إيلاف من بغداد: أعرب الكثير من العراقيين عن رفضهم التام أي تهديد يتعرض له الأكراد الساكنون في بغداد او المحافظات ، مشددين على أن العلاقات الأخوية التي تربطهم مع المواطنين الاكراد اكبر من قضية الاستفتاء أو حتى الانفصال، مؤكدين ان من يمسهم ولو بكلمة هو (داعشي) وعنصري.

واستغرب عراقيون من مختلف الشرائح تصريحات بعض السياسيين او ما تحاول بعض وسائل الإعلام ترويجه من مخاوف ضد المواطنين الاكراد سواء الذين يعيشون في بغداد او المحافظات ومحاولات زجهم في صراع سياسي ليس لهم علاقة به.

 وأكد العديد من المواطنين العراقيين الذين التقتهم "إيلاف" في عدد من مناطق بغداد ان هناك من ينفخ في نار الفتنة بين العرب والأكراد لذلك هم يقفون بالضد من كل من يحاول الاساءة الى الاكراد او تخويفهم أو طردهم ، وقد أجمع الكثيرون ان من يقول ذلك لديه أجندات طائفية وعنصرية تريد تدمير النسيج الأصيل للمجتمع العراقي، مشددين على ان الاكراد ولدوا وعاشوا أبا عن جد مع العرب والمكونات الأخرى من دون كراهية ولا عداوات ولا يمكن التفرقة بينهم وبين آخر ، مرددين قول :الكرد في بغداد اهلنا، وعاصمتنا بيت كل العراقيين..، ايها الكرد كونوا مطمئنين..أمنكم من أمننا.

وكان النائب السابق القاضي وائل عبداللطيف قد صرح بان الوضع غير مسيطر عليه وعلى الاكراد في بغداد ان يحسبوا حسابهم وقال: (انصح شركاءنا الأكراد في بغداد بمغادرة بغداد قبل استفتاء كردستان لان الحرب الأهلية ستقع)، وهذا ما عده البعض تحريضا على الانفلات والقيام بأعمال إجرامية ضد الأكراد في بغداد.

أبناء نجباء

فقد أكد حسن عبد الرزاق،معلم متقاعد: "الأكراد اخوتنا وهم ابناء العراق النجباء، عيب على أي عراقي أن يدعي عكس ذلك، ومن يتعرض لهم بكلمة فهو لا يختلف عن الدواعش المجرمين".

وأضاف: "الاعتراض والرفض للاستفتاء أو الانفصال لا يجب ان يهدد امن وسلامة الاكراد في بغداد أو في أي محافظة عراقية اخرى لان هؤلاء مسالمون وحالهم كحالنا نحن الذين لا حول لنا ولا قوة، فهم اخواننا وعشنا معهم طول عمرنا ولم نر منهم غير الخير والمحبة، لذلك أكبر خطأ هو التعرض لهم ولو بكلمة كما قلت .

إنها فتنة 

اما عبد الامير علي فاضل، موظف، فقال: "خلال الأيام الماضية سمعت من يحاول ان يثير الفتنة ويزرع الخوف في قلوب الاكراد في بغداد من أنهم سيطردون او غير مرغوب فيهم إلى غير ذلك من كلمات عنصرية، وهذا كلام نرفضه جملة وتفصيلا ، ومن الخزي والعار ان نتعامل مع الاخوة الاكراد كأعداء او مثلما تعامل اجدادنا مع اليهود وطردوهم إلى إسرائيل".

وأضاف: "والله انها فتنة لا معنى لها وإلا ما دخل هؤلاء المواطنين الطيبين بما يقوم به السياسيون ، وهؤلاء الأكراد في بغداد لو انهم يريدون العيش في كردستان لذهبوا من زمان، ولكنهم أكراد بغداديون ولا اعتقد ان عربيا ليس له صديق كردي".

وتابع: "علينا أن نرد بقوة على كل من يثير هذه الفتنة وأن نقف بالضد منه مهما كانت مكانته ومنصبه" .

لا ثقة بالسياسيين

من جانبه، قال عباس فاضل شكر، طالب جامعي: "شاهدت في إحدى القنوات الفضائية تقريرا يتناول مخاوف الاكراد في بغداد من الانتقام أو ما شابه ذلك ، واستغربت ذلك لأنني أعرف العديد من الأكراد ولم يخبرني احد منهم انه تعرض الى تهديد او اسمعه أحد كلمة معينة وان الامور عادية جدا ولا اعرف من اين يأتون بهذه الافكار؟.

