إيلاف من بيروت: تلاميذ المدرسة الحربية في لبنان يزورون معلم مليتا في الجنوب أو متحف حزب الله. رجال الأخير يصطحبون ضباط المستقبل في جولة بين ثنايا المعلم لشرح تفاصيله ومراحل انشائه.

مرت الزيارة بهدوء في الداخل اللبناني، لم يخرج أي حزب او شخصية سياسية للتعليق عليها سواء بشكل سلبي أو ايجابي، ولكن بعد ايام قليلة اصدر المجلس العالمي لثورة الارز بياناً منددًا بهذه الجولة.

خطيئة مميتة

المجلس، رأى في بيانه، الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، "أن توجه تلامذة المدرسة الحربية إلى مليتا خطيئة مميتة يجب التحقيق بخلفياته"، مشيرًا الى انه "وعلى الرغم من الاحتلالات وسيطرة المليشيات على بعض المناطق وعلى الرغم من تشرذم بعض الوحدات العسكرية في مرات كثيرة إلا أن الأمل بقي بأن يصبح الجيش اللبناني رمزًا للدولة، ممثلاً لشرعيتها، ومحافظاً على الاستقلال. ومن هنا كان وجوب تحييده عن الصراعات الداخلية مع المحافظة على الروح الوطنية الجامعة، والتي تمثل القواسم المشتركة لكافة الفئات التي تشكل هذا الوطن الفريد".

إنحرافات لنيل الرضى

وعدد المجلس ما وصفه "بالانحرافات من أجل ارضاء المحتل ايام دولة الوصاية والمسايرة بعدها لاسترضاء الحرس الثوري وزبانيته، بقيت بدون محاسبة، نذكر منها التالي:
- ما سمي عقيدة الجيش، وقد فاخر بها العماد ميشال سليمان يوم كان قائداً للجيش، وجل ما قامت عليه مسايرة الاحتلال السوري ومن بعده الإيراني لتقيّد الجيش ضمن سياسة رسمها له أعداء الوطن وتوجهت نحو رؤية نفقية في اختيار العدو، وبالتالي الأصحاب وطرق التعامل معهم.

- استتبعت تلك العقيدة مساندة ما سمي "بالمقاومة"، ما جعل الجيش عرضة للاستهداف عند كل قرار تتخذه هذه "المقاومة"، التي تتبع عمليًا لدولة ونظام لا يمتان إلى لبنان بصلة، ولا يهمهما مصير هذا البلد وأبنائه إلا بما يخدم مصالحهما".

الحزب عدو لبنان

واضاف المجلس: "الحقيقة الجارحة أن حزب الله، الذي تلخصت المقاومة به، هو عدو لبنان منذ نشأته. فهو أعلن عن تلك النشأة بتفجير مقرات القوات المتعددة الجنسية بعمليات انتحارية كانت فاتحة لسلسلة الأعمال الارهابية التي لحقت، والتي وصمت جبين لبنان بالعار. فمنذ حرق هذا الحزب العلم اللبناني في ساحة النجمة بمدينة صيدا سنة 1985 ردًا على زيارة الرئيس الجميل يومها احتفالاً بخروج الاسرائيليين، إلى برنامج خطف الأجانب لاعطاء إيران وسوريا أوراقًا للتفاوض، ومن ثم خطف الطائرات وعمليات الكويت وغيرها حول العالم، إلى الاغتيالات السياسية التي كان ابرزها وضوحًا اغتيال الرئيس الحريري، وبعده عدد من رموز ثورة الأرز، ومن ثم اعلان حرب 2006 لتعويم هذه "المقاومة" وما جرّته تلك الحرب على لبنان واللبنانيين من ويلات، ومن بعدها الاعتصام أمام السراي الذي شل البلد، وحركة 7 ايار الانقلابية، ومن ثم اغتيال النقيب سامر حنا واغتيال رئيس شعبة المعلومات في الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن وغيرها من العمليات ضد الوطن ورموزه وبشكل وقح ما أدى إلى سيطرة أجواء الخوف والارهاب على الطبقة السياسية وطبقة الموظفين في مجال الأمن، فأعاد سياسة المسايرة والقبول بالأمر الواقع".

