الرباط: نص مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية على كونه سيصبح محل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب، في كافة حقوقه والتزاماته، بدءا من تاريخ دخول هذا القانون التنظيمي لحيز التنفيذ، و يدمج نص المشروع الذي قدمه وزير الثقافة والاتصال محمد الاعرج بلجنة الثقافة والاتصال بمجلس النواب، كافة الموظفين والمستخدمين والأعوان العاملين بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بشكل تلقائي بالمجلس الوطني للغات.

و يرى احمد عصيد، الناشط الأمازيغي والباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن مشكلة هذا المشروع تتمثل في كونه غير مطابق للدستور، فالدستور ينص على أن هذا المجلس هو مجلس استشاري، يضم المؤسسات التي تعنى باللغات، بمعنى أنها قائمة الذات تمثل فيه، فضلا عن كونها مستقلة ماليا وإداريا.

و يضيف عصيد، في اتصال مع "إيلاف المغرب" هذا ما أقرته اللجنة المكلفة اعداد القانون التنظيمي التي ترأسها ادريس خروز و تولت صياغة هذا المشروع، فإذا بنا نفاجئ بأنه حينما سلم للحكومة وخرج من الأمانة العامة بشكل مختلف كليا، حيث قاموا بإدراج"لخبطة" بغرض تذويب المؤسسات القائمة الذات كأكاديمية محمد السادس للعربية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهو الامر الذي لا يمكن أن يتم من الناحية القانونية، خاصة أنه لا يمكن لمجلس استشاري أن يحتوي على مؤسسات قائمة بذاتها".

في غضون ذلك، قال الناشط الأمازيغي "نرفض المادة 50 من مشروع القانون التنظيمي للمجلس، و التي تنصّ على أن الممتلكات و المنقولات وحقوق الملكية الفكرية المملوكة للمعهد والأرشيف والوثائق والملفات تُنقل إلى المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، و هو ما يمثل تراجعا كبيرا للمغرب تجاه كل التدابير التي نهجها بشأن الأمازيغية".

وأضاف "فمكتسبات الأمازيغية تصاعدت ثم بدأت في الانحدار، كما أن الدولة أقرت بذلك في ظرفية 2011 لتبدأ بعد ذلك في تقزيم هذا الترسيم، هؤلاء الناس اعترفوا بأن الأمازيغية لغة رسمية و الآن يريدون إعطاءها وضعا آخر مقزما"، وفق تعبيره.

ويضفي هذا المشروع على المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، ويحدد صلاحياته ومهامه لاسيما تلك المرتبطة باقتراح التوجهات الاستراتيجية للدولة في المجالين اللغوي والثقافي، والسهر على انسجامها وتكاملها، وما يتعلق بحماية وتنمية اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، وبتنمية الثقافة الوطنية والنهوض بها في مختلف تجلياتها، وحفظ وصون التراث الثقافي المغربي، وتيسير تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، والمساهمة في تقييم تنفيذ هذه التوجهات، بتنسيق مع السلطات والهيئات المعنية.

ويطال القانون أيضا معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، حيث ستُنقل بموجبه وبصفة تلقائية كل المملكات العقارية الموضوع رهن إشارته وموارده البشرية إلى المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

وتأسّس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2001 بأمر من الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه بأجدير نواحي مدينة خنيفرة، بهدف إقرار مختلف مقومات التاريخ الجماعي، والهوية الثقافية الوطنية للمغاربة والتي تتشكل من روافد متعددة.

و ساهم المعهد في تقديم المشورة في التدابير التي من شأنها الحفاظ على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها، فضلا عن مشاركته بتعاون مع السلطات الحكومية والمؤسسات المعنية في تنفيذ السياسات التي تساعد على إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية، وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي.

ومن أبرز ما قام به المعهد منذ إنشائه، تبنيه حرف تيفناغ لكتابة الأمازيغية بدل اعتماد الخط العربي أو اللاتيني في كتابتها، والتي تتكون أبجديتها من 33 حرفا، حيث طور المعهد منها ثمانية خطوط مطبوعة، وساهم في الإدماج المتدرج للأمازيغية في المدارس المغربية.