«إيلاف» من الجزائر: أثار قرار وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية الصادر نهاية الأسبوع في الجريدة الرسمية جدلاً جديداً في البلاد، بعد أن دعا مؤذنو المساجد إلى عدم الإفراط في رفع صوت الآذان، واعتبر رافضو هذا القانون الجديد أنه شبيه بما حدث في بعض الدول الغربية التي أمرت بخفض صوت النداء للصلاة .

بعد قرابة 5 أشهر من الانتظار، أفرجت الجزائر أخيرًا عن القرار الذي وعد به وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى في 16 إبريل الماضي بهدف تنظيم الآذان في البلاد وإنهاء "الفوضى" التي تعرفها بعض المساجد.

وطالب الوزارة في شهر رمضان الماضي مديرو الشؤون الدينية عبر الولايات بالعمل على مراقبة الأئمة المخالفين لوقت آذان المغرب الذي سيكون موحدًا وفقًا للرزنامة الوطنية.

10 مواد

وتضمن القرار الموقّع من طرف الوزير في 16 ابريل الماضي، 10 مواد حددت كيفية الآذان وصيغته في الجزائر.

وحددت المادة الثالثة منه أن يكون التكبير في بداية الآذان بالتثنية وليس رباعيًا مثلما يقوم بعض المؤذنين خاصة من يحسبون على التيار السلفي الذي صار أنصاره يشرفون على الصلاة في عدة مساجد، غير أن الوزارة بهذا القرار تريد أن تضبط النداء للصلاة وفق المذهب المالكي الذي تؤكد الحكومة في كل مرة أنه مذهب البلاد، التي يمثل المسلمون فيها أكثر من 99 بالمائة، حسب إحصاءات غير رسمية.

كما حدد القرار ذاته أن تذكر عبارة" قد قامت الصلاة" مرة واحدة في إقامة الصلاة بدل مرتين مثلما يحدث في بعض المساجد.

تحذير

وشددت المادة السابعة من القرار على ضرورة أن يراعى في الآذان "ضبط مكبرات الصوت في المسجد بشكل يحصل به السماع دون إفراط"، دون تحديد الدرجة التي يمكن أن توصف على أنها إفراط في رفع الصوت، لذلك جاء في المادة ذاتها أنه "يتم إعداد، بموجب مقرر يصدر عن وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بطاقة فنية تحدد على الخصوص الضوابط التقنية المتعلقة بجمالية الآذان وبمكبرات الصوت"

وجاء في المادة الثامنة أنه " لا يجوز رفع آذان صلاة الجمعة والصلوات الخمس قبل دخول الوقت الشرعي وفقاً للرزنامة الرسمية للمواقيت الشرعية المعدة من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف".

استهجان

لم يلقَ قرار ضبط صوت الآذان الترحيب من عدة أحزاب وجمعيات مهتمة بالنشاط الديني في الجزائر، وصنفته ضمن الحملة التي تستهدف مقومات الهوية الجزائرية بعد الحذف الذي طال البسملة في الكتاب المدرسي.

 وقال حسن عريبي النائب البرلماني عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء (تكتل أحزاب إسلامية) لـ"إيلاف"، إن ما قامت به وزارة الشؤون الدينية "سابقة غريبة وخطيرة".

 وأضاف أن الوزارة "خطفت كل الأضواء من رئيس الحكومة الصهيونية عندما أقدم على منع مكبرات الصوت في الآذان، وسارت وزارتنا المبجلة على خطاه، حيث قامت بإصدار تعليمة تدعو فيها أئمة المساجد إلى عدم الإفراط في رفع الصوت بالآذان، وهي حقا تعليمة مريبة مشبوهة تطرح أكثر من سؤال حول خلفياتها وعواقبها".

وأردف قائلا "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن على ما آلت إليه وزارة الشؤون الدينية التي لا ندري ما أصابها اليوم، فتزامنًا مع التفنن في سلخ المنظومة التربوية من كل قيمها وموروثها الحضاري، ها هي وزارة الأديان تعضدها وتشاركها السباق المحموم لاغتيال وظيفة المساجد، فإن كانت القلة القليلة من تاركي الصلاة عبر التاريخ منبوذة في المجتمع تستحي من حالها وتشعر بالخجل عند سماع الآذان، ها هي الوزارة ترفع الحرج عن هذه القلة وتصدر تعليمة لأئمة المساجد لضبط مكبرات الأصوات حتى لا تتأذى مشاعر تاركي الصلاة فيا لنكسة وخيبة هذه الوزارة".

وبحسب عريبي، فإننا " كنا ننتظر من الوزارة الأمر برفع مستوى آذانهم وتزيينه بأصواتهم وتحسين خطبهم لتكون مشوقة للمصلين لا أن يأخذ على عاتقها نقض عرى الإسلام عروة عروة، فما هذه الرحمة والشفقة على تاركي الصلاة ورواد المواخر والبارات والحانات الذين يشوش الآذان تركيزهم مع الرذيلة ويعكر عليهم نشوتهم؟".

بصمة جزائرية

لكن الوزير محمد عيسى يرفض هذه الاتهامات، وأكد في تصريحات سابقة أن "القرار الوزاري ينظم للمرة الاولى الآذان في الجزائر وفق السنة النبوية والشريعة الإسلامية ومختلف الطبوع الوطنية". 

وقال عيسى "إن هناك جهوداً بذلت وتبذل لرسم علامة مميزة للآذان في الجزائر على غرار الدول الإسلامية".

ودعا عيسى المؤذنين إلى الحفاظ على "الآذان والعمل بإخلاص، وان يكون المؤذن دقيقاً عند دخول وقت الصلاة وتجميل صوته ما استطاع بلا تمطيط ولا مبالغة".