واشنطن: على الرغم من انها هددت ب"رد عسكري شامل" على اي تهديد من كوريا الشمالية الا ان ادارة ترمب تجد نفسها امام خيارات محدودة جدا للتعامل مع بيونغ يانغ بعد التجربة النووية السادسة -والاقوى على الاطلاق- التي أجرتها الأحد، وقد يكون افضل هذه الخيارات تشديد العقوبات الدولية على النظام الستاليني.

- توجيه ضربة عسكرية؟ غير مرجح -لا يبدو ان التجربة النووية الجديدة التي اجرتها كوريا الشمالية غيّرت المعادلة بالنسبة للولايات المتحدة، إذ ان التغيير الوحيد الظاهر حتى الآن يقتصر على تشديد النبرة ازاء نظام كيم جونغ-اون مع تأكيد وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس ان "اي تهديد يطال الولايات المتحدة او ايا من اراضيها بما في ذلك غوام، او ايا من حلفائها، سيلقى ردا عسكريا شاملا".

واتى تصريح الوزير الاميركي بعد مشاركته في اجتماع لفريق الامن القومي حيث استعرض امام ترمب "الخيارات العسكرية العديدة الموجودة لدينا" والتي "يريد الرئيس ان يطّلع على كل منها".

وكان ترمب قال في تغريدة في اول رد فعل له على التجربة النووية "كوريا الشمالية اجرت اختبارا نوويا كبيرا. تصريحاتهم وأفعالهم لا تزال عدائية وخطرة جدا للولايات المتحدة". ولاحقا قال ردا على سؤال عما اذا كان يعتزم الردّ عسكريا على بيونغ يانغ "سنرى".

ولكن مارك فيتزباتريك المدير التنفيذي للفرع الاميركي للمعهد الدولي للدراسات الاسترتيجية قال لوكالة فرانس برس انه "لا توجد خيارات عسكرية واقعية من حيث ضرب كوريا الشمالية لأن من شأن هذا الامر ان يشعل حربا واسعة النطاق على الارجح".

وحشد نظام كيم جونغ-اون وحدات مدفعية على طول الحدود مع كوريا الجنوبية، التي تبعد 55 كلم فقط من سيول، وبالتالي فان الخطر الاساسي لاي ضربة عسكرية اميركية للشمال سيكون اشتعال الجبهة بين الكوريتين.

بدوره قال جون وولفستال المحلل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي انه "قبل ان يستسلم الجميع للذعر، صحيح ان اجراء كوريا الشمالية تجربة نووية تطور مقلق ولكنه لا يغير طبيعة التحدي الذي نواجهه".

واضاف في تغريدة على تويتر ان "هكذا تجربة لا تستدعي ردا عسكريا، وهو امر جيد لاننا لا نمتلك خيارات قابلة للتطبيق".

- خيارات الضغط العسكري -ولكن اذا لم يوجه الاميركيون ضربة عسكرية فبامكانهم زيادة الضغوط العسكرية على بيونغ يانغ. وبالفعل فانه مباشرة قبل التجربة النووية الجديدة اتفق ترمب مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-ان على تعزيز القدرات العسكرية لسيول في مجال الدفاع الصاروخي وهو امر من شأنه ان يعزز قدراتها على ردع جارتها الشمالية.

وبالفعل فقد أطلقت كوريا الجنوبية مساء الاحد مناورات عسكرية بالصواريخ البالستية ردا على التجربة النووية للشمال، كما افادت وكالة الانباء الكورية الجوبية "يونهاب".

وقالت يونهاب نقلا عن رئيس الأركان المشتركة إن الجيش الكوري الجنوبي أجرى مناورات بالذخيرة الحية تحاكي هجوما على موقع للتجارب النووية في كوريا الشمالية، موجها ضربات لاهداف في بحر الشرق.

وبالنسبة الى مارك فيتزباتريك فان "الخيارات العسكرية القابلة للتطبيق تتضمن مبادرات من مثل نشر وسائل جديدة في المنطقة. يجب ان ننتبه الى ان كوريا الجنوبية تريد الآن التفكير في اعادة نشر اسلحة نووية تكتية" على اراضيها"، معتبرا ان "هذا الامر سيكون شديد التعقيد ولكنه يمكن ان يكون جزءا من الخيارات المطروحة".

وكانت الولايات المتحدة سحبت قبل 25 عاما كل اسلحتها النووية من كوريا الجنوبية.

وفي مجال الضغوط ايضا حاول ترمب استخدام نبرة حربية في خطابه مع كوريا الشمالية بتهديده اياها، في جملة اصبحت شهيرة، ب"الغضب والنار".

ورأى الرئيس الاميركي في 23 آب/اغسطس ان تصريحه هذا اتى ثماره اذ ان كيم جونغ-اون "بدأ يحترمنا"، لكن ما لبث الزعيم الكوري الشمالي ان اطلق بعيد ايام فقط من تهديد ترمب صاروخا بالستيا حلق فوق اليابان، أتبعه الاحد بالتجربة النووية السادسة لبلاده والاولى لها على قنبلة هيدروجينية يمكن استخدامها رأسا حربية للصاروخ البالستي، بحسب بيونغ يانغ.

- العقوبات الاقتصادية، دائما وأبدا -تشديد العقوبات الاقتصادية هو السلاح الذي أكدت عليه واشنطن الاحد لمزيد من العزلة لبيونغ يانغ.

وقال ترمب على تويتر ان "الولايات المتحدة تبحث، الى جانب خيارات اخرى، امكانية انهاء كل المبادلات التجارية مع اي بلد تربطه اعمال مع كوريا الشمالية".

وكان وزير الخزانة الاميركي ستيفن منوتشين قال في وقت سابق الاحد انه يحضّر سلسلة عقوبات لعرضها على الرئيس ترمب، مشيرا الى انه يعتزم العمل في هذا الصدد مع حلفاء الولايات المتحدة ومع الصين التي تستورد 90% من الصادرات الكورية الشمالية.

وبدأت الولايات المتحدة بفرض عقوبات احادية الجانب على شركات صينية او روسية لديها اعمال في كوريا الشمالية. وفي 22 آب/اغسطس اعلنت وزارة الخزانة الاميركية فرض عقوبات على 10 شركات و6 افراد بسبب تعاملاتهم مع بيونغ يانغ.

كما ان الولايات المتحدة تقف خلف حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الامن الدولي بالاجماع على بيونغ يانغ في 6 آب/اغسطس. وهذه الحزمة السابعة من العقوبات على كوريا الشمالية استهدفت تحديدا حرمان هذا البلد من مليار دولار من العائدات التجارية المتأتية من قطاعات الصيد والفحم والحجري والحديد.

والخطوة الاضافية في مجلس الامن الدولي قد تكون فرض حظر نفطي، كامل او جزئي، على كوريا الشمالية.

وهناك خيار آخر طرحته بريطانيا في مجلس الامن وهو فرض عقوبات تضطر بموجبها روسيا والصين الى ترحيل العمال الكوريين الشماليين الى بلدهم، وهو اجراء سيحرم بيونغ يانغ من مصدر اساسي للعملات الاجنبية.