ينتقل نحو 500 سوري من أماكن لجوئهم اللبنانية في عرسال إلى قراهم وبلداتهم السورية، ضمن تسويات يقوم بها وسطاء العشائر في منطقة القلمون. فهل&آن أوان عودة النازحين السوريين إلى بلادهم؟
&
إيلاف من بيروت: تستعد مجموعة جديدة من عائلات النازحين السوريين في منطقة عرسال على الحدود الشرقية بين لبنان وسورية لمغادرة المنطقة والعودة إلى قراها وبلداتها في الداخل السوري. وكان عدد من هؤلاء يقدر باثنتين وخمسين عائلة، أي ما يقارب 500 شخص، قد عادوا فعلًا إلى بلدات القلمون منذ نحو أسبوعين في عملية تمت بعيدًا من الأضواء، بمجهود من الوسيط ابو طه العسالي، أحد وجهاء عشائر القلمون، وتحت اشراف الجيش اللبناني، وبالتنسيق مع حزب الله بوصفه القوة الموجودة في المنطقة، إضافة إلى النظام السوري.
&
الهدف من هذه العملية تفريغ خراج عرسال من المقاتلين الموجودين في الجرود وعوائلهم، تمهيدًا لتنظيف الحدود اللبنانية من المعارضين السوريين، وفق ما كشف سالم زهران، مدير مركز الارتكاز الإعلامي المقرب من حزب الله، لـ"إيلاف"، إذ أوضح أن الأمر سيتم عبر وسيلتين: "الأولى، تسوية سياسية تقضي بإبعاد هؤلاء المسلحين إلى العمق السوري حيث أماكن سيطرة المعارضة كما حصل في عدد كبير من المناطق السورية، او الذهاب إلى المواجهة المباشرة إذا لم ينجح هذا الأمر".&
&
قرار رسمي&
&
يقول زهران إن ثمة قرارًا مركزيًا اتخذته الدولة اللبنانية بتطهير جرود عرسال ممن وصفهم بـ "الارهابيين"، والغطاء الدولي لذلك متوافر، "ترجم بزيارة قائد المنطقة الوسطى الأميركية إلى لبنان أخيرًا، وبزيارة قائد القوات الخاصة في الجيش الأميركي، وعليه، ما يحصل جهد ذو بعد اجتماعي، له علاقة بملف النازحين، ستكون نتيجته إيجابية أيضًا في الملف العسكري، لكني لا اعتقد أن سيكون له تأثير مباشر في عودة النازحين المنتشرين على الأراضي اللبنانية، بل هي تجربة حية أمام الحكومة اللبنانية والسلطات المحلية كي تسعى إلى ذلك".
&
وبرأي زهران فإن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري معني أكثر من غيره بالعمل على ملف النازحين وعودتهم، "لكن للأسف، الحكومة اللبنانية تسعى دائمًا في المحافل الدولية إلى تأمين موارد مالية لبقاء هؤلاء وليس لعودتهم، وهذا خطأ كبير، فمن يراقب اللغة الرسمية التي تعتمدها الدولة اللبنانية مع الهيئات الدولية والمجتمع الدولي بضرورة توفير الدعم المادي للنازحين والمضيفين يلاحظ أن هذه المطالبة ناقصة، إذ يجب المطالبة بعودة النازحين لا دعم وجودهم أو دعم البنى التحتية التي تتحمل وجودهم".
&
أداة تسول
&
يعتبر زهران أن واحدة من مصائب الحكومة اللبنانية والعوائق الأساسية في طريق تحقيق عودة النازحين هي وجود وزير للنازحين، في إشارة إلى الوزير معين المرعبي، لا يتحدث مع الدولة السورية بل يقاطعها، "فهذه المسألة مرتبطة حتمًا بالدولة السورية، أو أقله تحتاج إلى شخصية مستقلة قادرة على أن تتحاور مع الدولة السورية ومع الجهات الداعمة للمعارضة السورية، أي أن تتمكن من التعاطي مع طرفي المسألة، الدولة السورية من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى".

