الرباط: دعا ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، دول حركة عدم الإنحياز إلى المزيد من تكثيف الجهود من أجل بلوغ "الأهداف النبيلة المشتركة التي سطرتها حركة دول عدم الانحياز في مختلف قممها واجتماعاتها”.

وقال بوريطة، في كلمة القاها الخميس أمام الاجتماع الوزاري لمكتب التنسيق لحركة دول عدم الانحياز، الذي انعقد ضمن الاجتماعات الرفيعة المستوى على هامش الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "اعتقاد المملكة المغربية الراسخ أن مسعى تكريس حركتنا كفاعل رئيسي في المجتمع الدولي، لا يمكن ان يتحقق إلا عبر التزام أعضائها فيما بينهم بالمبادئ الشاملة التي أسست من اجلها، ومن خلال التفعيل الحقيقي لكل الأهداف النبيلة المشتركة التي سطرتها مختلف قممها واجتماعاتها، والتي تتطلب المزيد من تكثيف الجهود لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي يشهدها عالم اليوم".

وشدد الوزير على أن المغرب عمل على جعل احترام مبادئ حركة دول عدم الانحياز في صدارة القواعد المؤسسة لسياسته الخارجية، منتهجا في ذلك سبيل التعاون والتكافل لرفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تعرقل التنمية الشاملة.

وقال إن المغرب، وعملا بهذه المبادئ، حرص على لعب دور بناء ومسؤول لدعم وتيسير مسار المصالحة السياسية الوطنية وتعزيز القدرات الذاتية خصوصا في عدد من دول الجوار الافريقي، كما انخرط باستمرار وبكل مسؤولية في بناء وتعزيز شراكة من اجل تنمية متضامنة، تجعل النهوض بالتنمية البشرية وتحقيق أهداف الالفية محورا لعلاقات شراكاتها.

وحول الإشكالية التي ناقشها الإجتماع، والتي تمحورت حول موضوع "إصدار وتطبيق التدابير القسرية الأحادية الجانب، في انتهاك للقانون الدولي ولحقوق الانسان للشعوب المفروضة عليهم"، أكد بوريطة أنه "لا سلم دون احترام استقلال وسيادة الدول على أراضيها، ولا تنمية من دون تضامن فعلي من اجل ازدهار شعوب حركتنا"، مشيرا إلى أن "قناعة المملكة المغربية ما فتئت تتعزز حول اهمية العلاقات المترابطة ما بين احترام القانون الدولي واحترام الحريات الأساسية للإنسان واحترام خيارات الشعوب الدستورية والمصيرية، من جهة، وما بين السلم والتضامن من اجل تحقيق التنمية من جهة أخرى".

في موضوع اخر، ترأس بوريطة ونظيره الهولندي الاجتماع الوزاري الثامن للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الأربعاء بنيويورك. وأعاد المنتدى انتخاب المغرب وهولندا لرئاسته لولاية ثانية حتى 2020 ، مع اقتراب انتهاء الولاية الحالية مع نهاية العام ، والتي خلفا فيها أميركا وتركيا على رأس المنظمة الأممية.

ومن بين القرارات التي اتخذها هذا الاجتماع ، إطلاق سلسلة من المبادرات في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، بينها مبادرة يقودها المغرب والولايات المتحدة بشأن معاملة المتطرفين العنيفين المحليين.

وتروم هذه المبادرة التصدي للتهديد المتزايد الذي يشكله المتطرفون المحليون الموالون لتنظيم "داعش" ، وكذا المرتبطون بالحركات الإرهابية، وذلك من خلال استكشاف سبل جديدة تمكن الأطراف المعنية من معالجة هذه المشكلة بطريقة منسقة.

فضلا عن ذلك، قررت الدول الأعضاء إعادة هيكلة عمل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ليتركز أكثر حول تبادل الخبرات وتفعيل أفضل الممارسات والتبادل بين البلدان.

وفي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أشار بوريطة إلى أن المغرب "التزم بصدق بتعهداته المتعددة الأطراف، وانخرط بروح بناءة لإيجاد الأجوبة المناسبة لقضايا شاملة مطروحة بحدة على المجتمع الدولي. وما تقلده لثلاث مسؤوليات مهمة مرتبطة بقضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، والهجرة، والتغيرات المناخية ، الا تجسيدا للثقة التي يحظى بها لدى المنتظم الدولي وشركائه على السواء. وقد اعتمدت مقاربة المغرب على ملاءمة الأولويات الوطنية مع أجندة الأمم المتحدة، علاوة على الالتزام بتقاسم التجارب والخبرات مع شركائه الأفارقة". 

