في ظل توتر ملحوظ بين البلدين، بسبب ملفات سد النهضة الأثيوبي، ومثلث حلايب وشلاتين، ومنح جزيرة سواكن بالبحر الأحمر لتركيا، تسعى مصر والسودان رسميًا إلى احتواء هذا التوتر. 

إيلاف من القاهرة: على هامش القمة الإفريقية، عقد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والسوداني عمر البشير، لقاء اتفقا خلاله على تشكيل لجنة وزارية بين الجانبين للتعامل مع كافة القضايا الثنائية وتجاوز جميع العقبات التي قد تواجههما.

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، بسام راضي، إن السيسي والبشير أجريا، محادثات ثنائية على هامش أعمال القمة الإفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أباب، مشيرا إلى أن "اللقاء اتسم بالأخوية والمصارحة والمكاشفة".

تعزيز التعاون

وأضاف في تصريحات له أن السيسي شدد "على خصوصية وقوة العلاقات المصرية السودانية والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين على كافة المستويات".

وأكد "مواصلة جهود تعزيز التعاون بين الدولتين وحرص مصر على التشاور والتنسيق المتواصل مع السودان الشقيق حيال مختلف الموضوعات والملفات، لاسيما في ضوء التحديات المشتركة التي يفرضها الوضع الإقليمي الراهن"، مشيرًا إلى أن "الرئيس البشير أكد خلال اللقاء على ما يجمع شعبي وادي النيل من تاريخ مشترك ووحدة المصير"، مشدداً على "حرص بلاده على تطوير التعاون الثنائي مع مصر على كافة الأصعدة".

كما أعرب الرئيس السوداني "عن تقديره لحرص مصر على التشاور مع السودان"، مشيرًا إلى "ما يعكسه ذلك من عمق العلاقات التاريخية الخاصة التي تربط بين البلدين.

ولفت إلى أن "التحديات الناتجة عن الأوضاع الإقليمية الراهنة تحتم على البلدين مواصلة التنسيق المكثف بينهما، بما يساهم في تحقيق مصالحهما المشتركة".

وذكر راضي أنه خلال "اللقاء تباحث الجانبان مختلف جوانب العلاقات الثنائية وسبل الدفع قدما بالتعاون بين البلدين، واتفق الرئيسان على تشكيل لجنة وزارية بين الجانبين للتعامل مع كافة القضايا الثنائية وتجاوز جميع العقبات التي قد تواجههما".

 كما أكد الرئيسان، "أهمية مواصلة التنسيق والتشاور المكثف من أجل ترسيخ التعاون خلال الفترة القادمة والعمل على إعطاء قوة دفع جديدة للعلاقات في كافة جوانبها تحقق نقلة نوعية تلبي طموحات الشعبين الشقيقين".

علاقة مقدسة

كما التقى وزيرا خارجيتي البلدين، المصري سامح شكري والسوداني إبراهيم غندور، وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد، في بيان له، إن " شكري وغندور اتفقا على ضرورة الحفاظ على العلاقات الثنائية بين البلدين وعدم الانسياق خلف أي شائعات أو معلومات مغلوطة قد تسيء إلى تلك العلاقات، كما أكدا على المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق وسائل الاعلام في البلدين، وضرورة تجنبها لأي مظاهر للإساءة، مؤكدين على الاحترام الكامل للقيادة السياسية في البلدين".

وقال شكري، في تصريحات صحافية إن "العلاقات المصرية السودانية، كما يصفها الوزير غندور، علاقة مقدسة، ونعمل على أن تظل بهذا الشكل وتحقق مصالح الشعبين". وأضاف: "تحدثنا عن مجمل العلاقات الثنائية وأي سوء فهم يطرأ عليها فعلينا أن نبذل الجهد سويا لإزالته ووضع العلاقة دائما في المسار التصاعدي المؤدي إلى مصلحة الشعبين".

من جانبه، أكد غندور أن السودان ومصر بلدان شقيقان تربط بينهما علاقات تاريخية. وقال: "بين الأشقاء والجيران ربما تحصل بعض الخلافات وبالتالي مهمتنا أن نعمل على احتواء أي خلافات تحدث، واتفقنا على أن نعمل معًا من أجل احتواء أي ما يمكن أن يعكر صفو هذه العلاقة، وسنعمل معا من أجل أن ترتقي هذه العلاقة إلى ما نرغب فيه ونتطلع إليه".

وأضاف غندور: "ناقشنا كل التفاصيل واتفقنا على أن يكون الإعلام في كلا البلدين عاملا إيجابيا في هذه العلاقة التي أصفها دائما بأنها علاقة مقدسة ولكن في بعض الأحيان حتى في المقدس ربما تحدث بعض الإشكالات". 

وبدوره، قال شكري: "بالتأكيد علينا أن ننصح ونرشد الإعلام إلى تناول قضايا العلاقات بين البلدين بشكل موضوعي وبشكل يعزز هذه العلاقة. والرئيس عبدالفتاح السيسي أكد في العديد من المناسبات على رفضه التام لأي قدر من الإساءة ليس فقط إلى القيادات ولكن أيضا الشعوب خاصة الشعب السوداني الشقيق".

خلافات

وتشهد العلاقات المصرية السودانية الكثير من التوتر مؤخرًا، بسبب الخلاف حول مجموعة من الملفات، ومنها: سد النهضة الأثيوبي، ومثلث حلايب وشلاتين، ومنح جزيرة سواكن السودانية بالبحر الأحمر إلى تركيا، لإقامة قاعدة عسكرية.

وبلغ التوتر ذروته، عندما سحب السودان سفيره بمصر، "للتشاور"، وشن مسؤولون سودانيون هجمات على مصر، منهم وزير الخارجية إبراهيم غندور، والسفير السوداني بمصر، واتهم السودان مصر بحشد قوات العسكرية على الحدود بين البلدين، كما اتهمه بالتنسيق العسكري مع أريتريا ضده.

وأغلق السودان حدوده الشرقية بين ولاية كسلا وإريتريا، ونشر الآلاف من عسكرييه في المنطقة عقب إعلان الرئيس السوداني حالة الطوارئ هناك فيما شكل والي كسلا آدم جماع لجنة عليا للتعبئة والاستنفار.

وتنفي مصر هذه الاتهامات، وقال السيسي في تصريحات له: "في الأيام الأخيرة، قيل كلام عن أن مصر يمكن أن تتدخل أو تتآمر، وأتحدث للمصريين وأقول للسودانيين والإثيوبيين: مصر لا تتآمر ولا تتدخل في شؤون أحد، ونحن حريصون على العلاقات الطيبة، ويكفي ما شهدته المنطقة خلال السنوات الماضية".

وأضاف الرئيس المصري: "تعالوا نبحث عن السلام والبناء والتعمير والتنمية، لأن شعوبنا تحتاج إلى ذلك، ليست في حاجة إلى حروب مع أشقائها... لسنا مستعدين لأن ندخل في حروب مع أشقائنا، وشعوبنا أوْلى بالأموال التي تنفق على الحروب والخلافات".