كشفت وثائق أميركية سرية، أن قطر لعبت دورًا خطيرًا تعميق الانقسام الفلسطيني، وقادت مؤامرة لإفساد الجهود المصرية في سبيل المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس".

إيلاف من القاهرة: كشف موقع "ويكيليكس" عن وثائق سرية، كتبها دبلوماسيون أميركيون، قالوا فيها إن قطر لعبت دورًا خطيرًا في تعزيز الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وإفساد الدور المصري في المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس".

وحسب الوثاق التي كتبها دبلوماسيون أميركيون، فإن "قطر أسهمت في ذلك من خلال الدفاع عن حكم حماس، مرورا بوقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية بدءا من تاريخ سيطرة الحركة على غزة أواسط عام 2007، والمطالبة بإشراكها في مفاوضات السلام مع إسرائيل، وصولا إلى كشف وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2011، عن أن قطر رفعت مساعداتها لحماس إلى 115 مليون دولار".

وتكشف الوثائق التي نشرتها بوابة "العين" الإماراتية بالتنسيق مع موقع ويكيليكس"، أن كبار المسؤولين الفلسطينيين وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات اشتكوا في لقاءات مع سياسيين وبرلمانيين أمريكيين من أن قطر تدعم حماس بفاعلية من أجل تعزيز سيطرتها على غزة.

وتشير الوثائق إلى أن قطر عملت على محاولة تخريب الجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية، من خلال الزعم تارة، بأن حماس لا تثق بالقاهرة وأن الأخيرة غير جديرة بجهود الوساطة، تارة أخرى.

ولعب ولي العهد القطري آنذاك الأمير تميم بن حمد، دورًا واضحًا في دعم حماس، وتشجيعها على التمرد والانشقاق، وتخريب الدور المصري في المصالحة، وطلب تميم من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ويلش منح الحركة فرصة.

احباط

وكشفت برقية سرية كتبها السفير الأميركي الأسبق في الدوحة شيس أنترمير في 6 يونيو 2006، أن الأمير تميم، قال له حرفيًا: "الفلسطينيين يواجهون انقسامات داخلية خطيرة الآن.. ننصح بإعطاء حماس فرصة لأنها حكومة الآن، وليست حزبا، والطريقة الوحيدة للسلام هي من خلالهم.. ينبغي على حماس أن تعمل مع فتح - على الأقل علنا".

وأضافت البرقية: "قال الشيخ تميم إن قطر لن يكون لديها أي اعتراض إذا ما قررت جامعة الدول العربية استخدام تبرعها البالغ 50 مليون دولار من خلال الآلية الدولية المقترحة".

وفي وثيقة أخرى يكشف السفير الأميركي الأسبق جوزيف لابارون عن أنه حاول الطلب من وزير الشؤون الخارجية القطري أحمد آل محمود في 2 فبراير 2009 تقديم المساعدات إلى السلطة الفلسطينية وليس حماس، إلا أن محاولته باءت بالفشل.

وكتب لابارون في برقية سرية أخرى: "ضغط السفير على قطر لإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة من خلال السلطة الفلسطينية، وليس حماس".

ونقل لا بارون عن آل محمود قوله "من المهم، من وجهة نظر قطر، إشراك حماس بتوقيع إتفاق سلام مع إسرائيل، إن عزل حماس هو خطأ لن يسهم في تحقيق ذلك".

وفي برقية سرية كتبها القائم بأعمال السفير الأميركي في الدوحة مايكل راتني جاء فيها: "لم ترسل قطر أية أموال من خلال قنوات الجامعة العربية منذ يونيو 2007، ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستمول حكومة قطر رواتب الحكومة في ظل استمرار النزاع بين حماس والسلطة الفلسطينية".

وأضاف راتني في البرقية المؤرخة في الخامس عشر من أبريل 2008، أعرب كبار المسؤولين القطريين عن إحباطهم من أن اللجنة الرباعية شجعت الانتخابات الفلسطينية ثم أحبطت الاتصالات الدولية مع حماس بعد فوزها في الانتخابات وتشكيلها الحكومة".

اتصلات سرية وعلنية

وجاء ذلك في وقت أشارت فيه البرقية إلى أن "قطر حافظت على اتصالات سرية وعلنية مع إسرائيل"، في إشارة إلى زيارة وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، إلى قطر في 13 و14 من الشهر نفسه.

وتابع راتني "ألمح رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية (حمد بن جاسم) بشكل غير مباشر في اجتماعات خاصة، أن حكومة قطر ساعدت في بعض الأحيان أجهزة الأمن الإسرائيلية، وليس لدى قطر ترتيبات أمنية معروفة مع السلطة الفلسطينية، كما أنها لا توفر للسلطة الفلسطينية أي مساعدة أمنية. وقد اتهمت قطر منذ فترة طويلة (خصوصاً من قبل الأردن والسلطة) بتوفير الأموال لـ(حماس)".

وفي برقية سرية أخرى يوم 10 ديسمبر 2007، كتب القنصل الأميركي العام في القدس، جاكوب والاس، عن نتائج لقاء الرئيس عباس مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، في رام الله "(حماس) تتمكن من البقاء، أساساً، بسبب التمويل القطري".

فيما اشتكى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الدعم القطري الفاعل لحركة حماس؛ وكشفت برقية سرية كتبها والاس في 26 فبراير 2009، عن لقاء الأول بعدد من أعضاء الكونغرس الأميركي، في رام الله.

وجاء في نص البرقية أن عريقات "أعرب عن غضبه بشكل خاص نحو قطر، لدعمها السياسي والمالي الأخير لحركة حماس. وفي إشارة منه إلى تقارير عن "اجتماع في الدوحة" للتخطيط لـ"منظمة تحرير فلسطينية جديدة".

وتساءل عريقات: "ماذا تفعل قطر؟"، معربًا عن سخطه لدور الدوحة المزدوج كقاعدة أميركية، وكذلك كمكتب سياسي لجماعة "لإخوان المسلمين".

ومن جانبه، كشف مايكل راتني في برقية سرية في السادس أبريل 2008، عن أن ديفيد ويلش طلب من رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم، تقديم المساعدة المالية إلى السلطة الفلسطينية، من خلال جامعة الدول العربية. واستطرد راتني في البرقية "قال حمد بن جاسم، إن قطر لن تقدم أي مساعدات مالية إضافية في الوقت الحالي".

 وتابع: "58% من ميزانية السلطة الفلسطينية تذهب إلى قطاع غزة، وأن رئيس الوزراء سلام فياض لا يملك المال الكافي لدفع رواتب موظفي السلطة".

ولكن حمد بن جاسم ربط تقديم المساعدات بشراكة سياسية بين قطر والولايات المتحدة، فرد ويلش قائلاً: "إن مساعدة الفلسطينيين هي مساعدة لهم أكثر من كونها مساعدة للولايات المتحدة".

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قال الأسبوع الماضي، أن هناك أدلة ووثائق تدين الدوحة وتكشف عن تدخلها "لإشعال الفتنة بين السلطة الفلسطينية وحماس".