يشير زهران إلى أن كل من يطلع على حجم المساعدات الدولية التي تأتي إلى النازحين يستغرب اين تذهب كل هذه الأموال. يقول: "هناك جمعيات بدأت تفرخ لا نسمع منها سوى اسمائها، بينما يكاد يكون نشاطها شبه معدوم، وهناك من يستفيد من هذا الوجود ويريد مع الأسف من السوريين النازحين أن يكونوا مجرد أداة للتسول لا أكثر" .&
&
عن العدد التقريبي للدفعة الجديدة من العائدين، يقول زهران: "لا يمكن تحديد الرقم بدقة لأنه خاضع للعرض والطلب، فطريقة تعاطي الذين ذهبوا في الدفعة الأولى وحياتهم هناك هي التي سوف تشجع الباقين على العودة، وبالتالي سيكون هناك حالة من الانتظار لمعرفة مدى توافر عوامل الاطمئنان والاستقرار، فضلًا عن التخوف من العمليات الأمنية التي تحصل في عرسال ومنها عملية التفجير التي وقعت أخيرًا، والتي توضع في خانة أدوات الضغط لمنع عودة هؤلاء عبر استهداف بعض الشخصيات التي تعمل لإتمام عودتهم.
&
لا دور للجيش&
&
من جهته، أكد العميد علي قانصو، مدير التوجيه في الجيش اللبناني، حصول التفاوض على عودة دفعة جديدة قوامها 500 شخص تقريبًا إلى سورية، لكنه جزم أن الدفعة السابقة كانت بحدود 160 شخصًا فقط. قال لـ "إيلاف": "نتمنى أن تكون هذه العملية مؤشرًا إلى بداية طريق ما لعودة النازحين السوريين عمومًا إلى بلادهم، وخصوصًا إلى المناطق التي صارت آمنة، ونحن نسهّل أي عملية عودة تحصل".
&
أضاف قانصو: "نحن كقوى أمنية لبنانية أمّـنّا فقط عملية انتقالهم وحركتهم من عرسال باتجاه الأراضي السورية، ولم يكن لنا أي دور غير ذلك، ولم ندخل حتى في عملية التفاوض المباشر، فالتفاوض يتم بين حزب الله والجهات الرسمية في سورية من جهة، وبين النازحين أنفسهم الذين يرغبون بالعودة من جهة أخرى، وحتى الآن لا قرار بإعادتهم إلى سورية بشكل قسري أو الزامي، فذلك يتطلب قرارًا سياسيًا على مستوى الحكومة اللبنانية".
&
تغير وجهة السير
&
كشف باسل الحجيري، رئيس بلدية عرسال، بدوره لـ "إيلاف" عن أن عددًا كبيرًا من السوريين يرغب في العودة إلى بلده، لافتًا إلى أن الخطوة الاولى لم تحظ بتغطية إعلامية كي لا تتعرض لعمليات التشويش أو التعطيل، "فربما هناك أطراف غير راضية عن هذه العملية، غير أن النازحين وصلوا إلى بلداتهم الآن وهم بخير، ونحن لا نقيس الخطوة بالعدد، ففي عرسال 100 ألف نازح، وإذا عاد منهم 500 او 100 او حتى شخص واحد، فهو يعتبر انه غير وجهة السير، فبدلًا من أن تكون وجهة السوري باتجاه لبنان وعرسال تحديدًا، صار بإمكانه العودة إلى سورية"، مضيفًا أن هناك مناطق آمنة بموجب تسويات معينة، وبالتالي لم يعد من ضرورة لوجودهم في عرسال.
&
وعما تضمّنته التسوية مع النظام السوري، قال الحجيري: "الحروب متعبة وبداية الحرب غير منتصفها ونهايتها، ومن يتشدد في البداية يلين في ما بعد ومن ثم يقبل بالحلول، فسوريا تدمرت ولا منتصر بالكامل، وبالتالي التوصل إلى تفاهمات ممكن، واعتقد أن من الشروط التي فرضت على هؤلاء مقابل عودتهم هي أن لا يتعاطوا مع أحد".
&
وأكد العمل على عودة دفعة ثانية. وقال: "ثمة فوضى لناحية تسجيل الأسماء وجمع المعلومات، ولكن ليس للأمم المتحدة أي صلة بعملية العودة هذه".&