وأضاف بوريطة أن المغرب، بصفته رئيسا للمنتدى إلى جانب هولندا، يساهم بشكل فعال في تعزيز التعاون الدولي والإقليمي بما يحد من آثار التهديدات الإرهابية. وقال "في هذا الإطار كان المغرب من الدول الأوائل التي دعمت اقتراح الأمين العام احداث مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب برئاسة أمين عام مساعد ، ويتطلع المغرب الى تعزيز التعاون مع المكتب الجديد. كما نؤيد دعوة السيد غوتيريس (انطونيو) لتنظيم أول اجتماع لرؤساء الأجهزة الوطنية المكلفة مكافحة الإرهاب، ونتطلع للمساهمة الإيجابية لإنجاح هذه المبادرة". 

واشار إلى أن المغرب يعمل "على تقاسم تجربته في مجال محاربة الإرهاب والتطرف مع شركائه وأشقائه الأفارقة، عبر تبادل المعلومات والخبرات، وبرامج التكوين الديني الذي يرتكز على اعتماد قيم التسامح والوسطية والاعتدال ونبذ كل أشكال ومظاهر العنف والتطرف".

على صعيد اخر ، انتقد بوريطة في كلمته امام الدورة 72للجمعية العامة للأمم المتحدة ، النظرة الدونية للقارة الإفريقية، وقال "لم يعد مقبولا الاستمرار في النظر إلى إفريقيا على أنها عبء على المنتظم الدولي. وفي الواقع نحن الأفارقة مقتنعون أن قارتنا لم يسبق لها أن كانت كذلك"، مشيرا إلى أن "بعض المفاهيم المغلوطة أصدرت في حقها هذا الحكم الجائر". وأضاف أنه "آن الأوان لرفع هذا الجور عنها".

وأشار بوريطة إلى "أن إفريقيا لم تأخذ، وإلى اليوم، مكانتها المناسبة في أجندة العمل متعدد الأطراف". وقال "إن إفريقيا تمثل اليوم فرصة واعدة بفضل ما تزخر به من موارد وإمكانيات طبيعية وبشرية تؤهلها لتصبح قطبا لخلق الثروة، وجلب الاستثمارات، ودفع عجلة الاقتصاد العالمي".

وتحدث بوريطة عن النموذج المغربي للعلاقات جنوب - جنوب، والذي يقوم على أساس مقاربة واقعية تروم تطوير شراكات مبتكرة ومثمرة، فعالة ومنفتحة، مسخرا لذلك وسائل بشرية ومادية ومعرفية وتقنية مهمة لمواكبة جهود البلدان الإفريقية في بناء اقتصادات متينة. وقال "فنحن لا نعتبر افريقيا سوقا لبيع وترويج المنتوجات (المغربية)، أو مجالا للربح السريع، وانما هي فضاء للعمل المشترك، من أجل تنمية المنطقة وخدمة المواطن الافريقي". مشيرا إلى أن المغرب عمل، بناء على هذه الرؤية، "على إطلاق مشاريع مهيكلة للتعاون والشراكة مع العديد من الدول الإفريقية، بهدف دعم النمو والاندماج الاقتصادي وخلق الثروة وفرص الشغل وضمان الأمن الغذائي، وتعزيز التنمية البشرية، حيث أصبح أول مستثمر إفريقي بإفريقيا الغربية وثاني مستثمر في القارة بأكملها". 

وبخصوص قضية الصحراء ، قال بوريطة إنه "إذا كان المنتظم الدولي يشجع على حل سياسي مبني على التوافق والواقعية، وإذا كانت المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحظى بدعم متزايد من طرف المجموعة الدولية كمقترح جدي وواقعي وذا مصداقية، فإنه يتعين على الأطراف الأخرى في هذا الخلاف الإقليمي أن تتحمل مسؤوليتها، وتتخلى عن ازدواجية الخطاب، وتنخرط بجدية وروح بناءة في المسلسل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة". ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على الجزائر من أجل إحصاء سكان مخيمات تندوف.