بيروت: جددت قوات النظام السوري قصفها الأحد على الغوطة الشرقية، وإن بوتيرة اقل من الأيام الماضية، رغم قرار تبناه مجلس الأمن الدولي مساء السبت يطلب هدنة "من دون تأخير" في محاولة لوضع حد لهجوم أوقع أكثر من 500 قتيل مدني خلال أسبوع من القصف على هذه المنطقة المحاصرة.

وبعد أيام من المفاوضات الشاقة والتعديلات في الصياغة، أصدر مجلس الأمن الدولي السبت قراراً يدعو إلى وقف إطلاق نار "من دون تأخير" في سوريا لثلاثين يومًا بهدف إفساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى والمرضى.

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالقرار، لكنه شدد على وجوب تنفيذه "بشكل فوري" مذكراً جميع الأطراف "بواجبهم المطلق" في حماية المدنيين.

رغم ذلك، واصلت قوات النظام الأحد الغارات وعمليات القصف على بلدات عدة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، ما أدى إلى مقتل سبعة مدنيين بينهم طفلان وإصابة 27 بجروح الأحد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "استؤنفت عند الساعة السابعة والنصف صباحًا الغارات الجوية بغارتين على منطقة الشيفونية في ضواحي دوما"، كما أفاد عن سقوط صواريخ وقذائف على ثلاث بلدات في الغوطة الشرقية.

وأفاد مراسلان لوكالة فرانس برس في الغوطة الشرقية عن سماع غارات جوية وقصف مدفعي. لكن عبد الرحمن أشار إلى أن "وتيرة الغارات والقصف أقل من الأيام الفائتة".

كما أوضح أن "هناك اشتباكات في منطقة المرج في جنوب الغوطة بين قوات النظام وجيش الاسلام وقصفا صاروخيا على حرستا"، مشيرًا إلى أن معارك من هذا النوع تدور يوميًا على الجبهة. 

"يقظون للغاية"

ويجري الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية أنغيلا ميركل محادثات هاتفية الأحد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحليف الأساسي لنظام دمشق، للحض على "تنفيذ هذا القرار وخريطة الطريق السياسية المطلوبة لتحقيق سلام دائم في سوريا"، بحسب بيان صادر عن قصر الإليزيه.

وإذ وصف قصر الإليزيه القرار الدولي بأنه "خطوة اولى ضرورية"، حذر "سنكون يقظين للغاية خلال الساعات والأيام المقبلة بشأن تطبيقه العملي" مؤكدًا أنه "من الواجب احترام" الهدنة و"يجب أن تتمكن القوافل الإنسانية من الوصول بدون إبطاء إلى البلدات الأكثر تضررا جراء أعمال العنف وانقطاع (المواد الغذائية والأدوية)، ويجب أن تطبق عمليات الإجلاء الطبية العاجلة بدون عوائق".

ودعا البابا فرنسيس الاحد الى وقف فوري للعنف في سوريا والسماح بايصال المساعدات الانسانية. وأعلن فصيلان مقاتلان بارزان يسيطران على الغوطة الشرقية التزامهما باحترام القرار.

وأكد "جيش الاسلام"، أكبر فصائل المنطقة، في بيان تعهده "بحماية القوافل الانسانية التي ستدخل الى الغوطة" الشرقية، مضيفًا "مع التأكيد على احتفاظنا بحق الرد الفوري لأي خرق" قد ترتكبه القوات النظامية.

وفي بيان منفصل، اكد فصيل "فيلق الرحمن" على "التزامنا الكامل والجاد بوقف اطلاق نار شامل وتسهيل ادخال كافة المساعدات الاممية الى الغوطة الشرقية" لافتًا الى "حقنا المشروع في الدفاع عن النفس ورد أي اعتداء".

ويتضمن القرار الدولي استثناءات لوقف اطلاق النار تتعلق بالمعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية وتنظيم القاعدة، في اشارة الى هيئة تحرير الشام.

 وبطلب من موسكو شملت الاستثناءات أيضا "افرادًا آخرين ومجموعات وكيانات ومتعاونين مع القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية وكذلك مجموعات ارهابية اخرى محددة من مجلس الامن الدولي".

وهذه الاستثناءات يمكن ان تفسح المجال امام تفسيرات متناقضة، حيث ان دمشق تعتبر فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من الغرب "ارهابية"، كما لفت مراقبون، ما يهدد الاحترام الكامل لوقف اطلاق النار.

وقال السفير السويدي اولوف سكوغ الذي طرح مشروع القرار مع نظيره الكويتي منصور العتيبي "انه ليس اتفاق سلام حول سوريا، النص هو محض انساني". وقد تطلب إقراره اكثر من 15 يومًا من المفاوضات للحصول على موافقة روسيا، حليفة نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وتستهدف قوات النظام منذ الأحد الماضي الغوطة الشرقية بالغارات والقصف المدفعي والصاروخي الكثيف. ويتزامن التصعيد مع تعزيزات عسكرية في محيط الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، تُنذر بهجوم بري وشيك.

ولم يبدِ سكان الغوطة أي تفاؤل بصدور قرار الأمم المتحدة. وقال ابو مازن أحد سكان مدينة دوما "لا يمكننا الوثوق لا في روسيا ولا في النظام، اعتدنا غدرهم (...) لا أعتقد أن هذا القرار سيطبق".

وتابع "كثيرًا ما سمعنا هذه الشروط في الماضي: دخول المساعدات ووقف عمليات القصف لأننا في منطقة خفض التوتر"، لكن الطيران كان يشن غارات كل يوم، وكان هناك قتلى كل يوم".