نصر المجالي: مع الاستعدادات في ليبيا على قدم وساق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون العام الحالي، فإن سيف الإسلام القذافي الطامح لإقامة "الجماهيرية الثانية" صار يشكل عامل انقسام في الساحة الليبية بين مؤيد ومعارض حول ترشيحه للرئاسة. 

وفي رد واضح على انتقاد رجل ليبيا القوي خليفة حفتر للحديث عن ترشيح سيف الإسلام، قال رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إن من حق نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الترشح في الانتخابات الرئاسية ما لم يكن هناك مانع قضائي يحول دون ذلك.

وقال صالح في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، بسؤاله عن الأنباء المتداولة عن نية القذافي الترشح للرئاسة: "لقد أصدرنا قانون العفو العام والعفو السياسي، وأي مواطن ليبي ليست عليه قيود قضائية من حقه أن يترشح، بمن فيهم سيف الإسلام القذافي".

وتابع: "بصرف النظر عن شعبيته، الصندوق هو الذي يقرر".

مطلوب للاهاي

وكان أطلق سراح سيف الإسلام القذافي في يونيو 2017، بعدما احتجزته إحدى الميليشيات منذ عام 2011، لكنه لا يزال مطلوباً لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وتسعى هيئة الدفاع هذه الفترة إلى إسقاط هذه التهم عنه.

وفي مؤتمر صحافي عقد بتونس قبل شهرين، قال محامي أسرة القذافي خالد الزايدي، إن "سيف الإسلام يتمتع بصحة جيدة ويتابع التطورات في ليبيا عن كثب، وهو يشتغل بالعملية السياسية انطلاقا من قاعدته في ليبيا مع القبائل والمدن وصناع القرار".

حفتر ينتقد

وكان قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، قد انتقد في أكثر من حوار صحفي طرح ترشح، سيف الإسلام القذافي، إلى الرئاسة، وقال إنه محتجز، بسبب ما وصفه "محاولة البعض استغلاله ومساومته".

وقال حفتر في مقابلة مطولة أجراها مع مجلة (جون أفريك) الفرنسية: "لا يزال العديد من السذج للأسف، يعتقدون أن سيف الإسلام، يمكن أن يكون حلا". وتابع قائلاً "هو (سيف الإسلام)، الآن سجين، نود الإفراج عنه في أقرب وقت ممكن، لكن البعض يسعى إلى مساومته واستخدامه لأغراض أخرى".

وكان حفتر أدلى بحوار سابق لنفس المجلة الفرنسية، وتحدث عن سيف الإسلام أيضًا، ووصفه بالرجل "المسكين"، وهو ما نفاه في وقت لاحق، وهدد بمقاضاة الصحافي الذي أجرى معه الحوار.

ويشار إلى أنه مع بدء الإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية المنتظرة في ليبيا هذا العام، يرى أنصار النظام السابق أنفسهم أمام فرصة جديدة للعودة إلى أيامهم السابقة، ومع وجود سيف الإسلام القذافي إلى جانبهم، رغم أنه مازال مختبئا، فإن رؤية قذافي جديد يحكم البلاد حلم قد يتحقق.

موالو القذافي 

وقال تقرير لـ(العربية نت) إنه استعدادًا لذلك، بدأت مختلف القبائل الليبية الموالية للنظام السابق داخل البلاد وأنصار القذافي من المهجرين خارج البلاد، هذه الأيام، اجتماعات مكثفة من أجل التخطيط للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ومناقشة الأسماء المرشحة للبرلمان والرئاسة.

ويقول أشرف عبد الفتاح، عضو المجلس الأعلى للقبائل الليبية، إن "هناك اجتماعات يومية تعقد بين أعيان القبائل من أجل الاتفاق على قائمة نهائية لترشيحها في الانتخابات التشريعية"، مؤكدا وجود توافق على الدفع بسيف الإسلام القذافي كمرشح للانتخابات الرئاسية، والذي يجمع كل أنصار النظام السابق أنه "أهم شخصية قادرة على النجاح في الانتخابات وإدارة البلاد، خاصة بعد أن فتحت الأمم المتحدة الباب أمام كل الأطياف السياسية للمشاركة في الانتخابات المنتظرة".

فتح البوابات

وكان غسان سلامة، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، أعلن أن العملية السياسية الجديدة ستفتح الباب أمام "المنبوذين والمهمشين، وأولئك اللاعبين الذين منعوا من الانضمام إلى العملية السياسية"، في إشارة إلى أنصار النظام معمر القذافي، وكان هذا القرار بمثابة الخطوة التي حمّست المجموعة على العمل للعودة إلى المشهد السياسي الجديد والمشاركة في عملية استعادة السلام إلى ليبيا، وجعلتها تخطط للدفع بقذافي آخر لقيادة البلاد.

ولا يستبعد المحلل السياسي الليبي سامي عاشور إمكانية ظهور سيف الإسلام القذافي في الفترة القادمة، "لأن عمله السياسي لا يمكن أن يستمر في الخفاء لفترة طويلة، كما أن تأخير ظهوره وإعلانه عن خطته لانتشال ليبيا من الفوضى الغارقة فيها ليس في صالحه وفي صالح أنصاره". 

وأوضح عاشور أن "العبث الذي وصلت إليه ليبيا اليوم دفع بالجميع إلى البحث عن طوق نجاة والمتمثل في ضرورة ظهور سيف الإسلام ولمّ الشمل من شتات دولة إلى دولة".