سياسة المسايرة

المجلس إعتبر أن "الاستمرار في سياسة مسايرة الفئة التي فرضت نفسها على كل اللبنانيين بالقوة وبواسطة السلاح والارتهان لدول لها مطامع في بلدنا، هو مناف لأي منطق. وبما أن المنطقة اليوم تقف على مفترق صعب يجدر على المسؤولين عن المؤسسة العسكرية التي ما زالت تحظى بالاحترم، الى عدم الانجرار نحو الاخطاء التي تجعلها جزءًا من مشاريع أي من المحاور الاقليمية، بغية استمرار بناء الثقة ودعم الشرعية الدولية لها، وليبقى الأمل بلبنان بلدًا حرًا مستقلاً يمكنه العبور إلى عصر جديد من التعاون بين الجميع في شرق أوسط مستقر يعمه السلام بين الدول، ويخلو من الارهاب بكل اشكاله"، مطالبًا "قيادة الجيش بإجراء التحقيق حول المسألة واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه التصرفات التي تقلل من احترام الجيش الوطني وتحاول دفعه باتجاهات فئوية ضيقة لا تخدم إلا الاعداء".

مذكرة الى الكونغرس

مصدر خاص بـ"إيلاف" اشار "الى ان المجلس العالمي لثورة الارز قدم مذكرة الى لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي للتحقيق بخلفيات الزيارة من قبل الجيش وبالاخص لاعادة النظر بشروط المساعدات العسكرية للجيش اللبناني".

وتساءل المصدر: "كيف يمكن للجيش أن يقوم بزيارة لحزب الله المصنف ارهابيًا بالنسبة لدول عربية واميركا".

شجب واستنكار

جون حجار، مدير التحالف الشرق اوسطي لدعم ترمب، شجب من جهته زيارة تلاميذ الحربية الى معلم مليتا.

وقال حجار: "عندما يقاتل الجيش اللبناني داعش في عرسال في البقاع الشمالي، فنحن ندعمه بشكل كامل، ولكن عندما يزور طلاب الجيش اللبناني، حزب الله، فنجد أن هذا الموضوع يستحق الشجب".

واعتبر أنّ "سياسة الولايات المتحدة يجب أن تتكيّف مع هذه الخطوة وينبغي اتخاذ التدابير المناسبة، وينبغي تسمية المسؤولين عن هذا القرار، وتطبيق التدابير الأميركية عليهم".

لا للتمويل الأميركي

واضاف: "لا يمكن لدافعي الضرائب الاميركيين تمويل زيارات الجيش اللبناني لمجموعة إرهابية قتلت ليس فقط الأميركيين، بل أيضا اللبنانيين والسوريين والعراقيين"، وطالب حجار البنتاغون بـ"فتح تحقيق واستدعاء الملحق العسكري للسفارة اللبنانية لتقديم شكوى، مع التأكيد بأننا سندعم الجيش اللبناني ضد جميع الإرهابيين، دون تمييز بين هؤلاء".

ترحيب بالزيارة

استنكار المجلس العالمي لثوار الارز لزيارة تلاميذ الحربية الى مليتا، قوبل بترحيب كبير من جانب عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب اللبناني كامل الرفاعي. 

الضباط أمل المستقبل

الرفاعي وفي اتصال مع "إيلاف" قال: "من واجب كل لبناني لديه عزة وكرامة ان يقوم بهذه الزيارة"، متابعًا، "هؤلاء الضباط هم امل لبنان مستقبلا في الدفاع عن حدوده، ومن واجبهم زيارة هذا المعلم، وان يتعلموا ويأخذوا فكرة عن الدماء التي سالت".

واعتبر النائب اللبناني أنّ حزب الله "ليس بحاجة لشهادة اعتراف من أحد، بل على العكس لأن دماء شهداء الحزب وحدها من يعطي الشهادة لأي كان".

تلاميذ مدرسة المغامرة

وعن المواقف المستنكرة، أضاف أنّ المستنكرين "هم جماعات حاقدة وبكل أسف، ولا يمكن نسيان مواقفهم منذ عام 2006 عندما اتهموا المقاومة بالمغامرة، وهؤلاء تلاميذ مدرسة المغامرة، لأن ثوار وتلاميذ الحرية والكرامة لا يتحدثون بهذه الطريقة".