حذر باتريك بوكانان من محاولات المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري دفع دونالد ترمب إلى مواجهة مع روسيا بشأن أوكرانيا، من خلال تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة تؤدي إلى مواجهة أميركية – روسية كبيرة. 

اعداد عبد الاله مجيد: في أثناء الحملة الإنتخابية الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة، رفضت لجنة إعداد البرنامج الانتخابي للمرشح الجمهوري دونالد ترمب إدراج بند يجر الولايات المتحدة إلى مزيد من التدخل في الأزمة الأوكرانية. وتحدث باتريك بوكانان، كاتب خطابات الرئيس ريتشارد نيكسون ثم الرئيس رونالد ريغان، عن محاولات المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري لدفع ترمب إلى مواجهة مع روسيا بشأن أوكرانيا، محذرًا من تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة تؤدي إلى مواجهة كبيرة مع روسيا. 

خطوة خطرة

يلاحظ بوكانان أن تحسين العلاقات مع روسيا هو ما وعد به ترمب خلال حملته الانتخابية، وهو ما صوت له الاميركيون في نوفمبر الماضي. 

لكن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت في تقرير أخير أن وزارتي الدفاع والخارجية أعدتا خططًا لتزويد أوكرانيا بقذائف مضادة للدبابات وأسلحة أخرى، وأنهما تسعيان إلى نيل موافقة البيت الأبيض على هذه الخطط.

أضافت الصحيفة أن وزير الدفاع جيمس ماتيس يدعم هذه الخطط لتسليح كييف ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا. وإذا استأنف الجيش الاوكراني عملياته في شرق البلاد بعد تعزيزه بأسلحة اميركية، فإنه يمكن أن يواجه هجومًا مضادًا باسناد روسي، وأن يُمنى بهزيمة نكراء، كما يمكن أن يسيطر الجيش الروسي بصورة دائمة على منطقة دونباس. 

في حال موافقة ترمب على خطة البنتاغون ووزارة الخارجية، فمن الجائز أن نشهد تكرارًا للحرب الروسية - الجورجية في أغسطس 2008، كما يحذر بوكانان. 

وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن الهدف من تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة هو "رفع الثمن الذي يدفعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإمبرياليته، إلى أن ينسحب أو يوافق على السلام.... فالروس لا يريدون وصول جنود قتلى إلى أهلهم قبل الانتخابات الرئاسية في العام المقبل".

أميركا ملتزمة

انضم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى معسكر المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري، الذين يريدون مواجهة مع روسيا، وهو قال للجورجيين خلال زيارة إلى بلادهم قبل أيام: "نحن نقف معكم"، لافتًا إلى أن الدبابات الروسية ما زالت تتمركز في أوسيتيا الجنوبية داخل الأراضي الجورجية. 

أضاف أن الولايات المتحدة ملتزمة تعهدها الذي قطعته في عام 2008 بقبول جورجيا عضوًا في حلف شمال الأطلسي. وهذا يعني بموجب المادة 5 من معاهدة الحلف أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها مشتبكة مع روسيا في جنوب القوقاز إذا وقعت مواجهة روسية - جورجية أخرى في المستقبل. يتساءل بوكانان: "لروسيا مصالح أمنية واضحة هناك، لكن ما هي مصالحنا؟" 

إلى جانب توقيع ترمب قانون العقوبات الجديدة ضد روسيا الذي يحرمه من صلاحية رفعها من دون موافقة الكونغرس، فإن هذه التطورات تثير تساؤلات أكبر، منها: هل أخذ ترمب يفقد السيطرة على سياسته تجاه روسيا؟ هل استسلم للمحافظين الجدد؟ 

يؤكد بوكانان أن هذه ليست أسئلة أكاديمية إذا نظرنا إلى مهندس حزمة الأسلحة إلى أوكرانيا، كورت فولكر الممثل الخاص الاميركي الجديد للمفاوضات بشأن أوكرانيا. 

يعتقد فولكر، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية وعضو سابق في مجلس الأمن القومي ومبعوث سابق إلى حلف الأطلسي، أن القوات الروسية موجودة بصورة غير قانونية في ترانزنستريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وشبه جزيرة القرم ودونتسك ولوهانسك، وأن سياسة الولايات المتحدة يجب أن تكون إخراجها من هذه المناطق.

هل ينسحب؟

حتى يوليو الماضي، كان فولكر مدير معهد ماكين ذي التوجهات المحافظة الجديدة، بعد أن عمل في مكتب عضو مجلس الشيوخ والشخصية المرموقة في الحزب الجمهوري جون ماكين. ودعا فولكر إلى فرض عقوبات شخصية على بوتين وعائلته، وفرض قيود على سفرهم الى أوروبا. 

وتحدث مسؤولون عن استراتيجية فولكر في صحيفة وول ستريت جورنال قائلين إنه "يعتقد أن التغيير في الوضع الأوكراني لا يمكن أن يحدث إلا برفع الأثمان التي تدفعها موسكو عن استمرار تدخلها في أوكرانيا. وفي تصريحات علنية، قلل من شأن الرأي القائل إن تزويد أوكرانيا بأسلحة سيؤدي إلى تصعيد النزاع مع روسيا". 

باختصار، يعتقد فولكر أن تزويد أوكرانيا بقذائف مضادة للدبابات سيجر بوتين إلى طاولة المفاوضات لأنه يخشى عودة الجنود الروس في أكياس قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في عام 2018. اما المخاوف من أن يرسل بوتين جيشه إلى أوكرانيا ففولكر يعتقد انها مخاوف غير مبررة، ويرى أن زيادة التدخل الاميركي في الحرب الأهلية الأوكرانية يمكن أن تستنزف قوى الانفصاليين المدعومين من روسيا وتقنع بوتين بالتراجع وقبول ما تعتبره الولايات المتحدة تسوية عادلة. 

لكن، هل هذا ما يعتقده ترمب؟ هل يعتقد أن مواجهة بوتين بخسائر متعاظمة بين جنوده وحلفائه في أوكرانيا هي الطريق لإجباره على الانسحاب كما فعل نيكيتا خروتشوف من كوبا عام 1962؟ وماذا سيحدث إذا اختار المواجهة؟