نصر المجالي: شنّ رئيس تركيا رجب طيب أردوغان، هجوماً كلامياً غير مسبوق ضد المانيا لمنعها له من التحدث أمام المغتربين الأتراك المقيمين لديها، واصفاً قرارها بـ"التصرّف القبيح جدًا"، وأنه "بمثابة انتحار سياسي"، وجدد اردوغان انحيازه الكامل لقطر في أزمتها الراهنة.

وتزامناً مع انعقاد قمة العشرين التي تبدأ فعالياتها غدًا الجمعة في هامبورغ، قال أردوغان إن تركيا كانت ولا تزال تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها مع ألمانيا، مبينًا أن البلدين بحاجة إلى بعضهما، ويجب الحفاظ على العلاقات بشكل جيد، لأن هناك 3 ملايين تركي هناك، وهذا ليس أمراً عادياً.

واضاف في حوار مع صحيفة (دي تسايت) الألمانية: "لدينا 80 ألف شركة تركية في ألمانيا توفر فرص العمل لحوالي 480 ألف شخص هناك، وهذا الأمر لا يمكنكم تجاهله"، مشددًا على ضرورة التضامن بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

وأوضح أردوغان: "سنذهب الآن إلى هامبورغ للمشاركة في قمة العشرين ولقاء مواطنينا هناك، لكن السلطات الألمانية تعطي تعليماتها لكل الجهات أن لا تسمحوا لأردوغان بالحديث".

تصرف قبيح

وتساءل الرئيس: "هل يمكن تصور مثل هذه العقلية؟ إنه تصرف قبيح جدًا ولم أتعرض له من قبل، إن ألمانيا تنتحر.. هذا التصرف يعتبر انتحارًا سياسيًا".

وفيما إذا كانت تركيا تفكر بالخروج من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أكد الرئيس التركي أنه لا يوجد على أجندة بلاده مثل هذا الأمر. وقال: "إن الاستياء من بعض تصرفات الغرب مسألة، والخروج أو البقاء في الناتو مسألة مختلفة، أي أنه لا يوجد على أجندتنا مثل هذا الشيء".

وعن موقفه من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني ورئيسه مارتن شولتز، قال أردوغان إن النهج الذي يتبعه شولتز نهج أيديولوجي، ولا يمكن التنبؤ بما سيفعله.

وأضاف: "هم يستخدمون علاقاتنا أداة في السياسة الداخلية، ويعتقدون أنهم سيحققون بعض المكاسب من وراء ذلك، وهذا النهج ليس نهجًا سليمًا وبرأيي هم يخسرون الأتراك في ألمانيا".

الصهر والدمج

وشدد رئيس تركيا على معارضته للصهر القومي في ألمانيا، وتأييده لمشروع الدمج الاجتماعي، مبينًا أن الصهر القومي شيء والدمج شيء آخر. وأوضح أن الصهر القومي يعني أن يتخلى الإنسان عن دينه ولغته ويغيّر هويته بالكامل، وقال: "لا يمكن قبول هذا الطرح نهائيًا".

وأضاف أن الدمج الاجتماعي يعني أن يندمج الأتراك في المجتمع الألماني، وأن يتقنوا اللغة الألمانية بشكل جيد، ويتناسقوا مع العادات والتقاليد الألمانية، مع حفاظهم على لغتهم الأم وهويتهم الأصلية.

وفيما إذا رغب الأتراك في ألمانيا تفضيل الجنسية الألمانية على جنسيتهم التركية، أفاد أردوغان أن هذا يعود لاختيارهم.

بمن يثق؟

وردًا على سؤال "بمن تثق أكثر بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، أم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟" قال الرئيس التركي: "لا تضعونا أمام خيار كهذا، فأنتم لا تملكون الحق في ذلك، نحن تركيا، ونطوّر علاقاتنا مع الولايات المتحدة في أفضل صورة، وكذلك نفعل مع روسيا".

وأضاف: "مسافة بلادنا مع الولايات المتحدة تبلغ 10 ساعات، فيما المسافة مع روسيا 2.5 ساعة، كما أننا نمتلك سواحل مشتركة مع روسيا في البحر الأسود".

وأردف: "حاليًا روسيا تأتي في المرتبة الثانية بعد ألمانيا من حيث عدد السيّاح لدينا، وربما تصعد إلى المرتبة الأولى، ولدينا هدف مع روسيا هو رفع حجم تجارتنا المتبادلة إلى 100 مليار دولار".

وتابع: "أما حجم تجارتنا الخارجية مع الولايات المتحدة، فقد انخفض بشكل كبير (مؤخرا)، وكل دولة في العالم تسعى من أجل مصالحها، وبالطبع نحن من تلك الدول، وتركيا تعتمد بالدرجة الأولى على روسيا مصدرًا للطاقة".

أزمة قطر 

وفي ما يتعلق بالأزمة التي تشهدها بعض الدول العربية مع دولة قطر، أكد أردوغان أن ما تتعرض له قطر لا يتوافق مع القوانين الدولية. وقال: "من بين المطالب الموجهة لقطر مطلب متعلق بتركيا، وهو إغلاق قاعدتها العسكرية في هذا البلد، وأؤكد أن هذا المطلب عدم احترام لتركيا ولقطر".

ومضى قائلاً: "لقد أبرمنا الاتفاقية مع قطر (التعاون العسكري وبناء القاعدة فيها) في 2014، وقد قدمنا العرض ذاته للسعودية لبناء قاعدة على أراضيها في العام ذاته".

القاعدة العسكرية 

وأشار إلى أنه توجد في قطر قاعدة عسكرية أميركية قوامها 9 آلاف جندي، متسائلاً: "لماذا هذه القاعدة لا تزعجهم (الدول المقاطعة لقطر) وتزعجهم قاعدتنا العسكرية؟ هذا أمر لا يمكن القبول به أبدًا".

وتابع: "كما أنه من بين المطالب إغلاق قناة الجزيرة، أي حرية إعلام هذه؟ هل يمكن قبول هذا الأمر؟ ترى ماذا سيكون موقف تلك الدول في حال فرض الأمر نفسه عليها؟".

وأكد أردوغان أن بلاده ستواصل دعم قطر بجميع الأشكال حتى النهاية، وأضاف: "لأننا نشاطرهم القيم نفسها، وعلاقاتنا الثنائية في وضع جيد جدًا، ونحن لا نلزم الصمت أمام الظلم، وسنواصل الوقوف إلى جانب أصحاب الحق والمظلومين".