بسبب خطأ أحد الجواسيس، انكشفت عملية قرصنة واسعة النطاق على هواتف أندرويد كان ينفذها الأمن العام اللبناني المقرب من حزب الله، مستهدفًا الآلاف.

إيلاف من بيروت: كشف تقرير نشر الخميس عملية اختراق كبرى تأكدت صلتها بواحد من أقوى أجهزة الامن في لبنان، بعدما انكشف أمرها بسبب إهمال جواسيس مئات البيانات المعروضة على الإنترنت المفتوح.

صيد ثمين

بحسب تقرير نشرته "واشنطن بوست" الأميركية، قالت شركة "لوك أوت" الأمنية وشركة "إلكترونيك فرونتيه فونداشين" للحقوق الرقمية، إن ما يقرب من نصف مليون رسالة نصية تم اعتراضها قد تركها بشكل علني على الانترنت قراصنة مرتبطون بالمديرية العامة للأمن العام في لبنان، وهو الجهاز الأمني اللبناني القوي الذي يتحكم به حزب الله.

وصف مايك موراي، رئيس جهاز الاستخبارات في لوك أوت، الأمر بالسرقة، "وكأنهم لصوص سرقوا المصرف ونسوا إقفال الباب، حيث خزنوا المال المسروق". وقال مايكل فلوسمان، وهو باحث أمني في لوك أوت، إن الصيد المتروك يضم صورًا من الميادين السورية ومحادثات هاتفية خاصة وكلمات سر وصورًا من حفلات عيد ميلاد أطفال.

ما يميز تقرير لوك أوت وإلكترونيك فرونتيه فونداشين المشترك، وهو بعنوان "دارك كاراكال"، هو حجم البيانات المكتشف، وما يشيعه عن الحملات الإستخبارية في الشرق الأوسط، وعن عاملين أمنيين متورطين فيها.

وقال التقرير إن الأمن العام اللبناني استطاع تحويل الهواتف الذكية الخاصة بآلاف الأشخاص المستهدفين إلى أجهزة تجسس عبر الانترنت، في سابقة من نوعها أسفرت عن أول اختراق واسع النطاق تقوم به دولة لهواتف ذكية بدلًا من أجهزة الكمبيوتر.

واي فاي وبروتوكولات

حصل ذلك في هجمات أحكم الأمن العام اللبناني من خلالها على هواتف أندرويد ذكية، سمحت لقراصنة مرتبطين به بتحويلها إلى أجهزة لمراقبة الضحايا وسرقة البيانات منها من دون الكشف عن ذلك.

أضاف التقرير أن الأجهزة المشتبه فيها كانت متصلة بشبكة "واي فاي" ناشطة عند تقاطع شارعي بيار الجميل طريق الشام في بيروت، حيث يقع مقر المديرية العامة للأمن العام اللبناني.

وبحسب واشنطن بوست، تمكنت وكالة أسوشيتدبرس من التحقق من هذا الأمر، جزئيًا على الأقل، إذ ارسلت مراسلا لها الى المنطقة المحيطة بمبنى الأمن العام الواقع تحت حراسة مشددة ليتأكد أن شبكة "واي فاي" نفسها ما زالت تبث هناك.

كما قال التقرير إن عناوين بروتوكول الإنترنت في الهواتف المشتبه فيها تعود إلى منطقة جنوب المبنى نفسه، مؤكدًا أن المديرية العامة للأمن العام في لبنان أدارت نحو عشر حملات قرصنة معلوماتية منذ عام 2012، تستهدف مستخدمي الهواتف التي تعمل بنظام أندرويد في 21 بلدًا على الأقل.

تحت سلطة حزب الله

كان لبنان تاريخيًا مركزاً للجواسيس في الشرق الأوسط. وفي عام 2015، نشرت مجموعة مراقبة الإنترنت "سيتيزن لاب" أدلة على أن المديرية العامة للأمن العام استغلت فين فيشر، تاجر برامج التجسس الذي استخدمت أدواته لاختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالعديد من المنشقين في أفريقيا والشرق الأوسط.

ربما الكلام إلى الآن يبدو عاديًا، ما دام يتناول جهازًا أمنيًا. إلا أن ما يميز المديرية العامة للأمن العام اللبناني هو سيطرة حزب الله على مفاصلها، وذلك من خلال اللواء عباس إبراهيم، المدير العام للأمن العام، المقرب جدًا من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، أحد طرفي الثنائي الشيعي الذي يتحكم اليوم بمفاصل الدولة اللبنانية كلها، وبمتابعة لصيقة من حزب الله.

والجدير بالذكر هنا الدور المهم الذي اضطلع به ابراهيم نفسه، بمباركة من حزب الله، في التفاوض مع مجموعات إرهابية في سوريا لإطلاق سراح مخطوفين لبنانيين، تبين في ما بعد انتماؤهم إلى حزب الله، أو لإتمام عمليات تبادل أسرى بين حزب الله وجبهة النصرة في سوريا.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن "واشنطن بوست".