«إيلاف» من دبي: تناقل مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع خلال الأيام القليلة الماضية كلمة مصورة للدكتور يحيى بن محمد الفارسي، عميد كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، وتفاعلوا معها بشكل منقطع النظير، مثنين على حكمته ونظرته الثاقبة والقارئة للمستقبل، وبحديثه الشيق ذي الفكر العميق الذي أعاد إلى الأذهان أحاديث حكماء هذا الزمان، فهو حديث قلما سمعناه في عصرنا هذا.

وتوقع الفارسي في كلمته اختراع مرآة إليكترونية تستشعر الأمراض، وإن كان ذلك الشخص الذي ينظر إليها يحتاج إلى مراجعة الطبيب أم لا، كما أوضح أن الزوجات لا يطعن أزواجهن، وأن الأبناء لا يحترمون آباءهم منذ أكثر من 5000 سنة.

منوهًا بأن الطب يتغيّر والإنسان هو الإنسان يبقى كما هو لا يتغيّر حتى لو تغيّرت السنون والأزمنة، وأنه سيبقى كما هو حيثما حل وأينما ارتحل، وبأن الطب أضحى يتغيّر بشكل لحظي، مستشهدًا بتوقعات المستقبليين المستشرفين أنه خلال الـ 50 سنة المقبلة سيتحكم الطب في سر الحياة من خلال الهندسة الوراثية وزراعة الأعضاء، وتحليل كامل الشفرة الوراثية، داعيًا طلبة الطب في مختلف دول الخليج إلى مواكبة هذا التطور لرسم البهجة والفرح بين أفراد المجتمع.

سوق عكاظ

وتفصيلاً، ذكر خلال فعاليات مؤتمر علمي عالمي لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي بجامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الطب والعلوم الصحية، وشارك فيه أكثر من 1200 طالب وطالبة من كافة دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى بعض المشاركين من مختلف دول العالم، وبعض الوفود الرسمية من الجامعات الخليجية، "من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آتٍ آتٍ، بهذه الكلمات كان يصدح قس بن ساعدة الايادي في سوق عكاظ، حيث كانت تجتمع قبائل شبه الجزيرة العربية لتعاطي الشعر والأدب واللغة والثقافة والعلم والحضارة، وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هي وفود الخليج وحملة شعلة العلم والنور تجتمع اليوم في عكاظ عمان، في رحاب جامعة السلطان قابوس".

طب مليء بالإثارة

وقد أكد في كلمته على النمو والتطور السريعين للعلوم الطبية، موضحًا أن "الطب يتغير، ويتغير بسرعة. .إن قدركم أيها الجيل أنكم وُجدتم في مرحلة حرجة من مراحل تطور الطب المليئة بالإثارة من مراحل تغيّر الطب الذي أصبح يتغير لحظياً وبشكل متجدد".

وتابع "يخبرنا المستقبليون المستشرفون إلى ما وراء حجاب الزمن أنه خلال السنوات الخمسين المقبلة ستكون ممارسة الطب مختلفة تمامًا عمّا هو اليوم.. وسيستطيع الإنسان للمرة الاولى التحكم في سر الحياة من خلال تسخير تقنيات الهندسة الوراثية في زراعة الأعضاء، وسيكون بإمكان كل شخص أن يحصل على تحليل كامل لشفرته الوراثية الخاصة به مقابل مبلغ زهيد وسيتقلص حجم جهاز الرنين المغناطيسي “MRI” الذي هو بحجم غرفة كبيرة ليكون بحجم الهاتف المحمول".

مرآة ذكية بمستشعرات إلكترونية

وقال الفارسي "وكما توجد اليوم هواتف ذهبية ستوجد مرآة ذكية ينظر إليها المرء كل صباح وتستطيع المرأة الذكية أن تكشف أي تغييرات تطرأ على جسمه بواسطة المستشعرات الإلكترونية، ومن ثم تخبره المرأة إن كان بحاجة لرؤية الطبيب. وبفضل تقنيات متطورة لخلايا المنشأ، سيتم استخدام خلايا المنشأ بصورة واسعة تكاد تكون مشابهة للانتشار الواسع حاليًا لاستخدام المضادات الحيوية.. كما يتوقع أن تصبح معالجة أي عضو مختل ممكنة باستخدام خلايا المنشأ، بحيث يمكن تخليق أعضاء جديدة يحتاجها جسم الإنسان بكل سهولة.. وسيختفي كثير من عمليات المناظير كما نعرفها اليوم بفضل تقنيات النانو تكنولوجي إذ سيتقلص حجم الأجهزة التي يراد إدخالها في جسم الإنسان إلى كبسولات مجهرية تقوم بالتقاط الصور ومعالجة مواضع الخلل".