 وأضاف: "حتى إذا صرح بعض السياسيين بذلك فلا اعتقد ان عراقيا الان يثق بالسياسيين وكلامهم بعد ان افسدوا وسرقوا البلد، ومن المحتمل ان هؤلاء السياسيين يبحثون عن الشهرة من جديد قبل الانتخابات".

وتابع: "انا ارفض أي مساس بالأكراد وبغداد مدينتهم مثلما هي مدينة كل العراقيين".

جهلة وحاقدون

 فيما قال الصحافي علاء بلاسم: "منذ ايام وانا استطلع رأي الشارع البغدادي حول حقيقة ما سيحدث للاكراد في بغداد اذا ما اجرى اقليم كردستان الاستفتاء او أعلن الانفصال، وبصراحة لم المس أية كراهية من احد ضد الكرد المقيمين في العاصمة، بل وجدت رفضا كبيرا لاية معاملة سيئة قد تصدر من هنا او هناك مما اسماهم البعض بالجهلة والحاقدين".

واضاف: "لا اعتقد ان العرب سيتعرضون للاكراد او يهددونهم بالرحيل ، وان حدث فأعتقد انها ردة فعل فردية من بعض ضعاف النفوس الذين لا قيمة لهم في المجتمع العراقي، كما اعتقد ان العرب في بغداد سيدافعون عن الأكراد، علما أن جزءا كبيرا من الأكراد يقيمون في العاصمة منذ خمسينيات القرن الماضي".

اخواننا الاكراد

 اما الكاتب باسين الحسيني فقال: "اخواننا الاكراد في بغداد عاشوا معنا زمنا طويلا ومنهم من صاهرونا وصاهرناهم ، درسوا معنا وسكنوا احياء منذ زمن طويل ومنهم تجار وأصحاب محلات وفنادق ومطاعم، والبعض ولد وولد والده في بغداد ومنهم شعراء وأدباء وعلماء وأئمة مساجد وقراء قران".

وأضاف: "لماذا بعض المضايقات لهم، فليس لهم علاقة بالاستفتاء مطلقا فلا يغرنكم الذين يريدون بث الفتن ضد اخوتنا الاكراد في بغداد".

الأكراد في بغداد

يشير البعض ان نحو مليون ونصف المليون كردي يعيشون في مدينة بغداد.، ويؤكد البعض اعتمادا على مصادر تاريخية أن إقامة الاكراد في بغداد لم تحدث في عهد الدولة العراقية الحديثة بل إنها تعود الى العهد العباسي بل منذ ان بنيت المدينة من قبل الخليفة العباسي المنصور (145هـ/672هـ)حيث ان البنائين وعمال البناء الأكراد شاركوا في بنائها .

وكان في بغداد في القرن الحادي عشر حي باسم (محلة الأكراد) الواقعة في وسط العاصمة بغداد تمتد هذه المحلة من (باب الشيخ الى شارع شيخ عمر) وكان سكان هذه المناطق ذات الغالبية من الكرد، أما في شارع الكفاح ففيه محلة باسم (عكد الاكراد)ويقع في غرب وشمال غرب (عكد الاكراد) مسجد ومرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني وينتهي المحلة بالمسجد وموقعه مرتفع نوعا ما، وكان في بغداد حي آخر للأكراد الواقع في الطرف الشرقي من ساحة الميدان الواقعة عند وزارة الدفاع شرقا وكذلك في شرقي من باب المعظم ويطل بالدور السكنيه على شارع الجمهورية من الشمال الشرقي وليس بينه وبين الميدان سوى هذا الشارع ويسمى حتى الان ب(تبة الأكراد).

وتشير الاصول التاريخية لاسماء المحلات والعقود والمساجد للأكراد الذين سكنوا ضواحي العاصمة منذ مدة بعيدة فمحلة (تبه الاكراد) التي كانت تقع بين الميدان والبارودية والقراغول سميت بهذا الاسم لان سكانها من العوائل الكردية في منتصف القرن التاسع عشر ، وكانت محله تبة الاكراد جزءا من محلة (ايلان ديلي) وقد ضمت ايضا عكد باسم عكد الاكراد وكذلك محله (الدسابيل) التي كانت تقع بين محلتي رأس الساقية وقهوة شكر وكانت تسكنها عوائل من أكراد الفيليين كما كان فيها مسجد باسم (مسجد الدسابيل) محاها النظام السابق من على خريطة بغداد، كما توجد في بغداد(عكد أو دربونة) تمتد من شارع الفضل الواصل بين شارع الخلفاء ومحلة الفضل وهو قريب من (تبة الأكراد) يعرف (بدرونة الجلالي) نسبة الى الجلالية من القبائل الكردية القديمة