تحت شعار"رعاية مسن.. سكن طالب"، أطلق لبيب المسعدي، رئيس جمعية "معًا لفك العزلة عن المسنين" مبادرة إنسانية، تجمع ما بين التخفيف على المسنّات مما يعشنه من عزلة لأسباب اجتماعية وعائلية، و المساهمة في حل مشكلة السكن لفائدة الطلبة، والتي تحول في الغالب دون إمكانية متابعتهم لمسيرتهم الدراسية.

إيلاف من الرباط: تتمثل المبادرة في ترحيب الشخص المسنّ مجانًا في منزله بالطالب الذي سيضمن له وجودًا آمنًا كفرد جديد في العائلة، مع احترام خصوصيات الضيف والمضيف، تحت شروط يتفق عليها الطرفان، موثقة بعقد مشترك، وبتأطير من جمعية "معًا لفك العزلة عن المسنين" التي تقوم بزيارات مستدامة للوقوف على سيرورة التعايش بين الجيلين.

نقل التجربة
وقال لبيب المسعدي في اتصال مع"إيلاف المغرب" إن السكن بين الأجيال" تقليد لما يحصل في دول أوروبية منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وهي تجربة ناجحة حاولنا استيرادها من الغرب بغية تطبيقها في المغرب، لتكون سابقة من نوعها على الصعيد الوطني، بالنظر إلى الآثار السلبية للعزلة والإقصاء الذي يعيشه المسنون، والذي يساهم بشكل كبير في انهيار سريع لهذه الفئة الاجتماعية، فضلًا عمّا تطرح إشكالية العزوف عن الدراسة بالنسبة إلى الطلبة القاطنين في مناطق بعيدة أو المنحدرين من العالم القروي، لأسباب اقتصادية تهمّ التكاليف المادية الخاصة بالدراسة وغلاء سومة الكراء، وأخرى اجتماعية تشمل تخوف الأهل، خاصة حينما يتعلق الأمر بتنقل الفتيات للسكن في المدن الكبرى، ليجدن أنفسهن مجبرات على ترك الدراسة، ومن هذا المنطلق، جاءت الفكرة الرامية إلى تغيير هذه المعتقدات والمبادئ الرجعية".

 لبيب المسعدي الفاعل الجمعوي

حول الطرق المتبعة من أجل تنفيذ المبادرة، يضيف رئيس الجمعية قائلًا "نحن جمعية صغيرة حديثة النشأة، لا نتوافر على كل الوسائل المادية والتقنية، نهدف بشكل أساسي إلى التوعية بالفكرة في مجملها، عن طريق تقنينها ونطمح للتعاون مع الوزارة الوصية على القطاع والمؤسسات العاملة في الميدان من أجل المضي قدمًا في هذا المسار التضامني".

مشاريع وإكراهات
بخصوص المشاريع المستقبلية بعد حملة "آمري يا الوالدة"، و"السكن بين الأجيال"، أفاد المسعدي بوجود شراكات، أبرزها القيام بمشروع في أفق السنة المقبلة مع جمعية كاتالونية إسبانية، تشمل متطوعين من مختلف الميادين، وهو التعاون الذي تكلل بزيارة منطقة أغبالا (جهة بني ملال خنيفرة) من أجل التوعية بضرورة رعاية المسنين بالمغرب، فضلًا عن شراكات تشمل الميدان البيئي، وتهم كخطوة أولى تزيين أحد الأحياء السكنية في مدينة القصر الكبير (شمال المغرب)، عن طريق رسم جداريات تقارب موضوع المسنين.

بشأن وجود صعوبات تهمّ العمل الجمعوي بالمغرب، يضيف المسعدي بالقول: "هناك من لا يقدر قيمته فعليًا، خاصة أنه أصبح مصدر رزق للبعض مع الأسف، والمغاربة أصبحوا لا يثقون في العمل الجمعوي عمومًا، وهو ما نلمسه من خلال وعود كاذبة نتلقاها، إضافة إلى استغلاله بشكل سياسي من طرف المجالس المحلية".

جدير بالذكر أن حملة "آمري يا الوالدة" التي أطلقها المسعدي قبل أشهر تروم التخفيف عن الأمهات والنساء المغربيات اللواتي يعشن بمفردهن حالة من الوحدة والعزلة، بسبب عوامل كثيرة، منها وفاة الأزواج، وبعد الأقارب عنهن، ليجدن أنفسهن وحيدات من دون مؤنس أو من يسأل عن أحوالهن.

"السكن بين الأجيال" ... مبادرة أخرى لكسر عزلة المسنين

تمر المبادرة عبر نهج طرق مختلفة، تتمثل في تنظيم حفلات شاي للتعارف مع النساء المستفيدات، وكذا خلق جسر التواصل بين بعضهن البعض؛ ومن ثم يسهل على المتطوعين الاشتغال معهن بطريقة جماعية وفي جو عائلي مرح، فضلًا عن الاستعانة بخبراء التنمية البشرية لتدارس وضعيات هؤلاء الأمهات ومساعدتهن على تخطي أزماتهن النفسية، وإعادة إدماجهن لاستعادتهن نشاطهن وثقتهن بأنفسهن، وتتميز بتنظيم أنشطة مختلفة ومبسطة، تحترم سنهن ومستواهن الدراسي، سواء في فضاء المنزل أو خارجه...أنشطة ذات طابع ترفيهي، ثقافي، ديني، رياضي... في إطار أندية متنوعة (طبخ، خياطة، ديكور، محاربة الأمية...) تهدف إلى إعادة الثقة إلى هؤلاء النساء عن طريق تعزيز تجاربهن وإعطائهن فرصًا لاكتشاف أخرى جديدة.