نصيب الفقراء والمساكين

وأشار إلى أن هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في مخيلته تحتاج إلى إجابة قائلاً :"أيها الجيل على الرغم من الآفاق الكبيرة المتوقعة من التقنيات الحديثة، إلا أنه ستظل هناك أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابة: فيا ترى كم ستكون تكلفة هذه التقنيات، وهل ستستطيع كل دول العالم الحصول عليها؟.. ويا ترى كم سيكون نصيب الفقراء والمساكين في أنحاء المعمورة من هذه التقنيات؟ وما هي التعقيدات الأخلاقية التي ستفرضها التقنيات الحديثة على الثقافات البشرية وكيف سيمكن التعايش معها؟.. أيها الجيل، الطب يتغيّر، ولكن الانسان هو الانسان".

الرمال والكواكب والخلايا العصبية.. أيهما أكثر عددًا؟!!!

وذكر "إن قدركم أنكم تتعاملون مع أقدر وأعظم كائن على ظهر هذا الكوكب.. ويخبرنا الفيزيائيون أنه لو حسبنا عدد حبات الرمال المنثورة على شواطئ هذا الكوكب، فإننا سنحصل على رقم فلكي هائل.. ثم إنهم يخبروننا أننا لو حسبنا عدد النجوم الموجودة في الكون لوجدناها أكثر من عدد حبات الرمال ولو حاولنا حساب الترابطات العصبية الموجودة على سطح خلية عصبية واحدة في الدماغ البشرية لوجدناها أكثر من عدد النجوم، والتي بدورها هي أكثر من عدد الرمال".

وأفاد "هذا التركيب العجيب هو في خلية واحدة بين مليارات من الخلايا في المخ البشري .. وأنتم أيها الجيل من يصاحب الكائن العجيب منذ لحظة ولادته وحتى اللحظة التي يغادر فيها الحياة .. الإنسان سيبقى هو الإنسان أينما حل وأينما ارتحل متطلعًا إلى الأمل والحلم والحب والأمان".

زوجات لا يطعن أزواجهن.. وأبناء لا يحترمون آباءهم

وأوضح الفارسي أنه قبل سنوات قلائل اكتشفت كتابات هيروغليفية في مقبرة فرعونية تبيّن بعد ترجمتها أنها كتبت بخط شخص مجهول يشتكي فيه من تغيّر أحوال الناس، ويصف كيف أن الأبناء أصبحوا لا يحترمون آباءهم وأمهاتهم، وأن الزوجات لا يطعن أزواجهن كما كنّ في السابق، لافتا إلى أن "تلك الخواطر كتبت قبل 5000 عام، وأظن أننا لو تصفحنا الصحف هذا الصباح لربما وجدنا مقالات بنفس المحتوى.. لذا أؤكد على أن الإنسان سيظل هو الإنسان.. إن الشمس التي أشرقت عليهم هذا الصباح هي نفس الشمس التي كانت تشرق على آدم.. والقمر الذي سيطل عليهم هذا المساء هو نفس القمر الذي كان ينظر إليه نوح على سفينته، والمصريون على أهراماتهم والصينيون على أسوارهم والهنود في معابدهم وقبائل المايا على أبراجهم.. ولو قدر للشمس والقمر أن يتكلما لأخبراكم أن أجمل شيء في هذا الكون هو إعادة البسمة إلى الوجوه الحزينة وهذه هي مهنتكم الشريفة النبيلة".

واختتم الدكتور يحيى الفارسي حديثه بأبيات شعرية لقس بن ساعدة الإيادي قائلاً: "

في الذاهبين الأولين .. من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا .. للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها .. يمضي الأصاغر والأكابر

لا من مضى يأتي إليك .. ولا من الباقين غابر

أيقنت أني لا محالة .. حيث صار القوم صائر.

 

فيديو كلمة الدكتور يحيى الفارسي: