«إيلاف» من برلين: يمنح العلماء السويسريون من جامعة زيورخ الأمل إلى نسبة 20-30 من الأوروبيين الذين يعانون من تشحم الكبد. وعبّر العلماء عن أملهم ان يقود اكتشاف البروتين المسؤول عن عملية تجدد خلايا الكبد إلى العثور على طريقة لتعزيز عملية تجدد خلايا الكبد المريض.

إذ يعتبر الكبد من أكثر أعضاء الجسم حيوية، ولديه قدرة على تجديد نفسه، ويبقى جزء صغير سليم من الكبد كافياً لمعيشة إنسان ذي كبد متشحم، كما يكفي زرع فص واحد من الكبد لانقاذ حياة إنسان بحاجة إلى استبدال كبده المتليف. ويبحث العلماء منذ عقود عن طريقة لتعزيز هذه القدرة المتميزة للكبد على تجديد خلاياه.

وذكرت الباحثة زابينه فيرنر، استاذة مادة بيولوجيا الخلية في جامعة زيورخ، انهم عثروا على البروتين المسؤول عن عملية تجديد خلايا الكبد. وأضافت البروفيسورة انهم عثروا على بروتين"نيد4-1 في معرض كشف وتصنيف أكثر من 2500 نوع من البروتينات الكبدية المستخلصة من الخلايا في أكباد الفئران. 

واضاف زميلها يان أولريش، المتخصص بعلم البروتينات، انهم ركزوا في بحثهم على البروتينات التي تلعب الدور الأساسي في عملية إعادة تجديد خلايا الكبد، التي تبدأ في الـ24 ساعة الاولى التي تلي تعرض الكبد إلى ضرر ما. وأكد الريش أنهم لم يهملوا في بحثهم البروتينات التي تظهر مجدداً بعد استئصال جزء من الكبد جراحياً بسبب مرض ما، ولا الأكباد المصابة بمختلف الأمراض.

توقفت عملية تجديد الكبد بدونه

وثبت في التجارب المختبرية اللاحقة على الفئران أن بروتين"نيد4-1" هو العامل الرئيسي في عملية تجدد خلايا الكبد.

وواقع الحال، ان هذا البروتين معروف لدى باحثي جامعة زيورخ كبروتين يعمل عمل الانزيم لتحفيز بروتين آخر يطلق عليه اسم يوبوكتين في الكبد. لكن الباحثة فيرنر تقول إنه اثار فضولهم وجوده بكثرة في الكبد بعد تعرض الكبد إلى اضرار.

وتضيف فيرنر انهم استخدموا طريقة "الضربة القاضية" للكشف عن دور"نيد4-1" في عملية تجديد الكبد. وتعني هذه الطريقة انهم كبحوا عمل هذا البروتين في أكباد الفئران المتضررة وغير المتضررة باستخدام حمض نووي تدخلي صغير يسميه العلم(siRNA).

وكانت النتيجة ان أكباد الفئران عجزت تقريباً عن تجديد نفسها. كما أظهرت أكباد الفئران، التي قطعت أجزاء منها، عدم القدرة عل تجديد نفسها كما تفعل الأكباد الطبيعية. وهذا يثبت الدور الذي يضطلع به هذا البروتين في عملية التجدد.

وبعد فترة من التجربة، توقفت أكباد الفئران عن العمل تماماً واضطر العلماء إلى انهاء حياتها. هذا في حين ان خلايا أكباد الفئران غير المتضررة لم تتأثر كثيراً بـ"الضربة القاضية" بواسطة siRNA.

حفّز عوامل النمو في خلايا الكبد

وتحت المجهر البيولوجي تعرف فريق العمل أيضاً على الطريقة التي يعمل فيها بروتين"نيد4-1". فالمعروف هو ان الدم يفرز الكثير من عوامل النمو في خلايا الكبد المتضررة، واتضح الآن للعلماء ان هذه العوامل تصل إلى الخلايا بدورها عبر مستقبلات عصبية معينة على جدران الخلايا.

أثبت العلماء ان"نيد4-1" يحفز جزئية معينة في هذه المستقبلات من خلال اتحاده مع بروتين "يوبوكتين"، وتسهل هذه الجزيئة مرور عوامل النمو إلى الخلية، وتحفز بذلك عملية انقسام وتجديد الخلايا الكبدية. ويقول اولريش بفخر إن فريق العمل تمكن من مشاهدة هذه العملية الحيوية تحت المجهر لأول مرة.

تحفيز وكبح تجدد الخلايا الكبدية

ويرى اولريش في هذا الاكتشاف أملاً بالتوصل إلى عقاقير تجارية يمكن أن تحفز نمو خلايا الكبد أو أن توقفها عن الضرورة. إذ يمكن في المستقبل تحفيز بروتين"نيد4-1" بهدف تعزيز نمو الأكباد المتضررة بسبب الاستئصال أو الأضرار أو المرض، أو كبح جماحه في أورام الكبد السرطانية بهدف وقف نمو هذه السرطانيات.

من ناحيتهـا، قالت البروفيسورة فيرنر انها تعتبر هذا الكشف نتيجة أولية فقط. إذ ينبغي عند تحفيز خلايا الكبد على التجدد والنمو مراعاة ان فرط الانقسام والتجدد قد يؤدي نفسه إلى نمو سرطاني. وأشارت فيرنر إلى دراسات سابقة لها لاحظت فيها كثرة بروتين"نيد4-1" في خلايا الكبد السرطانية. واستنتجت الباحثة من ذلك ان فرط استخدم البروتين في تحفيز عملية تجدد الخلايا قد يكون ضاراً مثل نقصانه.

وأكدت الباحثة السويسرية ان دور بروتين"نيد4-1" في كبد البشر لايختلف عن دوره في كبد الفئران، وانها بحاجة إلى أبحاث أخرى بهدف التحكم بطريقة عمل البروتين دون التسبب بأمراض خطيرة للإنسان.