«إيلاف» من القاهرة: بعد انسحاب المرشحين المحتملين، خالد علي، وأحمد شفيق، واعتقال رئيس أركان الجيش الأسبق سامي عنان، بسبب إعلان اعتزامه الترشح، لم يبقَ في المنافسة على كرسي رئاسة الجمهورية في مصر، سوى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يبدو أنه سيخوض الانتخابات منفردًا. فهل يجيز الدستور المصري ذلك؟

تقول المؤشرات في مصر، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، سيخوض انتخابات الرئاسة منفردًا، بعد غياب المنافسين المحتملين له.

وعوّل المراقبون على رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان، في إضفاء سخونة على أجواء الانتخابات الرئاسية، بعد إعلان اعتزامه الترشح في 18 يناير الجاري، لكن القوات المسلحة اعتبرت ترشحه خرقًا للقانون، واتهمته بالتزوير، والوقيعة بين الجيش والشعب، وألقت قوات عسكرية القبض عليه، ويخضع حاليًا للتحقيق أمام النيابة العسكرية، وأصدر المدعي العام العسكري قرارًا بحظر النشر في القضية التي تحمل رقم 1 لسنة 2018.

وكان عنان قد أعلن في كلمة نشرت على صفحته الرسمية على فيسبوك ترشحه للرئاسة، وانتقد الأوضاع الداخلية في مصر، وقال مخاطبا الشعب المصري: "أعلن أمامك اليوم أنني قد عقدت العزم على تقديم أوراق ترشحي لمنصب رئيس الجمهورية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات وفق ما هو معلن من قواعد ومواعيد تنظيمية فور انتهائي من استيفائي إجراءات لابد لي كرئيس أسبق لأركان القوات المسلحة المصرية من استيفائها وفقًا للقوانين والنظم العسكرية".

ورغم أن فرص خوضه المنافسة الرئاسية ضئيلة، إلا أن الناشط الحقوقي، خالد علي، أعلن أمس انسحابه من السباق الرئاسي، وقال في مؤتمر صحافي "قرارنا أننا لن نخوض هذا السباق الانتخابي ولن نقدم الأوراق للانتخابات، عاشت مصر وشبابها المناضل".

وأضاف: "منذ الأمس هناك مطالبات بالخروج من العملية التي تسممت تمامًا ومن يطالبنا بالاستمرار، ولم يكن من السهل أن نخون ثقة المواطنين، مشيرًا الى أن "الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية مجحف، وما حدث في الأيام الماضية لا يليق بسمعة بمصر".

وكان خالد علي قد أعلن، في 11 يناير الجاري، أنه سيستمر في سباق الانتخابات الرئاسية، رغم رفضه للجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، مشددًا على أن "أصحاب الحقوق لا يخافون ولا يهربون مهما كانت التحديات ومهما كان بطش السلطة"، على حد تعبيره.

وتراجع الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، عن ترشحه في 7 يناير الجاري، وقال: بالمتابعة للواقع، فقد رأيت أنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة القادمة، ولذلك قررت عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة". وأضاف أنه "يدعو الله أن يكلل جهود الدولة في استكمال مسيرة التكور والانجاز".

وكان شفيق قد أعلن في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات، 29 نوفمبر الماضي، أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلا إنه غير مسموح له بالسفر خارج الإمارات وهو ما نفاه أنذاك، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش.

وبعد انسحاب المرشحين المحتملين، لم يبقَ في السباق سوى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي تقدم بأوراق ترشحه أمس الأربعاء، لكن هل يجيز الدستور المصري له خوض السباق منفردًا؟

ويجيب أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة الدكتور محمد محمود، بالقول لـ"إيلاف"، إن الدستور المصري يجيز للسيسي خوض الانتخابات الرئاسية بدون منافس، ولا يعتبر ذلك استفتاء.

وأوضح محمود أن المادة 36 من قانون الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 تنص على أن "يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدم للترشح مرشح وحيد أو لم يبقَ سواه بسبب تنازل باقي المرشحين، وفي هذه الحالة يعلن فوزه إن حصل على 5% من إجمالي عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين".

وأضاف أن المادة نفسها تنص أيضًا على أنه "إن لم يحصل المرشح على هذه النسبة تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخرى خلال 15 يوما على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة ويجري الانتخاب في هذه الحالة وفقا لأحكام هذا القانون".

ولفت إلى أن ترشح السيسي منفردًا في الانتخابات يصادف صحيح القانون، لكن كان من الأولى والأفضل للنظام ولمصر أن يسمح لمرشحين آخرين بخوض المنافسة، لأن التعددية على أساس الحكم الديمقراطي.

وحسب تصريحات، المتحدث باسم الحملة الانتخابية السيسي، محمد بهاء الدين أبو شقة، فإن "غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية على مرشح واحد لن يغير بأن مصر أمام انتخابات رئاسية وليس استفتاء شعبيًا".

وأضاف أبو شقة في تصريحات له، إن "الحملة تتمنى أن تكون هناك منافسة حقيقية تعددية لعدد من المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة"، مشيرًا إلى أن "تعددية المنافسة تعبر عن المناخ الديمقراطي وخطوة مطلوبة نحو الدولة العصرية".

ولفت إلى أن ترشح السيسي وحده في الانتخابات الرئاسية صحيح وفقًا للقانون والدستور.

وانتقدت خمس منظمات حقوقية مصرية، ترشح السيسي منفردًا في الانتخابات، وقالت إن القبض على المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق وإخفاءه، وذلك على خلفية إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي، يؤكدان أن الانتخابات المقبلة هي مجرد "استفتاء علي تجديد البيعة للرئيس الحالي" على حد تعبيرها.

وأعربت المنظمات الخمس هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، نظرة للدراسات النسوية، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مركز أندلس لدراسات التسامح، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في تقرير لها عن الانتخابات تلقت "إيلاف" نسخة منه، "عن بالغ القلق إزاء التدخل والانحياز الفاضح لكافة مؤسسات وأجهزة الدولة للرئيس السيسي المرشح في الانتخابات الرئاسية، والذي تجلى بشكل فاضح وعنيف مع الفريق سامي عنان"، مشيرة إلى أنه "وبالمثل قضت محكمة عسكرية بسجن العقيد المهندس بالقوات المسلحة أحمد قنصوة لمدة 6 سنوات بعد إفصاحه عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية".

 وأضافت أن هذه "الانتخابات تفتقر للحد الأدنى من المعايير والضمانات"، وطالبت المنظمات الدولية بعدم إرسال بعثات للمراقبة، حتى تستخدمها الحكومة المصرية لإضفاء شرعية على إجراء صوري، حتى في نظر الرئيس نفسه.

وبدأت الهيئة الوطنية للانتخابات في تلقي أوراق المرشحين في 20 يناير، وتستمر حتى 29 يناير الجاري. وتجرى الانتخابات بين 26 و28 مارس، على أن تجري جولة الإعادة بين 24 و26 أبريل، في حالة عدم حصول مرشح على أكثر من 50 % من الأصوات في الجولة الأولى.