برلين: تواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي فازت بولاية رابعة تحديات عالمية معقدة في عالم مضطرب، وذلك بعد أن خرجت ضعيفة من الانتخابات التشريعية الألمانية.

يعتبر جان دومينيك جولياني، رئيس مؤسسة "شومان" المتخصصة في الدراسات والأبحاث الأوروبية، أن "المهمة لن تكون سهلة في بلد لا يحب مواطنوه التغيير وحيث تبقى القناعة والثقة في القوانين، حتى عندما تصبح متخلفة، عقيدة وطنية".

وفي ما يلي ابرز التحديات امام ميركل:

أوروبا: توترات مرتقبة 

لا تشكل نتائج الانتخابات الألمانية نبأ سارا بالنسبة الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومشاريعه لاعادة اطلاق أوروبا، التي سيقدمها الثلاثاء، مع تنامي الأحزاب الألمانية المشككة بأوروبا. وكانت ميركل اعلنت انها مستعدة لخوض النقاش في هذا الموضوع، إلا أنها متحفظة في الأساس مع حزبها على فكرة الاتحاد الاوروبي على مستويات عدة وفي ما يخصّ بعض الاقتراحات المتعلقة بمنطقة اليورو، مثل إنشاء ميزانية أوروبية.

وتخشى ألمانيا أن يكون عليها تمويل دول أخرى عن طريق هذه العملية. ويبدو النقاش أصعب الآن في ألمانيا بعد أن أعلن الاشتراكيون الديموقراطيون المؤيدون لأوروبا، أنهم لن يشاركوا في الحكومة الألمانية المقبلة.

ولم يبق أمام المستشارة إلا خيار تحالف يضمّ الليبراليين المعارضين لمشاريع الرئيس الفرنسي. وصرّح رئيس الحزب الليبرالي كرستيان ليندنر مساء الأحد "لا نريد ميزانيات جديدة لتحويلات مالية إلى أوروبا".

وبالإضافة إلى ذلك، سيكون على ميركل أن تأخذ بالاعتبار التنامي غير المسبوق لليمين القومي الألماني، المعارض لمنطقة اليورو، خلال الانتخابات.

بوتين: أية سياسية؟ 

بقيت ميركل حتى الآن منغلقة تجاه روسيا في ما يخص الأزمة الاوكرانية، داعية إلى الإبقاء على العقوبات. لكنها ستواجه الآن مجلس نواب نادرا ما كان "مواليا لروسيا" الى هذا الحدّ.

ويدعو الاتحاد المسيحي الديموقراطي والبيئيون فقط من بين سبعة أحزاب ممثلة في مجلس النواب، الى التشدد في موضوع روسيا. فيما كل الأحزاب الأخرى، من اليمين القومي الى اليسار الراديكالي مرورا بالحزب الاشتراكي الديموقراطي والليبراليين أو حتى الاتحاد المسيحي الاجتماعي، وهو فرع الاتحاد المسيحي الديموقراطي (حزب ميركل) في ولاية بافاريا، تسعى إلى توافق مع موسكو.

ومهما كان مستقبل التحالف، ستكون الضغوط على ميركل حقيقية.

فقد طالب الليبراليون في الحزب الديموقراطي الحرّ بالاعتراف باعادة ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا وبرفع العقوبات جزئيا عنها.

ترمب: توترات كثيرة 

كتبت صحيفة "بيلد" الألمانية أن "مع هذين الإثنين (ميركل وترمب)، تبدو انطلاقة العلاقات الجديدة صعبة". من مزاجهما إلى خلافاتهما الجوهرية حول المناخ مرورا بالتبادل الحرّ والمهاجرين وصولا إلى الملف النووي الايراني، كل شيء يبدو خلافيا.

وشكل موضوع كوريا الشمالية في الآونة الأخيرة نزاعا بين ألمانيا والولايات المتحدة. اذ قالت ميركل "هناك خلاف واضح على هذه النقطة مع الرئيس الأميركي" وتهديداته بالخيارات العسكرية.

وينتظر ترمب في السنوات القادمة أن ترفع ألمانيا بشكل واضح نفقاتها العسكرية لتبلغ المستوى الذي حدده حلف شمال الأطلسي بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي حال شُكل تحالف ثلاثي مع الليبرالي والخضر، سيدعم الأول محافظو المستشارة في هذا المجال على عكس البيئيين.

أوروبا الشرقية وتركيا: الخروج من النزاع 

لطالما كانت أوروبا الشرقية "الساحة الخلفية" التقليدية لمنطقة النفوذ الألماني. إلا أنها أصبحت حقل ألغام بالنسبة إلى برلين. اذ ان غالبية الدول، بدءا من بولندا والمجر ترفض المشاركة في استقبال اللاجئين في أوروبا، إلى جانب ألمانيا.

وقالت المستشارة الألمانية "يجب أن يعرف أولئك الذين يرفضون التضامن أن الأمر لن يبقى من دون تداعيات، بما في ذلك المفاوضات على مساعدات" الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا الإطار، استحضرت بولندا طلبات اصلاح من الحرب العالمية الثانية. ولم يسبق أن كانت العلاقات الثنائية بين برلين وجارتها سيئة إلى هذا الحدّ، منذ انتهاء الحرب الباردة.

ولا يزال الاتفاق حول المهاجرين الموقع بين ميركل وتركيا قائما. إلا أن العلاقات بين الشريكين في حلف الأطلسي تشهد صراعا مستمرا منذ سنتين تقريبا. وزاد إطار الحملة الانتخابية التشنجات حول المواقف، إلا أن المرحلة القادمة قد تساعد في تخفيف حدة التوتر.