي المحافظ الفارو اوريبي أن اتفاق السلام كان متساهلا تماما مع أعضاء "فارك" الذين حصل بعضهم على العفو أو خفف الحكم بحقهم عن جرائم ارتكبت خلال النزاع.

اتفقت الحكومة و"فارك" على انهاء انتاج المخدرات التي كانت تموّل النزاع. ووعدت الحكومة بايجاد مصادر بديلة لمزارعي الكوكا التي ينتج منها الكوكايين.

تعويضات للضحايا 
يتضمن اتفاق السلام تعويضات للضحايا الذين وعدت "فارك" بتخصيص جزء من أموالها لعائلاتهم وأقاربهم. ويعد الاتفاق بتخصيص أراض وقروض للمجتمعات الزراعية في إطار استثمارات بملايين الدولارات.

وقال مدير مركز "سيراك" لتحليل النزاع خورخي رستريبو ان القاء السلاح "يسجل نهاية أبرز حركات التمرد في النصف الغربي من العالم. إنه بداية مرحلة ما بعد النزاع وعملية مصالحة صعبة في البلد".

وقال سانتوس انه يريد التوصل إلى "السلام التام" بالتفاوض على اتفاق مشابه مع حركة التمرد الأخيرة الناشطة في البلد، "جيش التحرير الوطني" الذي يستلهم الثورة الكوبية ويضم حوالى 1500 مقاتل.

وبدأت مفاوضات معه بالفعل في فبراير في كويتو، لكن تخللتها أعمال خطف، ما زال "جيش التحرير الوطني" ينفذها. وجرت آخر عملية خطف في الاسبوع الفائت، واستهدفت صحافيين هولنديين، أفرج عنهما بعد خمسة أيام.

تخلل المرحلة الاخيرة لنزع السلاح اعتداء بالقنبلة في 17 يونيو في مركز تجاري في بوغوتا، ادى الى ثلاثة قتلى بينهم فرنسية.
ونسب الهجوم الى حركة الشعب الثورية التي أوقف تسعة من اعضائها، فيما كشف عن استمرار التوتر الناجم من العنف رغم الرغبة في السلام.